في جولة التصويت الخامسة والأخيرة لاختيار مدير عام منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو"، خسر المرشح العربي فاروق حسني وزير الثقافة المصري، أمام نظيرته البلغارية إيرينا بوكوفا بنتيجة 27 صوتا، مقابل 31 صوتا. فقد فشل وزير الثقافة المصري في تحقيق حلم اعتلاء كرسي منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو"، حيث أسفرت الدورة الأخيرة من التصويت التي تمت ليلة الثلاثاء عن فوز المرشحة البلغارية إيرينا بوكوفا لتخيب بذلك آمال العرب في الحصول على هذا المنصب الذي كان دائما حكرا على الغرب. وفور انتخابها الذي تم الإعلان عنه مساء الثلاثاء في مقر المنظمة بباريس حرصت بوكوفا على توجيه تحية إلى مصر وإلى المرشح فاروق حسني، وقالت في تصريح مقتضب: "قلت للوفد المصري إنني آمل أن نكون معا، لأنني لم أؤمن يوما بصراع الحضارات". وبالمقابل رفض السفير المصري في فرنسا ناصر كامل إعطاء تفسير لأسباب فشل فاروق حسني، وقال: "المهم هو مبدأ حوار الحضارات وإقامة روابط بين تيارنا الثقافي وتيار الذين رفضوا أن يكون حسني مديرا عاما". وقال ناصر حسام الذي قاد حملة حسني الانتخابية إن ما يراه مخيبا للآمال هو ليس كفاءة الفائز بل حقيقة أن الطريق كان مسدودا أمام صوت ثقافي مختلف. وكان لانسحاب مرشحين آخرين من أوروبا تأثيره الحاسم في فوز مرشحة بلغاريا، إذ أن الأصوات الأوروبية صبت في صالحها، بعد أن كانت متأخرة عن حسني في جولات التصويت الثلاث الأولى، وتساويهما في الجولة الرابعة بتسعة وعشرين صوتا لكل منهما. فقد انسحبت المرشحة النمساوية بينيتا فيريرو فالدنر المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية والتي حلت الثالثة في اقتراع الجولة السابقة، ثم أعلنت انسحابها الجمعة من المنافسة، بعد أن حازت على 11 صوتا، فذهبت أصواتها لمصلحة بوكوفا. وكان حسني قد أكد، في تصريح له قبيل بدء الجولة الخامسة والأخيرة للانتخابات مساء الثلاثاء، وجود تكتلات تعمل بسرعة شديدة في الانتخابات على منصب مدير عام المنظمة، وقال إنه ضد تسييس المنظمة، معتبرا أن الموقف المعادي لترشيحه وسير الانتخابات على النحو الذي نشهده يعد تسييسا لها، بحسب أخبار مصر. وأضاف فاروق حسني أن عدد الأصوات التي حصل عليها الإثنين في الجولة الرابعة ترد على كل من كان يهاجمه. وكان ترشيح وزير الثقافة المصري قد أثار جدلا واسعا في الأوساط الثقافية بسبب تصريحات صدرت عنه عام 2008، وكان قد أشار فيها إلى استعداده لحرق أي كتب إسرائيلية يثبت وجودها في المكتبات العامة في مصر الشيء الذي أثار ضده اللوبي اليهودي وذلك رغم اعتذار حسني وتأكيده أن الجملة التي قالها انتزعت من سياقها، خاصة أنها جاءت خلال مناقشة برلمانية ساخنة مع أحد نواب جماعة "الإخوان المسلمين"، وفقا لموقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". وفور إعلان فوزها هنأت وزارة الخارجية الإسرائيلية بوكوفا على انتخابها، وقالت الوزارة في بيان: إن "إسرائيل ترحب بهذا الانتخاب وهي على يقين بأن تعاونها المثمر مع اليونسكو سيستمر بل سيتعزز". وسارعت وزارة الخارجية الفرنسية أيضا إلى الترحيب بانتخاب بوكوفا على رأس اليونسكو، وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان: "للمرة الأولى تتسلم امرأة مقاليد هذه المنظمة الدولية المهمة، للمرة الأولى أيضا يتم اختيار مرشحة من بلد في أوروبا الوسطى هو بلغاريا لتولي هذا المنصب الأساسي". يشار إلى أن إيرينا جيرجويفا بوكوفا ولدت عام 1952 في صوفيا عاصمة البرتغال، وتشغل حاليا منصب سفيرة بلغاريا لدى فرنسا والمندوبة الدائمة لبلغاريا لدى اليونسكو. وبوكوفا دبلوماسية محترفة وسياسية درست في معهد العلاقات الدولية في موسكو وجامعة ميريلاند الأمريكية، وتولت منصب نائب وزير الشؤون الخارجية البلغارية بين عامي 1995و1997، ثم وزيرة الشؤون الخارجية لبلدها عامي 1996 و1997. كما كانت مرشحة لمنصب نائب رئيس الجمهورية في عام 1996، واتخذت موقفا لانضمام بلغاريا إلى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي، وفقا لموقع اليونسكو. وهكذا، تتولى وزيرة الخارجية البلغارية السابقة المنصب خلفا للياباني كويشيرو ماتسورا، على أن تتم المصادقة عليها بتصويت سري الشهر المقبل خلال المؤتمر العام للجمعية العامة التي تضم الأعضاء ال193 في المنظمة، وتتخذ من باريس مقرا لها. ليضيّع بذلك العرب والمسلمون فرصة هامة في اعتلاء هذا المنصب لأول مرة وتحسين الحوار مع العالم الغربي بتأكيد عدد من الملاحظين الذين كانوا يرون في حصول حسني على المنصب فرصة حقيقية لتأكيد الحوار بين الشرق والغرب.