أوصى المشاركون في فعاليات الملتقى الوطني الأول حول "تحولات المجتمع الحديث بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري"، الذي اختتمت فعالياته مؤخرا، بجامعة "20 أوت 55" في سكيكدة، بمراجعة المفاهيم والمصطلحات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، وتأصيله ضمن سياقاته الابستيمية والمعرفية النقدية والتطبيقية من "المفهوم إلى البراكتيس"، مع تكييف تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ودمج هذا المفهوم ضمن الحقل المعرفي السوسيولوجي. وجعله من صميم اهتمامات عالم الاجتماع، إلى جانب المطالبة بإعادة تقييم الأدوار الاجتماعية في ظل الذكاء الاصطناعي. أكد المختصون المشاركون في الملتقى، على ضرورة دراسة تأثير التكنولوجيا على التفاعلات الاجتماعية، مع استحداث وظائف جديدة، تستوجب ممارسات بديلة، تجمع بين المعطى التقني والاجتماعي والإنساني، والعمل على تطوير رؤى استراتيجية في كافة المنظومات الاجتماعية، لاسيما التقنية منها، بهدف خلق توازن بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري، مع القيام بدراسات حول تأثير الذكاء الاصطناعي في الهويات الثقافية الكونية الثقافية في مقابل الخصوصية (فكرة التفاوت الهوياتي والتمييز العنصري)، وتعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي والمعرفي حول استخدامات وتأثيرات الذكاء الاصطناعي، عن طريق وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية، بما في ذلك مخابر البحث، والتركيز على دور الباحث السوسيولوجي في رصد وتشخيص واقع الذكاء الاصطناعي، كظاهرة اجتماعية في الحقل الأكاديمي. كما أشار المختصون، إلى ضرورة إشراك علماء الاجتماع في صنع القرارات المصيرية في أعلى مستوى (السياسات العامة)، وكذا العمل من أجل رفع الذكاء الاصطناعي إلى الإبداع البشري (جدل التصور والممارسة) أساسا بسن قوانين وتشريعات، تحترم الخصوصيات، وتؤكد على الأخلاقيات. الملتقى الذي نظمه قسم العلوم الاجتماعية بكلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، بالتنسيق مع مخبر البحوث والدراسات الاجتماعية، أشرف على افتتاحه، البروفيسور توفيق بوفندي، مدير الجامعة، بمعية كل من عميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، ورئيس قسم العلوم الاجتماعية ومدير مخبر البحوث والدراسات الاجتماعية، إلى جانب رئيسة الملتقى الدكتورة كلثوم موهوب، وحضر الملتقى، إلى جانب إطارات الجامعة من الأمين العام ونائب المدير المكلف بما بعد التدرج والطور الثالث، ثلة من الأساتذة والطلبة المهتمين بالموضوع، الذي قام بتأطيره نخبة من الأساتذة والباحثين والمختصين من مختلف جامعات الوطن، إما على شكل محاضرات أو ورشات. فهم التحولات على الصعيد التكنولوجي أشارت رئيسة الملتقى، الدكتورة كلثوم موهوب، إلى أن هذا الموعد جاء لتسليط الضوء على مختلف المستجدات والتحولات، التي تواكب التطور بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، ومن ثمة رصد وملاحظة أهم التحولات التي شهدها المجتمع الحديث، لاسيما منها التحولات التكنولوجية الكبرى، التي أسفرت عن آلية المحاكاة عبر الذكاء الاصطناعي، وموقع السوسيولوجيا من فهم وتفسير هذه الظاهرة، وما نتج عن تأثر عديد الحقول العلمية والميادين المجتمعية بقوة ونفوذ التقنية الذكية، وما قد يترتب عن قدرتها الفائقة على الإنسان والمجتمع على حد سواء، مضيفة أن الملتقى الوطني الموسوم ب"تحولات المجتمع الحديث بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري"، جاء للإجابة على السؤال المركزي، وهو؛ كيف نفهم التحولات الحاصلة في المجتمع الحديث على الصعيد التكنولوجي، وكذا تفسير السجال القائم بين قوة التقنية الحديثة الممثلة في الذكاء الاصطناعي، وإبداع الدماغ البشري في ضوء رؤية سوسيولوجيا متعددة الأبعاد. وعن أهداف الملتقى، أوضحت بأنه يسعى من أجل التعرف على أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاعات الحية، داخل المجتمع، والمكاسب المحققة منها، وتقديم قراءات متعددة المستويات للعلاقة القائمة بين الإنسان والآلة الذكية، ومقاربتها مع تحولات المجتمع الحديث، إلى جانب تسليط الضوء على أهم المعوقات التي تحول دون تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والتعرف على بعض التجارب السباقة في مضمار التكنولوجيا الذكية، والممارسات الفعلية للذكاء الاصطناعي. وناقش المشاركون بدراسة مفهوم الذكاء الاصطناعي في المجتمع، سبع محاور، تمثلت في دلالات مفهوم الذكاء الاصطناعي داخل الحقل السوسيولوجي، وموقع تقنية الذكاء الاصطناعي من الحقل المعرفي الإنساني والاجتماعي، وتحولات البنى الاجتماعية والإرهاصات الأولى للذكاء الاصطناعي، على جميع الأصعدة، وكذا بوادر الاتجاه نحو إعادة تصميم القطاعات الاقتصادية في المجتمع، وفق النمط الذكي، زيادة إلى رهانات التواصل البشري مع الآلة الذكية، والعراقيل الحائلة دون تحقيق الإبداع في ميدان الذكاء الاصطناعي بالمجتمع الجزائري، وتجارب حية ونماذج عملية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف الميادين.