تظل السياحة الثقافية هي المقوم السياحي غير المتكرر أو المتشابه أو القابل للمنافسة. غالبا ما يكون الدافع الأساسي لهذه السياحة هو الثقافة، من زيارة للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية والمتاحف والتعرف على الصناعات التقليدية أو أي شكل من أشكال التعبير الفني وكذا الحضور في بعض الفعاليات الثقافية مثل المعارض أو المهرجانات. تعد الجزائر واحدة من البلدان الغنية بموروثها الثقافي فهي متحف للتراث، هذا الأخير الذي يستوجب استثماره بطريقة مثلى، علما أن السياحة الآن وفي معظم دول العالم أصبحت تتجه أكثر فأكثر إلى الخصوصية الثقافية، ومن هذا المنطلق تبنت العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم السياحة الثقافية كأحد أهم عناصر السياسات العالمية، وأصبحت تمثل حوالي 37 بالمائة من إجمال سوق السياحة الدولية أي ما يوازي ثلث إجمال النشاط السياحي العالمي علما أن هذه السياحة تنمو بمعدل 15 بالمائة عبر دول العالم.
السياحة في الجزائر تمتلك ثروة ثقافية معلوم أن السياحة الثقافية تعتمد على مكونات التراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي، ولقد تطورت العلاقة بين الثقافة والسياحة وبرز ذلك أكثر من خلال تفعيل دور المواقع الأثرية مثلا وإشراك سكان المناطق المجاورة في هذه السياحة، تماما كما يحدث في مهرجان جميلة السنوي بولاية سطيف حيث تتزين مدينة جميلة للحدث وتدب الحياة فيها بفعل فعاليات المهرجان الفني الذي ينشطه نجوم الغناء الجزائري والعربي فتتوافد حشود الجمهور الذين هم سواح كذلك ليضفو على المدينة جوا من الحيوية ففي مدينة جميلة انتعشت السياحة مؤخرا، وظهر فيها الحرفيون والرسامون يقدمون نشاطهم للجمهور ويروجونه، وتأمل مناطق أخرى من الوطن في أن تستحدث مناسبات وتستغل أماكن وذكريات تاريخية وفنية لإنعاش قطاعي الثقافة والسياحة معا. ويرى البعض أن الجزائر تملك الكثير من المواقع والآثار التي تؤهلها لمكانة سياحية مرموقة ولا ينقصها في ذلك إلا التخطيط والاستراتيجية مقترحين استحداث بعض النشاطات الفنية والأدبية، منها جلب الفرق المسرحية والكشفية والموسيقية التي تعد اليوم من أكثر المجموعات القادرة على إقامة النشاطات الثقافية المتنوعة المرتبطة بالتنشيط السياحي، ويمثل التراث الأدبي والاجتماعي والموسيقي مادة ثقافية سياحية حية ومعبرة خاصة إذا استغلت في الأماكن التاريخية. زد على ذلك أنشطة الأندية والمراكز الثقافية التي هي عامل مهم في تنشيط السياحة والثقافة خاصة في موسم الصيف من خلال العروض والحفلات والأنشطة المختلفة، كتقديم الحرف والفنون التشكيلية وعروض الأزياء والمأكولات الشعبية، لكن للأسف فإن أغلب هذه المراكز تنام صيفا.