ما من زائر تطأ قدماه مركز مدينة برج الكيفان الساحلية، إلا ويمر بشاطئ عروس البحر، فرغم أن مساحته صغيرة إلا أنه يستقطب يومياً عدداً هائلاً من المصطافين والزوار العابرين، الذين تشدهم أماكن استجمامية يصنعها البساط الرملي الواقع بين جزأين صخريين وكاسرات أمواج تمتد بوسطها طريق خرسانية ترتفع فوق الماء وتستطيل في عرض البحر بعشرات الأمتار، وفي الحقيقة هو "شويطئ" صغير، لكنه يضفي كل صيف على المكان مسحة جمالية متميزة، ويجلب إليه آلاف المصطافين والراغبين في الاستمتاع بمناظر خلابة. يشهد معظم المواطنين الذين يقصدون هذا الشاطئ أن كاسرات الأمواج التي نصبت به زادته جمالاً وإقبالاً، كون العديد من الوافدين يتخذون من الصخور والفضاءات الخرسانية مكاناً للتمتع بالنسيم العليل، وسماع هدير الأمواج التي تنكسر على الصخور المنحدرة نحو العمق، فتثير رذاذاً يزيد من تلطيف الجو الحار، "إن المكان أشبه بجزيرة وسط الماء"، قال أحد المواطنين الذي وجدناه جالساً أمام زرقة الماء يتصفح جريدة ويرتشف فنجان قهوة، مضيفاً أن شاطئ "عروس البحر" الذي تم تحسينه، بحاجة إلى تنظيم أكثر، كونه يحتل موقعاً استراتيجياً هاماً ويتوسط مدينة تعج بالزوار على مدار السنة. وقال محدثنا إن العديد من رواد المكان لا يحترمون المحيط، ويتعمدون رمي النفايات وسط الصخور وعلى الرمال، مما يشوه منظر المرفق، كما يتخذ بعض الشباب زوايا المكان لتعاطي الكحول والمخدرات، مما يجعل بعض المواطنين يمنعون أبناءهم من ارتياد الطريق الخرساني، لكن أحد سكان برج الكيفان أوضح لنا أن هذه الظواهر موجودة في كل مكان، وأن مخاوف الناس من ذلك لا أساس لها من الصحة، كون مصالح الشرطة لا تغفل عن المكان، خاصة وأنها نصبت حاجزاً أمنياً قبالة الشاطئ. وبالقرب من الشاطئ تصطف بعض المحلات المختصة في الإطعام وبيع المثلجات ولوازم البحر، ولا تقع محطة النقل الحضري إلا على مرمى حجر، مما جعل تدفق المصطافين كبيراً، وذكر لنا صاحب محل للإطعام السريع أن فصل الصيف هو فرصة التجار الذين ينتظرون هذا الفصل لإنعاش تجارتهم، قائلا: "نتمنى لو كانت كل الفصول صيفاً حتى يكثر زبائننا"، مشيراً أنه يقوم بإعداد وجبات صحية، ويملك زبائن أوفياء، وأنه يحرص على نظافة الوسائل والسلع المستعملة، خشية حدوث تسممات، وفي هذا الإطار ذكر لنا أن مصالح المراقبة تزور المحل دورياً "وأننا كتجار نحسب لذلك ألف حساب". لكن هناك ما يخل بجمالية المكان وهو الرمي العشوائي للنفايات والمياه المتسربة نحو الشاطئ، فالمصطافون لا يحترمون المحيط، ويلقون ببقايا الأطعمة والمعلبات في كل مكان، "ولولا أعوان النظافة لأصبح الشاطئ مفرغة كبيرة"، قال أحد الشبان الذي تعود المجيئ الى هذا المكان، مشيراً بيده إلى مكان تسرب المياه المستعملة نحو الشاطئ، مما يشكل حتما خطراً على المصطافين. أصحاب المظلات يمسّون بحقوق المصطافين.. يعترف بعض الأولياء أن شاطئ "عروس البحر" أو "لاسيران" ينال إعجاب الأطفال لملاءمته للسباحة، فمياهه غير عميقة، لكن بعض الشبان وحتى الأطفال يجازفون بأنفسهم، ويأخذون الصخور المترامية على طرفي الشاطئ الصغير مكاناً للقفز داخل الماء، مما يشكل خطراً على حياتهم، وفي هذا السياق أوضح أحد المواطنين أن معظم المغامرين هم من السكان المجاورين، المتعودين على المكان، لكن رغم ذلك فإن الخطر يبقى قائماً. ويطرح بعض المصطافين مشكل احتلال الشباب للأماكن وذلك بنصب المظلات الشمسية باكراً، رغم أن القانون يمنع ذلك، وقد رأينا بعين المكان، أن عشرات الشمسيات تم نصبها قبل أن يتوافد المصطافون، وبرأي أحد المواطنين فإن ذلك يحرم المصطافين من افتكاك مكان لائق، وإذا حاول أحدهم الاقتراب من المظلات، فإن أصحابها يفرضون عليه قانونهم، مطالبين إياه بمغادرة المكان لأنه محجوز، ولذلك يطالب من التقيناهم من الجهات المعنية أن تضع حداً لهذه التصرفات التي تنم عن جشع واعتداء على حقوق المصطافين. "عروس البحر" أكثر رومانسية ليلاً.. ويشهد شاطئ "عروس البحر" ليلاً أجواء أكثر رومانسية من تلك التي يعرفها نهاراً، فالعائلات القاطنة بالجوار لا تتأخر في التنقل نحو الرمال الذهبية التي تفقد حرارتها، وتهدأ مياه البحر، فتصبح أشبه بصفحة مستوية، والشباب هم من يفضل -بالخصوص- الخروج ليلاً إلى هذا المرفق، حسب أحد التجار، الذي أكد أن الحركية المعهودة نهاراً تبقى إلى وقت متأخر من الليل، وأن محلّه يوفر الأكل الخفيف للزبائن الذين لا ينقطعون عن القدوم الى الشاطئ، وبرأيه فإن العديد من الأوفياء للمكان لا يأتونه إلا بعد أن تغرب الشمس ويخيم الظلام، فلا تبقى إلا مصابيح الشوارع والمسالك موقدة، مشيراً أنه لو تقوم مصالح بلدية برج الكيفان بنصب أعمدة الإنارة العمومية وسط الطريق الخرساني، فإن ذلك يكون أجمل وأكثر جاذبية.