أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، تقريرا قاتما عن وضعية الطفولة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة وخاصة في قطاع غزّة، الذي يتخبط منذ أكثر من عام في إبادة صهيونية مروّعة يعد الأطفال أولى ضحاياها، ويتعرضون لأبشع الجرائم على أعين ومسمع العالم أجمع. يتطرق التقرير الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الأطفال الموافق ل20 نوفمبر من كل عام، وتلقت "المساء" نسخت منه، إلى الوضع المأساوي والكارثي الذي يتخبط فيه سكان غزّة وخاصة فئة الأطفال منهم، ويتضمن أرقاما مرعبة عن جرائم آلة الدمار الصهيونية التي قضت في ظرف 411 يوم من عدوانها الهمجي على حياة ما لا يقل عن 44 ألف فلسطيني من ضمنهم أكثر من 17 ألف طفل. وأكد التقرير أن أطفال غزّة الفئة الأكثر تضررا من العدوان الصهيوني، وهم الذين تسقط على رؤوسهم أطنان من المتفجرات ويستهدفون بالصواريخ والقنابل الفتّاكة والأسلحة المحرمة دولية، ويتعرضون لأبشع أشكال العنف المروّع، فهم يدفنون أحياء تحت الأنقاض وتقطع أجسادهم الصغيرة وتفتت أشلاءهم وتبتر أطرافهم ويفقدون عائلاتهم وآباءهم وأمهاتهم وتهدم منازلهم ويتشردون، ويعانون النزوح القسري والجوع وعدم العلاج وسوء التغذية وحتى الاعتقال والاختفاء.. وغيرها من الجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية. وتحت عنوان "أطفال غزّة.. الحقيقة المروعة" سجل التقرير أرقاما مرعبة عن معاناة الأطفال الذين يمثلون 43 بالمئة من الضحايا، مؤكدا أن أكثر من 35 ألف طفل في غزّة تيتموا بعد أن فقدوا أحد والديهم وكيليهما وأن 41 منهم استشهدوا بسبب المجاعة وسوء التغذية والجفاف. وتستشهد اللجنة الدولية للتضامن مع فلسطين بمختلف التقارير التي أصدرتها منظمات أممية وحقوقية على غرار "اليونسيف" ومكتب "اوتيشا"، والتي حذّرت من تصاعد وتيرة المجاعة خاصة في شمال قطاع غزّة الذي شدد الاحتلال الصهيوني من حصاره المطبق منذ أكثر من شهر ونصف الشهر ويمنع عنه دخول أدنى متطلبات الحياة. وتشير الإحصائيات إلى أن 31 بالمئة من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن العامين يعانون من سوء تغذية حاد منهم 4.5 بالمئة يعانون من إسهال حاد ضمن وضع صحي متفاقم تتخبط فيها أيضا مناطق الجنوب على غرار خانيونس ورفح. وحذّر التقرير من الأمراض المعدية والمتنقلة والأوبئة الخطيرة الوشيكة في قطاع غزّة، جراء عدم توفر المياه الصالحة للشرب والاكتظاظ الذي بلغ مستويات قياسية في مراكز ومدارس اللجوء، وانعدام أدنى ظروف المعيشة في الخيام المهترئة المصنوعة من البلاستيك التي يحتمي بها النازحون بعد أن دمر الاحتلال منازلهم وشردهم. وقال إن حتى الأطفال حديثي الولادة والرضّع ليسوا في منأى عن هذه الدوامة الدامية، مستدلا بتقرير (اليونسيف) الذي سجل أكثر من 180 ولادة يوميا، في وقت تعاني فيه ما لا يقل عن 60 ألف امرأة حامل من سوء التغذية والجفاف بما يرفع معدل الولادة المبكرة بأوزان غير كافية، إضافة إلى النقص الحاد في التطعيم. وأمام هذه المعطيات المروّعة لم يهمل التقرير الجانب النفسي للأطفال وأزمة التدريس بعد أن دخل قطاع غزّة عامه الثاني في الحرب دون دراسة، مشيرا إلى أن 785 ألف طفل حرموا من حقهم في التعليم بعد دمر الاحتلال 128 مدرسة وجامعة وتضرر 399 مؤسسة تعليمية أخرى بما يضع مستقبل أجيال بأكملها على المحك. كما لم يهمل التقرير أطفال الضفّة الغربية المحتلّة، حيث أكد أن الاحتلال الصهيوني ومستوطينه قتلوا 171 طفل من ضمن 765 شهيد ارتقوا منذ السابع أكتوبر 2023 في الضفّة. وعلى وقع هذه الجرائم المروعة والتي أكدت عدة أطراف أنها تندرج في إطار الإبادة الجماعية وجرائم الحرب وضد الإنسانية، تطرق تقرير اللجنة الدولية للتضامن مع فلسطين إلى الإجراءات القانونية الدولية التي يجب اتخاذها لمتابعة ومحاسبة المحتل الصهيوني على هذه الجرائم التي تبقى وصمة عار على جبين هذا العالم. وأكد أن فشل المجموعة الدولية، في اتخاذ إجراءات فعّالة لوضع حد لهذه الجرائم وخاصة تللك التي يتعرض لها الأطفال، شجع الكيان الصهيوني على مواصلة عدوانه وخاصة إبادته، وهو ما جعله يطالب بتحرك دولي فوري وفعّال يوقف اسرائيل عند حدها ويحملها على احترام القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني خاصة اتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي لحقوق الإنسان والاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل. كما طالب المنظمات ذات الصلة بالقيام بدورها في حماية أطفال فلسطين، داعيا الهيئات القضائية الدولية إلى متابعة القادة والجنود الاسرائيليين المسؤولين عن هذه الإبادة ومعاقبتهم. وختمت اللجنة الدولية للتضامن مع فلسطين، تقريرها بالمطالبة برفع الحصار المطبق على قطاع غزّة، والسماح بالتدفق العاجل والسلس للمساعدات الإنسانية من غذاء ودواء وماء ووقود ودخول قوافل الإغاثة بالقدر الكافي لمواجهة الكارثة الإنسانية والمجاعة التي يتخبّط فيها السكان. الدفاع المدني يعلن توقف معظم مركباته بغزة عن العمل استمرار حصار مستشفى "كمال عدوان" شمال القطاع أكد المدير العام لمستشفى "كمال عدوان" شمال قطاع غزة، أمس، حسام أبو صفية، أن هذا الأخير ورغم كل المناشدات التي أطلقها مرارا وتكرارا للعالم، لا يزال بطاقمه الطبي ومرضاه وجرحاه تحت الحصار الصهيوني المشدّد، حيث لا يسمح بإدخال أي شيء من دواء ولا طواقم ولا طعام ولا مركبات إسعاف ولا خدمة دفاع مدني. وكشف الدكتور أبو صفية عن وجود حاليا 85 مصابا من الأطفال والنساء يتلقوا خدمة صحية بالحد الأدنى، في حين يوجد في العناية المركزة 6 حالات حرجة جدا بالتزامن مع استقبال المستشفى ل 17 طفلا في الطوارئ يعانون من سوء التغذية التي تتفاقم مع مرور كل يوم، مشيرا إلى وفاة رجل أول أمس بسبب الجفاف الحاد. ودقّ ناقوس الخطر مجددا من أن الوضع أصبح أكثر من كارثي في ظل غياب أدنى استجابة واستمرار الصمت الدولي وعدم تحرّك أي جهة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح الأبرياء المهدّدة بالموت في كل لحظة. وتأسف لكون كل نداءات الاستغاثة لم تتلق حتى الساعة، رغم كارثية المشهد، أي إجابة بفتح ممر إنساني يدخل من خلاله المستلزمات الطبية والوفود الطبية الجراحية وطعام الأطفال وحليب الأطفال والحليب العلاجي حتى تستطيع على الأقل علاج حالات سوء التغذية. وتحدث المسؤول الطبي عن تلقي نداءات استغاثة من العائلات المحاصر تحت الأنقاض والجرحى من دون التمكن من التنقل إليهم بسبب نيران آلة الدمار الصهيونية التي تستهدف كل شيء متحرك. ونفس المخاطر والتحديات حذّر منها جهاز الدفاع المدني الفلسطيني الذي أعلن أمس عن توقف معظم مركباته في محافظة غزة عن العمل لعدم توفر الوقود اللازم لتشغيلها بسبب عدوان الاحتلال الصهيوني على القطاع. وأوضح في بيان له أن إطاراته تعمل الآن فقط بقدرات مركبة صهريج واحدة للتزوّد بالمياه ومركبة إنقاذ واحدة، مشيرا إلى أن طواقمه لم تعد قادرة منذ منتصف الشهر الجاري على الاستجابة للكثير من نداءات المواطنين والوصول إلى الأماكن التي يستهدفها الاحتلال، بما يزيد من معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بفعل استمرار العدوان الصهيوني. وحذّر من اتساع وتكريس الكارثة الإنسانية في محافظة غزة بسبب استمرار نفاد الوقود خاصة مع نزوح آلاف المواطنين من شمال القطاع وتزايد الحاجة للاستجابة الإنسانية في كافة المناطق. كما أكد أن استمرار رفض الاحتلال الصهيوني إدخال الوقود ومعدات الإنقاذ اللازمة للدفاع المدني هو إمعان في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل وانتهاك مع سبق الإصرار للقانون الإنساني الدولي. وكان الدفاع المدني في غزة قد كشف عن استشهاد أكثر من 85 من عناصره وإصابة 301 آخرين بجروح، علاوة عن اعتقال 20 آخرين منذ بدء العدوان في السابع أكتوبر من العام الماضي، بالإضافة إلى تدمير الاحتلال 17 مركزا ومقرا و56 مركبة ومخزونا لمعدات الإطفاء والإنقاذ والإسعاف تقدر قيمتها بأكثر من مليون وثلاثمائة ألف دولار، منوّها إلى إخراج منظومته في محافظة شمال قطاع غزة عن العمل عقب إجبار الطواقم على النزوح إلى الوسط والجنوب. ويواصل الاحتلال الصهيوني عدوانه المكثف والشامل وغير المسبوق على قطاع غزة للشهر الرابع عشر على التوالي عبر شنّ عشرات الغارات الجوية والقصف برا وبحرا مع ارتكابه مجازر ضد المدنيين وتنفيذ جرائم إبادة في مناطق التوغل ما خلّف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين وألحق دمارا هائلا في البنى التحتية والمرافق والمنشآت الحيوية فضلا عما سببه من كارثة إنسانية غير مسبوقة نتيجة وقف إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود بسبب الحصار. استشهد، أمس، 20 فلسطينيا في قصف صهيوني عنيف استهدف في ساعات الفجر منزلا في مخيم جباليا شمال القطاع، حيث تم انتشال عشرة شهداء من بينهم اطفال ونساء من تحت ركام منزل فيما يبقى عشرة آخرون لم يتم انتشالهم نظرا لعدم توفر الإمكانيات اللازمة لعملية إزالة الركام. كما استشهد ثمانية فلسطينيين في قصف صهيوني مساء امس على بيت لاهيا شمال القطاع.