قال الدبلوماسي الجزائري ومنسق المجموعة التفاوضية العربية سابقا في مؤتمرات "كوب"، جمال الدين جاب الله، إن مؤتمر الأطراف للاتفاقية الإطارية لتغير المناخ "كوب 29" الذي تحتضنه هذه السنة العاصمة الأذرية باكو، يعقد في أجواء دولية بالغة التعقيد لم يشهدها العالم في العشرين عاما الأخيرة. أوضح الدكتور جاب الله، أمس، في تصريح خصّ به "المساء"، أن هناك أزمات وصراعات وحروب بالغة الخطورة تؤثر مباشرة على مجريات مؤتمر المناخ المنعقد حاليا بباكو، خاصا بالذكر الحرب الأوكرانية وتداعياتها على المستوى الدولي وخاصة من الناحية المالية، وكذلك عودة الرئيس دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية وموقفه المعروف من قضية التغير المناخي، ضف إلى ذلك الحرب في غزة ولبنان التي تعكس التوتر الخطير في الشرق الأوسط واستمرار حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها الكيان الصهيوني، في ظل عجز كامل للمجتمع الدولي لإيقاف هذه الحرب. وأشار في رده عن سؤال "المساء" حول توقعاته لمخرجات القمة 29 للمؤتمر العالمي للمناخ، إلى أن مؤتمر الأممالمتحدة لتغير المناخ، ظاهره مشكلة مناخية عالمية، لكنه في حقيقة الأمر يتعلق بقضايا اقتصادية تمس مباشرة موضوع التنمية والنمو، ومن هذا المنطلق فإن المؤتمر سيشهد مفاوضات "معقدة وصعبة للغاية"، خاصة بين الاقتصادات الكبرى كالصينوالولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي والهند وروسيا، وهي الدول الأكثر إنتاجا للغازات الدفيئة. فوفقا للمنسق السابق للمجموعة التفاوضية العربية، سيتم التركيز هذه السنة على التمويل، باعتباره حجر الأساس في هذه المفاوضات منذ أعوام خلت، دون التوصل إلى تقدّم حقيقي وملزم قانونا، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي لم يتمكن من الاتفاق حول هذا الموضوع ولو جزئيا. وبالرغم من أن المؤتمرات المتعاقبة حدّدت المبلغ المستهدف سنويا، المقدر بأكثر من 100 مليار دولار، فإنه لم يتم تحديد آلية لجمع هذه الأموال بشكل واضح وملزم، مثلما أوضح، حيث تقترح الدول المتقدمة حلولا تمويلية تشمل إصلاح مؤسسات الإقراض الدولية وتحفيز استثمارات القطاع الخاص، فيما يستمر الجدل حول مساهمات الدول النامية مثل الصين ودول الخليج العربي، في وقت تعتبر فيه الأممالمتحدة أن هناك حاجة إلى تريليونات الدولارات سنويا لمجابهة تداعيات التغير المناخي. وبالنظر إلى تنصل الدول المتقدّمة من التزاماتها، توقع محدثنا أنه لن يتم تحقيق أي تقدّم في موضوع التمويل هذه السنة، ليبقى الأمر على حاله مقتصرا على تبرعات طوعية، وهو ما سيؤدي، حسبه، إلى ازدياد الأضرار والخسائر وارتفاع التكاليف بالنسبة للدول التي تعاني من تداعيات التغير المناخي، لاسيما إذا أخذنا في الاعتبار الكوارث العنيفة التي تتكرر كامتداد فترات الجفاف والسيول والفيضانات وحرائق الغابات والأعاصير والعواصف الغبارية والزلازل وغيرها. من جهة أخرى، أبرز محدثنا وجود "قضية أساسية وجوهرية أخرى في المفاوضات"، موضحا أن الدول المتقدمة تركز على موضوع "التخفيف" أي خفض الانبعاثات ولا تولي اهتماما كبيرا بموضوع "التكييف"، وهو عكس ما تؤمن به مجموعة 77 والصين، وهنا تبرز الإشكالية في المفاوضات وفي محاولة الدول المتقدّمة التنصل لمبدأ المسؤولية المشتركة المتباينة.