إن "الحرب على الأطفال في غزة تشكل تذكيرا صارخا بمسؤولية العالم الجماعية للقيام بكل ما هو ممكن لإنهاء معاناتهم.." هي كلمات استغاثة أطلقتها بأعلى صوتها مسؤولة الاتصالات الرئيسية في منظمة "اليونسيف" في القطاع، روزالينا بولين، التي حذرت من أن "جيلا من الأطفال يتحملون وطأة الانتهاك الوحشي لحقوقهم وتدمير مستق". قالت مسؤولة اليونيسيف في غزة إن أطفال القطاع "مرضى ومتعبون ومصابون بصدمات نفسية" وهم مهددون بالجوع وسوء التغذية حياتهم. وأضافت أن "غزة هي واحدة من أكثر الأماكن المحزنة بالنسبة لنا كعاملين في المجال الإنساني، لأن كل جهد صغير لإنقاذ حياة طفل يضيع بسبب الدمار العنيف.. ولأكثر من 14 شهرا ظل الأطفال على حافة هذا الكابوس، حيث أبلغ عن قتل أكثر من 14ألف و500 طفل وإصابة الآلاف غيرهم". وتحدثت بولين عن أشياء فورية قالت "يمكننا جميعا القيام بها اليوم لجعل الحياة أكثر احتمالا لهؤلاء الأطفال.. يمكننا استخدام أصواتنا ورأس مالنا السياسي ونفوذنا الدبلوماسي للدفع باتجاه إجلاء الأطفال المصابين بجروح خطيرة وآبائهم لمغادرة غزة والبحث عن رعاية طبية منقذة للحياة". وأكدت أن كل يوم يمر دون عمل "يسرق يوما آخر من أطفال غزة وكل تأخير يكلف مزيدا من الأرواح.. يجب أن تطارد هذه الحرب كل واحد منا لا يستطيع أطفال غزة الانتظار". من جهتها، أثارت مسؤولة الطوارئ في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، لويز ووتريدج، أزمة الغذاء في القطاع، مشيرة إلى أنه على الرغم من سوء الاحوال الجوية في الأيام الماضية، إلا أن الوكالة اضطرت إلى إعطاء الأولوية للغذاء على مساعدات المأوى. وأضافت "لدينا إمدادات خارج قطاع غزة تنتظر دخول القطاع منذ ستة أشهر، هذا هو الواقع الذي يعيشه العاملون في المجال الإنساني هنا، وعليه يتعين علينا الاختيار بين حصول الناس على الطعام أو حصولهم على المأوى". وفي حديثها من منطقة النصيرات في وسط القطاع، قالت المسؤولة الأممية إن "تضرر أو تدمير 69 بالمائة من مباني القطاع لا يعني أن الناس يواجهون ظروف الشتاء القاسية فحسب، بل إنهم لا يتمتعون أيضا بالحماية من القنابل والغارات الجوية". وأضافت "نسمع من الأطباء أن الأطفال يتعرضون لإصابات من الشظايا جراء غارات وقعت على بعد كيلومتر واحد من مكان تواجدهم لأنه لا يوجد سوى الخيام والأقمشة لحمايتهم من القنابل والرصاص". وبينما اعتبرت الصحفيين في القطاع أبطالا لإيصالهم صور الوضع المزري على الأرض إلى العالم، أشارت ووتريدج إلى أن ما يراه الناس في تقاريرهم وعلى وسائل التواصل الاجتماعي هو من منظور أولئك القادرين على الفرار من أجل حياتهم عندما تنهمر الغارات. ومع اقتراب العام من نهايته، ذكرت ووتريدج بأن أكثر من مليوني شخص ما زالوا محاصرين في ظروف مروعة في غزة ومحرومين من احتياجاتهم الأساسية. وقالت أنه "لا يمكنهم الفرار، ويبدو الأمر وكأن كل طريق يمكن أن تسلكه يؤدي إلى الموت". لتفادي تكرار سيناريو مجمع "الشفاء" النداء الأخير لإنقاذ مستشفى "كمال عدوان" وجه القائمون على مستشفى "كمال عدوان" المتواجد شمال قطاع غزة، نداءهم الأخير من أجل تدخل دولي فوري لإنقاذ هذا المشفى وكل من فيه من أطباء وممرضين ومرضى وجرحى ونازحين، من نيران آلة الدمار الصهيونية، التي وضعته صوب أعينها وتواصل استهدافه ليلا ونهارا في مشهد يذكر بسيناريو تدميرها لمجمع "الشفاء" الطبي. يعيش مستشفى "كمال عدوان" شمال غزة حالة حصار شديدة، بتعرضه المستمر لنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي المصرة على إخلائه من خلال الاستهداف المباشر لإطاراته الطبية والمرضى ومباني المستشفى. ووجه مدير المشفى، حسام أبو صفية، أمس، مجددا مناشدة عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، مؤكدا أن جيش الاحتلال يرتكب جرائم مروعة بحق المستشفى والمرضى بداخله. وقال في نداء استغاثة جديد "الوضع كارثي ونحتاج لتدخل فوري لإنقاذ الأرواح.. العالم يجب أن يتحرك الآن!". نفس نداء الاستغاثة أطلقته وزارة الصحة الفلسطينية، التي دعت، أمس، المجتمع الدولي إلى إدخال المساعدات والأدوية والطعام إلى المستشفى، محذرة العالم الذي لا يزال في موضع المتفجر على جرائم الاحتلال في غزة، من إطلاق النار المستمر على مدار الساعة في محيط المستشفى، فيما سقطت قذائف الاحتلال على الطابق الثالث وعند أبوابه بما تسبب بحالة ذعر للمرضى والطواقم الطبية. وأشارت إلى أن المستشفى بحاجة ماسة لمستلزمات الصيانة الضرورية للحفاظ على استمرار توفير الكهرباء والمياه والأكسجين في ظل نقص كبير بالأدوية ومسكنات الآلام. ولفتت إلى أن قوات الكيان الصهيوني تنتهك أبسط قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني باستهدافها للمراكز الطبية والصحية وعدم سماحها لنجدة وإنقاذ من هم بداخلها. وأضافت وزارة الصحة الفلسطينية أن المرضى في مستشفى "كمال عدوان" وبقية المراكز الصحية والمستشفيات العاملة في قطاع غزة مهددون بالموت إما برصاص الاحتلال الصهيوني أو جراء نقص الأدوية. ورغم كل المخاطر المحدقة بهم، يواصل الطاقم الطبي داخل المستشفى والمكون من طبيبين على الأكثر وعدد قليل من الممرضين أداء واجبهم الإنساني بعدما رفضوا الانصياع لأوامر قوات الاحتلال الصهيوني لإخلاء مبانيه ومغادرة المحافظة رغم تواصل الجرائم بحقهم. أمام هذا الوضع الكارثي، قال المجلس الوطني الفلسطيني بأن استهداف قوات الاحتلال الصهيوني لمستشفى الشهيد "كمال عدوان" في بيت لاهيا شمال قطاع غزة هو إصرار وتعمد لقتل المرضى والطواقم الطبية وانتهاك مضاعف يخالف كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية". وتوجه المجلس، في بيان له أمس، إلى المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية للتدخل الفوري لإنقاذ الجرحى والطواقم الطبية الذين يستغيثون منذ أكثر من 80 يوما وتحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية والتدخل العاجل لوقف هذه الجريمة البشعة وضمان حماية المنشآت الصحية والمدنيين في قطاع غزة. وحذر من قيام جيش الاحتلال باقتحام المستشفى وارتكاب مجزرة، شبيهة لتلك التي ارتكبها في العديد من المستشفيات. وتواصل قوات الاحتلال الصهيوني عدوانها على قطاع غزة برا وبحرا وجوا منذ السابع من أكتوبر 2023، ما أسفر عن استشهاد 45 ألفا و277 شهيدا و107 آلاف و573 مصابا أغلبيتهم من الأطفال والنساء.