وصل وفد عن المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، أمس، إلى العاصمة نيامي ضمن محاولة أخرى للتوصل الى تسوية دبلوماسية للوضع المتفجر في النيجر أساسها حمل قادة الانقلاب على إعادة النظام الدستوري وتمكين الرئيس المحتجز، محمد بازوم، من استئناف مهامه الرئاسية على رأس الدولة في هذا البلد من منطقة الساحل الإفريقي. حلّ وفد الوساطة في نيامي غداة حسم الايكواس لموقفها من مسألة التدخل العسكري، حيث جدّدت استعدادها باللجوء إلى القوة في حال استنفاذ الحلول السياسية والدبلوماسية الرامية لإعادة النظام الدستوري في النيجر. وقالت خلية الاتصال على مستوى المجلس العسكري "لحماية الوطن" الذي نصبه الانقلابيون أن الوفد يقوده رئيس نيجيريا الأسبق، عبد السلام أبو بكر، الذي سبق وأن زار في الثالث أوت الجاري نيامي لكنه لم يتمكن من لقاء قائد الانقلابيين الجنرال عبد الرحمان تياني، ولا بالرئيس المخلوع محمد بازوم. وعاد مثله مثل الوفد المشترك الذي ضم الايكواس والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة خاوي الوفاض بعد رفض قادة الانقلاب استقبالهم في نيامي بحجة الوضع الأمني غير مستقر ولا يسمح باستقبالهم. وبحسب مصدر مقرب من الايكواس، فإن هذا الوفد يسعى لنقل "رسالة صارمة" إلى العسكريين في نيامي ولقاء الرئيس بازوم الذي لا يزال قيد الاحتجاز بالقصر الرئاسي. وكان مفوض الايكواس المكلف بالشؤون السياسية للأمن والسلم، عبد الفتاح موسى، قال في اختام الاجتماع الثاني الذي عقدته المنظمة الإقليمية حول النيجر على مدار يومان في عاصمة غانا، أكرا، أن الهدف من إرسال هذا الوفد الى نيامي هو "الاستمرار في نهج السبيل السلمي لإعادة النظام الدستور". لكنه جدد بالمقابل استعداد الايكواس للتدخل عسكريا متى تم الأمر بذلك ضمن خيار تروج المنظمة الإقليمية إلى أنه سيكون سريع وحاسم ولا يشكل حربا على النيجر. وهو ما يطرح التساؤل حول كيفية تنفيذ مثل هذا التدخل العسكري السريع والحاسم لإعادة النظام الدستوري دون أن يشكل ذلك حربا على النيجر كما تقول الايكواس ودون أن ينجر عن مثل هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر تبعات وخيمة ليس فقط على النيجر وإنما على كل المنطقة. مثل هذا التساؤل يبقى مطروحا وكل تجارب التدخل العسكري السابقة التي روّج مهندسوها بأنها ستكون "جولة أسبوع" أو "نزهة لأسبوع" كما حدث في العراق وقبلها أفغانستان وأيضا ليبيا وغيرها من بؤر التوتر عبر العالم، دامت لسنوات بل لعقود دون أن تحل عقدها بلغة الرصاص. فكيف ستتمكن الاكواس من إعادة النظام الدستوري في النيجر بالقوة وفي ظرف وجيز وعلى ماذا ومن ستعتمد في تنفيذ هذا الخيار المحفوف بالمخاطر والذي ترفضه عدة دول في المنطقة وحتى المجموعة الدولية نفسها غير متحمسة له باستثناء فرنسا التي تدعم بقوة المنظمة الاقليمية في مسألة العملية العسكرية. ولفرنسا طبعا مبرراتها في دعم التدخل العسكري باعتبار أنها الخاسر الأول من الانقلاب الحاصل في النيجر الذي تسبب في فقدها لواحد من أهم وآخر حلفائها في المنطقة وهو الرئيس محمد بازوم. والمثير أن صحيفة "لوموند" فجرت أمس، مفاجأة من العيار الثقيل كشفت من خلالها أنه طلب من باريس خلال الساعات الأولى التي أعقبت الانقلاب العسكري في النيجر في 26 جويلية الماضي تقديم دعمها لتدخل محتمل لجيش النيجر لإطلاق سراح بازوم. وبحسب الصحيفة الفرنسية التي نقلت هذه المعلومة عن مصادر مقربة من الملف لم تكشف عن هويتها، فقد تم تقديم طلب دعم لفرنسا لتدخل عسكري لجيش النيجر لتحرير الرئيس المحتجز، غير أن معدي هذا الطلب غيروا موقفهم بعد التحاق المؤسسة العسكرية بالحرس الرئاسي منفذ عملية الانقلاب من دون أن تحدد هذه المصادر نوعية الدعم الذي طلب من باريس تقديمه. يذكر أنه بعد أيام قليلة من حدوث الانقلاب، اتهم الضباط فرنسا التي تنشر نحو 1500 جندي من قواتها في النيجر، بمحاولة التدخل عسكريا في بلادهم. وقالوا إن فرنسا وبتواطؤ مع بعض النيجريين، عقدت اجتماعا في أركان الحرس الوطني النيجري للحصول على التراخيص السياسية والعسكرية اللازمة.