تسعى إدارة الاحتلال الإسرائيلية إلى إيهام الرأي العام الدولي أنها قررت أخيرا تجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينيةولو مؤقتا تلبية لمطالب أمريكية ملحة لوقفها. ولكن قرار حكومة الاحتلال يحمل في طياته تحايلا واضحا الغاية منه تهدئة الموقف الأمريكي الذي يصر على ضرورة وقف كل عمليات استيطانية كشرط مسبق لاستئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين وخاصة إذا علمنا أن إدارة الوزير الأول الإسرائيلي وافقت فقط على وقف المناقصات الخاصة بإنجاز مستوطنات ووحدات سكنية استيطانية جديدة في أراضي الضفة الغربية إلى غاية بداية سنة 2010 فقط. وهو ما يؤكد أن قرارها مجرد حيلة ستجد نفسها غير ملزمة بها بحلول العام القادم في نفس الوقت الذي أبقت فيه باب الاستيطان مفتوحا أمام المستوطنين الخواص الذين بإمكانهم إتمام مشاريعهم السكنية دون اعتراض رسمي. وتتأكد المراوغة الإسرائيلية كون حكومة اليمين المتطرف بنيامين نتانياهو لم تتخذ قرارها بتجميد عمليات الاستيطان إلا عشية جولة جديدة من محادثات يعتزم بنيامين نتانياهو إجراءها الأسبوع القادم بالعاصمة البريطانية لندن مع الموفد الأمريكي الخاص إلى منطقة الشرق الأوسط جورج ميتشل تتناول أساسا معضلة الموقف الإسرائيلي الرافض إلى حد الآن لكل فكرة لوقف الاستيطان في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية. واعتبرت السلطة الفلسطينية في أول رد فعل لها على قرار حكومة الاحتلال مجرد مراوغة إسرائيلية الغاية منها التستر على عمليات استيطان غير مسبوقة في الأراضي الفلسطينية والتي ابتلعت خلال النصف الثاني من العام الماضي ما نسبته عشرة بالمئة من إجمالي أراضي الضفة الغربية دون الحديث عن عمليات التهويد الممنهجة التي شرعت فيها منذ بداية العام الجاري في القدسالشرقية. وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين أن إدارة الاحتلال مطالبة بوقف كلي لكل أنشطتها الاستيطانية دون استثناء وبشكل دائم. ووصف المسؤول الفلسطيني قرار التجميد بأنه مجرد "بالونات اختبار" ألقت بها إسرائيل في أجواء عملية السلام لمعرفة مدى تقبلها لمغالطات اعتاد عليها الفلسطينيون. وفي تقاسم للأدوار بين رئيس الحكومة الإسرائيلية الليكودي وبين من يسمون أنفسهم بالمتطرفين في حكومته أكد حزب إسرائيل بيتنا الذي يقوده وزير الخارجية افيغدور ليبرمان انه يأمل في أن تكون الأخبار المروجة حول تجميد الاستيطان مجرد إشاعات بدعوى أنها إذا صدقت فإنها تبقى غير مقبولة. وهي عملية تقاسم للأدوار بين أحزاب الائتلاف الحكومي سيستغلها نتانياهو كورقة ضغط على الإدارة الأمريكية سيخرجها الأسبوع القادم أمام جورج ميتشل والقول له ان قراراته تمليها توازنات داخل حكومته وكل إخلال بالالتزامات يعني انهيار حكومته. ويتأكد تقاسم الأدوار بين نتانياهو وليبرمان الادعاء من خلال تقارير منظمة السلام الآن الإسرائيلية المناهضة للاستيطان التي أشارت إلى أن مناقصات إنجاز وحدات استيطانية جديدة لم تتراجع في واقع الحال سوى بنسب ضئيلة جدا كون عمليات الاستيطان العملية مازلت متواصلة على أرض الواقع.