تزايدت التحذيرات الأممية من تفاقم الوضع الإنساني في غزة، وسط استمرار القصف الصهيوني الوحشي، حيث أكد الخبراء من أن القطاع على أبواب مجاعة وشيكة، بسبب سياسة التجويع التي يتبعها جيش الاحتلال في حق المدنيين المحاصرين طيلة مدة العدوان المتواصل، والتي أمعن خلالها الصهاينة في ارتكاب جرائم الإبادة دون الخوف من المساءلة، متعمدين استهداف قوافل الإغاثة وطوابير الجوعى المنتظرين للمساعدات وكذا عرقلة كل ما من شأنه بعث الحياة في القطاع من جديد. مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة يومه ال150، تتفاقم الأوضاع الإنسانية، ليرتفع عدد الأطفال الذين قضوا جوعا في القطاع، إلى 16 طفلا، حيث استشهد، أمس، الطفل يزن الكفارنة البالغ من العمر 10 سنوات في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح جنوبي قطاع غزة، بسبب سوء التغذية، ليضاف إلى قائمة الأطفال الذين استشهدوا للسبب ذاته، والبالغ عددهم 15 طفلا. علما أن هذا الرقم يبقى مرشحا للارتفاع، على اعتبار أن مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، أعلن قبل أيام، أن 6 أطفال آخرين في العناية المركزة بسبب سوء التغذية كذلك. وقال متحدث وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، أشرف القدرة، إن الاحتلال الإسرائيلي يشن حربا جديدة على سكان غزة، وهي حرب التجويع. وأضاف القدرة "عدد الشهداء جراء التجويع يتزايد، خصوصا بين الأطفال، وهناك عدد من الأطفال بالعناية المركّزة مهددون بالوفاة جراء الجوع"، وتابع أن الاحتلال "يعرقل جهود جميع المنظمات الإنسانية ويتعنّت في طلب المنظمات الدولية إدخال المساعدات"، لافتا إلى أن المنظومة الصحية في شمال غزة عاجزة تماما، خصوصا بعد توقف مستشفى كمال عدوان. وفي أواخر الشهر الماضي، حذّرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة اليونيسيف، من أن الارتفاع الحاد في سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في قطاع غزة، يشكل تهديدا خطيرا على صحتهم، خاصة مع استمرار الحرب المدمّرة. علما أنه خلال العدوان على غزة، أخرجت إسرائيل 31 مستشفى عن الخدمة بالقصف والتدمير والحرمان من الإمدادات الطبية والوقود، كما استهدفت 152 مؤسسة صحية جزئيا، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي. ويهدد سوء التغذية حياة عشرات الأطفال في قطاع غزة، خاصة مع تواصل العدوان الصهيوني على القطاع وما صاحبه من قطع الإمدادات من غذاء ودواء وماء عن سكان غزة، وكانت مجزرة "الطحين" التي ارتكبها الجيش الصهيوني يوم الخميس الماضي، أكبر دليل على تفاقم الوضع الإنساني في القطاع، من جهة وعلى وحشية الصهاينة مع المدنيين العزل من جهة أخرى، حيث استُشهد العشرات في استهداف جيش الاحتلال لهم، بعد أن تجمّع الآلاف حول قافلة من شاحنات المساعدات. ومع الانخفاض السريع في عدد المساعدات التي يتم تسليمها إلى غزة ومعاناة الفلسطينيين للعثور على الغذاء، يحذّر العاملون في المجال الإنساني ومسؤولو الأممالمتحدة، من أن المجاعة وشيكة في القطاع، حيث تقول جماعات الإغاثة، إن الناس في غزة يعانون من الجوع الشديد، لدرجة أنهم يلجأون إلى تناول أوراق الشجر وعلف الحمير وبقايا الطعام. وقد خلص التقرير الأممي الأول للتصنيف المرحلي المتكامل عن غزة، والذي صدر في ديسمبر الماضي، إلى أن جميع سكان القطاع كانوا يعانون من انعدام الأمن الغذائي في أوقات الأزمة أو مستويات أسوأ، وعلى الرغم من أن التقارير الأممية لم تؤكد أن غزة عبرت عتبة المجاعة، إلا أنها حذّرت من أن خطر الجوع على مستوى المجاعة سيزداد إذا لم تتوقف الحرب. ولم تزد النداءات الدولية والأممية لضرورة وقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، حكومة الاحتلال الصهيوني إلا تعنتا وإصرارا على مواصلة جرائمها، إذ استهدف الجيش الاحتلال غزاويين يسعون للحصول على المساعدات، مرتكبا مجزرتين جديدتين بعد أيام فقط من الصدمة الدولية التي أحدثتها مجزرة الطحين في دوار النابلسي، ليضاف ضحاياهما إلى حصيلة شهداء العدوان المتواصل منذ نحو 5 أشهر والتي بلغت 30 ألفا و410. كما أفادت مصادر طبية بارتكاب قوات الاحتلال مجزرة بحق المواطنين عند دوار الكويت في مدينة غزة. وقالت إن قوات الاحتلال أطلقت النار صوب المواطنين عند دوار الكويت أثناء انتظارهم شاحنات المساعدات المحمّلة بالطحين، مما أدى إلى استشهاد وإصابة العشرات، وقصفت طائرات الاحتلال الحربية شاحنة صغيرة تحمل مساعدات إنسانية في دير البلح وسط القطاع، مما أدى إلى استشهاد ثمانية مواطنين وإصابة آخرين، كما استهدفت يوم السبت مجموعة مواطنين كانوا بانتظار وصول مساعدات إنسانية قرب دوار النابلسي، مما أدى إلى استشهاد مواطن وإصابة 26 آخرين. وضمن حرب الإبادة التي يشنها الصهاينة في غزة، قتلت قوات الاحتلال 364 كادرا صحيا واعتقلت 269 آخرين على رأسهم مديرو مستشفيات في خان يونس وشمال غزة، ودمّرت 155 مؤسسة صحية وأخرجت 32 مستشفى و53 مركزا صحيا عن الخدمة، واستهدفت 126 سيارة إسعاف وأتت على البنى التحتية لمستشفيات خان يونس وشمال غزة، ليصل الوضع الصحي إلى أعلى درجات الانهيار، حيث يتعمّد الاحتلال الإسرائيلي إحداث كارثة إنسانية وصحية لا توصف، ساهمت في انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، إذ تم رصد نحو مليون إصابة بالأمراض المعدية ولا تتوفر الإمكانيات الطبية اللازمة لها، وفق المصادر الطبية في غزة.