❊ الأنوار المحمدية نفع وسعادة في الدارين ❊ لابد من تقديم الصورة المشرقة للدين الإسلامي للآخرين ❊ المولد النبوي فرصة لتجديد العهد مع المواظبة على الطاعة كل العام تحدث محمد عبد الرحمان بسكر، إمام أستاذ مكلف بالتفتيش والتوجيه الديني والتعليم القرآني بجامع الجزائر ومقاطعة زرالدة، ورئيس اللجنة القاعدية لصندوق الزكاة بزرالدة، في تصريح ل«المساء"، بمناسبة المولد النبوي الشريف، عن خصال المصطفى عليه أزكى الصلوات والتسليم، وكيف كانت بعثته نورا للبشرية جمعاء، وكيف كان صبره العظيم لتأدية الأمانة وإيصال الرسالة، موضحا أن اتباع نهجه صمام أمان للمؤمنين جميعا، وأن تربية الأطفال على سيرته حماية لهم من كل المخاطر والفتن، التي باتت تعرفها المجتمعات المعاصرة، كما قدم طرق الاحتفال بهذه المناسبة، وكيف يمكن أن يرفع فيها المؤمن حسناته ويرتقي، داعيا الأئمة والمرشدين إلى العمل على الأحاديث، كما وفقه الله تعالى في "الأربعون مسجدية". عانت البشرية من الجهل والظلام قبل البعثة المحمدية، وهو ما أكده حديث جعفر بن أبي طالب، للنجاش ملك الحبشة: "كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله عز وجل إلينا نبيا ورسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم، والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام والحج من استطاع إليه سبيلا"، الحمد لله، هلت الأنوار المحمدية على الوجود، وحولها قال الشيخ عبد الرحمان بسكر: قال الله تعالى: "لقد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه، ويهديهم إلى صراط مستقيم". إن من الأنوار المحمدية، أن نعلم أن كل ما حصل للأمة المحمدية من نفع وفائدة وسعادة وهداية ورشاد وصلاح وعز وسؤدد، هو بسبب بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي جاء بالقران الكريم، كلام الله تعالى، وقد نجاها به في الدارين، وبعد هذا يمكننا أن نطرح هذا السؤال؛ هل كانت البشرية سيحصل لها كل هذا الخير لو لم يبعث فيها محمد صلى الله عليه وسلم؟!؟! يجيب الشيخ: "إن الله جل وعلا، قد جمع بمحمد صلى الله عليه وسلم الأمة، بعدما تفرقت ورفع شأنها وأخرجها به من الظلمات إلى النور، فالحمد لله على نعمة الإسلام، وعلى نعمة نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم". أخلاق المصطفى.. صورة ناطقة بالسمو والكمال حدثنا الشيخ بسكر عن أخلاق خير البرية، عليه أزكى الصلوات والتسليم، حيث أثنى الله جل وعلا عليه قائلا: "وإنك لعلى خلق عظيم"، يقول: "ما دام أن الله جل وعلا قد وصفه بذلك، فإن أخلاقه عليه الصلاة والسلام، كانت صورة ناطقة بالسمو والكمال، جعلت الناس يدخلون في دين الله أفواجا أفواجا، فإذا بحثت عن حلمه، فهو الذي يجزي بالإساءة إحسانا وبالظلم والعدوان عفوا وغفرانا، وإن سألت عن وفائه بالعهد، فقد كان الوفاء الكامل شأنه عليه الصلاة والسلام في جميع مواقفه، وإن سألتم عن شجاعته، فهو المثل الأعلى للشجاعة الفائقة والبطولة النادرة، وإن سألت عن جوده، فقد كان أجود بالخير من الريح المرسلة والسحب الهاطلة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم". طرحنا السؤال التالي على الشيخ بسكر، إيصال الرسالة لم يكن بالأمر السهل، حدثنا عن صبر النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال محدثنا: "جاء في الحديث أن أشد الناس بلاء؛ الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى المرء على قدر دينه، فإن كان في دينه قوة زيد له في البلاء، ومنذ بعثته عليه الصلاة والسلام، وهو يتعرض للبلاء، هو وأصحابه رضي الله عنهم، ومع ذلك، فقد كان آية في الصبر عليه الصلاة والسلام، لأنه يعلم، بل هو القائل ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يشاكها، وهو القائل من يرد الله به خيرا يصب منه، والبلاء وإن كان شرا في ظاهره، إلا أنه خير لما وراءه من أجر عظيم". تحصين قلوب الأبناء بالرقابة الإلهية والسيرة النبوية حماية لهم وحيال السؤال التالي، كيف يمكن تربية النشأ على نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم وحمايتهم من الأخطار التي تهددهم؟ قال الشيخ بسكر: "نحن في زمن كثرت فتن الشبهات والشهوات، فعلينا أن نحصن أولادنا -ذكورا وإناثا- بربط قلوبهم أولا بالرقابة الإلهية، ثم بحبهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم، وأن نغرس فيهم فكرة أن المسلمين منذ القديم، لم يصلح حالهم، ولم تكن لهم نهضة وتقدم، حتى تمسكوا بكتاب ربهم عزوجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأخلاق الإسلام، لابد على كل أسرة أن يكون في بيتها، إضافة إلى المصحف الشريف، كتاب في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مع الفوائد المستنبطة من كل مرحلة من مراحل حياته، يجلس الأب مع أبنائه وبناته، يقرأ لهم منه ويحببهم في نبيهم الذي بعث، رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم... كذلك تفعل الأم أيضا ولا شك أن هذا تطعيم ضد أمراض الجفاء، وهجر طريق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومنهجه". دروس السيرة لابد أن تعطر شهر الأنوار والاحتفال على كل المستويات فيما يخص طريقة الاحتفال بمولد خير البرية، صلى الله عليه وسلم، قال الشيخ عبد الرحمان بسكر: "مولد السراج المنير نور ورحمة للعاملين، قال الله تعالى: "يا أيها النبي، إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا". وعن أبي أمامة رضي الله عنه، قال؛ قلت يا نبي الله، ما كان أول بدء أمرك؟ قال صلى الله عليه وسلم: "دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منها قصور الشام، "فيكون الاحتفال بمولده عليه أفضل صلاة وأزكى سلام، بالفرح والابتهاج والسرور بهذا اليوم، الذي أنار للكون ظلمته وأعاد للأرض زخرفها وللسماء جمالها ورونقها ... فيكون الاحتفال به على كل المستويات، فعلى مستوى الدولة، جعله يوما مشهودا بأن تقف مؤسساتها، خاصة التعليمية منها، وقفة احترام وتقدير لنبي الرحمة، وقائد الإنسانية ومعلم الناس الخير وعلى مستوى الدول العربية والإسلامية، أن تجعل منه وقفة توحيد لها وتقارب وتعاون". وأضاف قائلا: "وعلى مستوى الفرد، بأن يجدد العهد معه صلى الله عليه وسلم في طاعته في كل ما أمر، وينتهي عن كل ما نهاه عنه، وأن لا يكون هذا في يوم ميلاده فحسب، بل يكون ديدنه طول العام، وعلى مستوى المجتمع وقفة تناسي الأحقاد والضغائن وتجديد الحب في الله ... وعلى مستوى المسلمين والمسلمات الذين يعيشون في بلاد الغرب، بأن يلتزموا أن يكونوا سفراء نبيهم صلى الله عليه وسلم، القائل؛ بلغوا عني ولو آية، وأن يحسنوا السفارة فيقدموا لغير المسلمين الصورة المشرقة للدين الحق، حتى يكونوا خير دعاة لدين خير أمة أخرجت للناس، هي أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم". أما على مستوى المساجد، فقال الشيخ بسكر: "لابد أن لا تخلو ليلة من ليالي شهر الأنوار ربيع الأول، إلا وقد ألقى فيها الإمام درسا من دروس السيرة العطرة لخير خلق الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم... وأن تنظم فيها مسابقات بجوائز معتبرة، تخليدا لهذه الذكرى العزيزة على قلب كل محب ومحبة ومشتاق ومشتاقة". "الأربعون النبوية" في ذكر بعض الأخبار والأحاديث والشمائل عن الأنبياء والمرسلين طرحنا على الشيخ السؤال التالي، قدمت أربعين حديثا مسجدية، وطلبت من الأئمة والمرشدات العمل على نهجك، كيف كان العمل؟ وكم أخذ منك وقتا في التحضير؟ وماذا تعتزم تقديمه خلال الأيام القادمة إن شاء الله؟ فقال: "من توفيق الله تعالى لي، بعد أن أديت حجة الإسلام العام 1440ه، والدعاء من خيري الدنيا والآخرة في الأماكن الطاهرة التي يستجاب فيها الدعاء في الحرمين الشريفين، كيوم عرفة في صعيد عرفات وبجوار الكعبة المشرفة والروضة الشريفة، هو جمع وترتيب وتبويب أربعين حديثا، تخص أحب البلاد إلى الله تعالى، المساجد والجوامع، بيوت الله تعالى في الأرض؛ بناؤها، توسيعها، تجهيزها، صيانتها، ترميمها، تنظيفها، تنزيهها عما لا يليق بها، الصلاة فيها ونشر العلم، والتحلي بالآداب والأخلاق الفاضلة فيها.. وأنا أرويها -ولله الحمد- بالسند المتصل إلى خير البرية صلى الله عليه وسلم، عن شيوخي، أهل الحديث الشريف، وقد نلت شرف قراءتها على المصلين من على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم الجمعة 18 من شهر ربيع الأول1441ه، الموافق ل 15 من شهر نوفمبر 2019، في مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالرايس حميدو بالجزائر العاصمة، فهذه الأحاديث متعلقة بما ينبغي على كل مسلم ومسلمة فعله أو تركه تجاه بيوت الله تعالى، ويمكن أن تكون مرجعا لإخواني الأئمة وأخواتي المرشدات في دروسهم، لعلهم ينسجون على منوالها -إن شاء الله- فيخدمون بها الدين والوطن والبلاد والعباد". وفيما يخص الوقت الذي أُنجز فيه العمل، قال الإمام بسكر: " لقد كانت لدي مراسلات عديدة داخل البلاد وخارجها، بعد أن أكملت كتابة تلك الأحاديث، لعرضها على المشايخ والأئمة والدكاترة، لإبداء آرائهم ووضع مقدمات توطئة وتقريظا للكتاب… فلعل العمل أخذ مني قرابة ستة أشهر...على ما أذكر، نسأل الله تعالى أن يبارك في أعمالنا وصحتنا وأوقاتنا... آمين. أما فيما يخص ما يعتزم القيام به، بعد "الأربعون مسجدية" قال الشيخ: "إن شاء الله - فهو طبع كتابي: "الأربعون النبوية" في ذكر بعض الأخبار والأحاديث والشمائل عن الأنبياء والمرسلين خير البرية، عليهم الصلاة والسلام... وهو كتاب يضم بعض ما جاء عن أنبياء الله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام، ألتمس من إخواني وأخواتي القارئين والقارئات لصفحات جريدتنا الغراء "المساء"، الدعاء لي بالتوفيق والسداد .. والله ولي التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم وزد وبارك وأنعم على نبينا محمد وعلى المناسبات الدينية والأعياد عند كثير من العائلات الجزائرية، مرادفة للدعوات والتجمعات العائلية، هذه الأخيرة التي لا تكون إلا بتحضير غذاء منزلي تقليدي، يعكس الروح العائلية التي تجمع الأقارب والأحباب وكذا الأصدقاء، لتقاسُم المأكولات؛ إذ يرمز كل صنف منها إلى عادة وتقليد معيّن يختلف باختلاف المنطقة. ولكبر مساحة الجزائر وشساعتها تزخر، هي الأخرى، بكثير من الأصناف من المأكولات التي ينافس بعضها البعض من حيث المذاق، وكيفية التحضير. والمولد النبوي الشريف واحد من المناسبات الدينية التي لا يفوّتها أبدا كثير من العائلات الجزائرية، التي تحييها من خلال تنظيم وجبة عشاء، خاصة على شرف الاحتفال بمولد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، والتي غالبا ما تكون بتحضير وجبة تقليدية؛ شخشوخة، أو كسكسي، أو رشتة، أو غيرها من الأطباق التي لا تُعد ولا تُحصى، في حين تفضل العائلات "الأكثر حداثة"، الأطباق العصرية؛ بين الغراتان، أو الدجاج في الفرن مع الخضار، أو الحريرة والبوراك، أو بعض الأطباق الجانبية، المهم أن يخرج العشاء عن العادات اليومية، وأن يكون خصيصا لهذه الاحتفالية العظيمة. ولا يكتمل بالنسبة للبعض الآخر اليومُ إلا بسهرة جميلة حول المائدة، تحمل بعض الحلويات وكذا المعجنات التقليدية؛ كالمقروط، والقريوش، والمبرجة وغيرها، إلى جانب السفنج، والبغرير، والمسمن، وكلها من العادات الراسخة في كثير من العائلات التي مسها استطلاع المساء، والتي أكد أصحابها ميولهم نحو تحضير دعوة خاصة خلال هذا اليوم، وضيافة بعض أفراد العائلة، وكذا الأقارب والأصدقاء لمشاركة فرحة هذه الليلة الجميلة. جدير بالذكر أن طبيعة الحياة اليومية والعملية التي تعيشها الأسر الجزائرية التي تجد رجالها ونساءها ساعين نحو لقمة العيش لتحقيق الحاجيات والمستلزمات، جعلت من الصعب على الكثيرين إحياء كل العادات والتقاليد. وأصبحت هذه الأخيرة تختفي من قاموس بعض المنازل؛ بحكم ما تفرضه "سرعة الحياة"، إلا أن آخرين يسعون جاهدين إلى إحيائها، والتضحية بالجهد أو المال لتنظيم تلك المناسبة، وهذا ما يدفع ببعض العائلات التي ترغب في ذلك، إلى التوجه نحو بعض متعهدي الطعام، والدفع مقابل خدمة تحضير وجبة كاملة، تكون الطلبية تتماشى والاحتفالية، هذا ما أكدته م.فراح صاحبة محل "الأفراح" ببلدية باب الزوار، مختصة في تحضير جميع الأكلات التقليدية، عارضة في محلها البسيط وسط البلدية، عددا من الحلويات التقليدية، وأخرى عصرية، إلا أن على هامش كل ذلك، تحضَّر أكلات تقليدية عند الطلب، حيث أشارت إلى أن عملها ينتعش خلال هذا النوع من المناسبات الدينية؛ على غرار المولد النبوي الشريف، وعاشوراء، وأول محرم، وغيرها من الاحتفالات، موضحة أن الطلبيات تصلها قبل أسبوعين تقريبا من المناسبة. وتحاول جاهدة تلبية رغبات كل الزبائن؛ قالت: "إن أكثر الزبائن نساء عاملات، يتعذر عليهن تحضير الوجبة التي قد تأخذ يوما كاملا، لا سيما إن لم تصادف تلك الاحتفالات عطل نهاية الأسبوع، الأمر الذي يستحيل على المرأة العاملة القيام به، إلى جانب الرجال غير المتزوجين والذين لديهم أمهات كبيرات في السن، فقد تكون عاجزة عن الوقوف لتحضير تلك المأكولات، لكن لدى أهل البيت الرغبة الملحة في الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم الجميلة. من جهة أخرى قالت حياة، عاملة بمحل "الشروق" ببلدية حسين داي والتي تتخصص في تحضير "المعجنات التقليدية"، إن الطلبية خلال هذه المناسبات تزداد على المسمن، والبغرير، وكذا السفنج، التي يعشقها تقريبا جميع الجزائريين، والتي يمكن أكلها صباحا وكذا مساء مع الحليب أو القهوة وحتى الشاي. وتجمع تلك المعجنات التقليدية العائلات نحو مائدة واحدة خلال الاحتفالات الدينية. وتقول محدثتنا: "كل الطلبيات اللازمة تكون جاهزة قبل يوم واحد، خاصة أن تلك المعجنات لا بد أن تُستهلك مباشرة. ولا يمكن أن تخزَّن أو تحفظ؛ لأن مذاقها يمكن أن يتغير؛ فكلما كانت طازجة كلما كان ذلك أحسن".