اتفق المشاركون في الملتقى الوطني حول "السرد الذاتي في الأدب الجزائري القديم والحديث" بجامعة باتنة، على عقد ملتقى مكمّل، يشتغل على أدب الذات في التراث الإسلامي. ودعوا في ختام هذا اللقاء العلمي الذي بادر به مخبر الشعرية بكلية اللغة والأدب العربي والفنون لجامعة باتنة1، إلى التوسع في المحاور، ليشمل تخصصات مختلفة؛ من أجل مشاركة أساتذة من مختلف التخصصات. ناقش الحضور في هذا الملتقى، 3 محاور، هي "أدب الذات حدود ومفاهيم"، و"السرد الذاتي والنظرية الأدبية، مقاربة أشكال السرد الذاتي في الأدب الجزائري القديم"، وكذا "مقاربة أشكال السرد الذاتي في الأدب الجزائري الحديث وفق المناهج الحداثية". ويهدف الملتقى إلى توجيه الوعي والاهتمام بالمنجز الأدبي الجزائري في مجال السرد الذاتي القديم والحديث، حسب ما أوضح الدكتور محمد أمين غوغة رئيس اللجنة العلمية، الذي أشار إلى أنّ له هدفين؛ علمي هو إبراز الخصوصية الفنية والموضوعية للسرد الذاتي، وثقافي، وهو توجيه اهتمام الباحثين إلى المنجز الأدبي الجزائري، وتحسيسهم بضرورة البحث فيه، وإعداد دراسات علمية جادة وحسب رئيسة الملتقى الدكتورة وداد بن عافية، فإن أدب الذات يُعد منظومة أجناسية قائمة بذاتها؛ بمعنى أنه نسق كامل من الجناس الذاتية؛ كالسيرة الذاتية، ومحكي الطفولة، والرسائل الخاصة، والبورتريهات.. تُكتب في مجملها بأسلوب سردي، وتؤرّخ للذات في علاقتها بالواقع الخارجي. ويأتي هذا النسق من كتابة الذات، حسب محدثة "المساء"، موازيا لنوع آخر من الأدب، هو نسق المتخيّل الأدبي الذي يتشكل من أنواع إبداعية؛ كالقصة والرواية.. مضيفة أنه يقوم على تأسيس نظرية مختلفة في تصوراتها عن منظومة السرد الذاتي، الذي يقوم على المعاقدة الاجتماعية الذاتية، وعلى انفتاح المرجع مقابل المعاقدة التخييلية في السرد التخييلي. وأوضحت الدكتورة بن عافية أن هذا الملتقى يسعى إلى البحث في خصوصية السرد الذاتي من خلال الأدب الجزائري القديم والحديث، معيدا السؤال عن خصوصية النسق الكتابي، وعن مقوماته النظرية والأدبية والثقافية، وما هي مبررات كتابة أنواع من السرد الذاتي دون أخرى في الأدب الجزائري القديم؟ وأين يكمن تصنيفها في منظومة الكتابة الذاتية؟ وما هي الأنواع الأخرى من السرد الذاتي المهيمنة على المدوّنات الحديثة؟ وهل تجاوزت هذه النصوص الكتابة الكلاسيكية إلى التخييل الذاتي؛ تأثراً بما بعد الحداثة؟ وما الذي يجعلنا نصنفها ضمن الأدب؟ وبأيّ منطلق نقدي نقرأ هذه النصوص؟ وما هي أسباب تأخر ظهور نظرية خاصة بكتابة الذات؟. وفي المحاضرة الافتتاحية أبرز الناقد عبد الله العشي والموسومة "الذاتية في الأدب، خصوصيات الأدب في التعاطي مع الذاتية بعدما شخص"، فيما تطرقت الأستاذة وداد بن عافية لإشكاليات أدب الذات. وعالجت الدكتورة دليلة مكسح تشكلات السرد الذاتي الجزائري القديم، وخلفياته الإثنوسيكولوجية من خلال قراءة في قصص الكرامات. أما الدكتورة نصيرة بن شينة فقد تطرقت لمقومات الخطاب السير ذاتي في رحلة ابن حمادوش الجزائري. وأسهبت الدكتورة نجاة غقالي في مداخلتها حول التخييل بالثقافة في سيرة مالك بن نبي. أما الدكتورة عقيلة بعيرة فقد تناولت تجلي الذات وخطاب الأزمات في روايات فضيلة الفاروق، لتتواصل الجلسات العلمية وفق صيغة الحضور، وعن بعد، مع برمجة جلسات علمية موازية، في الوقت الذي اختُتمت الجلسات العلمية بمداخلة قدمها الناقد عبد القادر فيدوح، كانت حول "رؤيا الذات في السرد السيري".