عاد لخضر بلومي في حوار خص به جريدة "العرب" القطرية إلى الوراء وإلى ذكريات مؤلمة حاصرته وأرغمته على عدم مغادرة الجزائر سنوات طويلة، يقول إنها مؤامرة حيكت ضده لأنه كان الأشهر في ذلك الوقت. وشرح كل ما حدث في قضيته مع الطبيب المصري وما خلفته طيلة 19 سنة، حيث قال: "سأروي القصة كاملة، وسأكشف عن أمور مرّ عليها 20 سنة، ففي طريق عودتنا من ملعب القاهرة، بعد أن أخفقنا في المرور إلى مونديال 1990، لكون المنتخب المصري فاز علينا بهدف مقابل صفر، وهو الانتصار الذي كان بطريقة لا يمكن اعتبارها رياضية إطلاقا، ولأن الإخوة المصريين تأكدوا أنهم ظلمونا و"حقرونا" داخل الميدان، فقد اهتدوا إلى إحداث مشكلة، في محاولة منهم للتغطية على ما حدث في تلك المباراة، وبالتالي اختلقوا سيناريو بلومي" وأضاف: "فيجوز أن يكون هذا الطبيب تعرض لاعتداء في مكان ما، فالله يعلم ماذا جرى. المهم أنا لم أكن شاهدا على ذلك الاعتداء، ولا أدري إن كان حدث في الفندق أو خارجه، كما لا يعقل أيضا أن اعتدي على إنسان داخل فندق بدون أي سبب، فالقضية إذن لم يكن لها أي أساس، فالمسألة وما فيها أن المصريين كانوا يخشون مواجهة الجزائريين في الميدان، لأننا كنا نفوز عليهم دوما، لذلك كانوا كثيرا ما يلجؤون لاستغلال أساليب أخرى بهدف التأثير على معنوياتنا، خاصة بعدما أدركوا أننا نحن الجزائريين سريعو النرفزة والغضب". ومضى يسرد القصة وما حدث له في قسم "البوليس" بالقاهرة: "بعد أن التحقت بغرفتي بالفندق، من أجل أخذ قسط من الراحة لكون المباراة انتهت حوالي الساعة السادسة مساء على ما أذكر، ومع حلول الخيوط الأولى لليل جاء رجال من الشرطة إلى الفندق وطلبوا مني مرافقتهم إلى المخفر للتحقيق بحجة أنني ضربت طبيبا مصريا وسببت له عاهة، غير أن المسؤولين عن المنتخب الجزائري رفضوا أن أرافقهم، بعدها جاؤوا بقاضي تحقيق، وذهبنا إلى مستشفى خاص بالفلسطينيين بالقاهرة بحضور مسؤولي المنتخب الجزائري، غير أن مفاجأتي كانت كبيرة، عندما قدم قاضي التحقيق حوالي 15 شهادة طبية ومعاينة، منها تلك التي يدعي الطبيب المصري أنني تسببت له في إعاقة على مستوى إحدى عينيه، وشهادة معاينة تفيد أنني أقدمت على تحطيم غرف تغيير الملابس والحافلة، وشهادات أخرى تفيد بأنني تعديت على حارس الملعب وسائق الحافلة، وأخرى تتهمني بضرب البواب وغيرها من الاتهامات، فقد استغربت لتلك الحزمة من الاتهامات، وقلت لقاضي التحقيق بالحرف الواحد «إذن أنا بطل مصارعة ولا أدري!«، وبالمقابل اعترفت له بأنني كنت عنيفا بعض الشيء أثناء المباراة داخل الميدان، لكنْ هناك حكما للمباراة ولست أنت، عندها ابتسم قاضي التحقيق، وبدا لي أنه هو نفسه استغرب كل تلك الاتهامات ضدي. وفي رده عن سؤال حول إشاعات تتداول بأن الذي تعدى على الطبيب المصري هو أحد زملائه في "الخضر"، قال لخضر: "لقد شهد أغلبية اللاعبين بأن الحارس قادري هو من تعدى على الطبيب المصري، لكن أنا لم أشاهد ذلك لأني كما قلت لك كنت في المصعد برفقة المدرب كرمالي في طريقنا إلى الغرف بالطابق السادس، وهناك ملف على مستوى العدالة الجزائرية، شهد فيه اللاعبون بأن الفاعل هو قادري، فبعد أن أخذت القضية أبعادا ووصلت إلى الإنتربول، تدخلت السلطات الجزائرية وحققت مع اللاعبين الذين كانوا حاضرين أثناء الاعتداء على الطبيب المصري، حتى المدرب كرمالي قال في تصريح له إنني بريء وكنت برفقته متجهين إلى الغرف. وأوضح أفضل لاعب في افريقيا عام81 انه منذ اختلاق قضية بلومي الزائفة تناسى الجميع ما جرى في تلك المباراة إلى اليوم، حيث قال: "لقد دفعت الثمن وحدي. خاصة الأيام العصيبة التي مرت علي منذ صدور أمر القبض الدولي علي من قبل الإنتربول في شهر رمضان سنة 2006، وحُرمت من السفر مدة 3 سنوات كاملة، لكن بعد تدخل رئيس الجمهورية السيد عبدالعزيز بوتفليقة، سويت القضية في ظرف أسبوع واحد". وعن الاسباب الحقيقية التي جعلته يغيب عن بطولة أمم إفريقيا 1990 التي احتضنتها الجزائر وفازت باللقب القاري فيها، للمرة الأولى والأخيرة رد بلومي: "المشكل في غيابي عن دورة الجزائر 1990 عميق جدا، وبالنسبة لي فإن أهم شيء هو أن الجزائر فازت باللقب القاري، والشيخ كرمالي دخل التاريخ، كما أنني مازلت أحترم قراره بإبعادي من المنتخب. لكن الذي يجب أن يعلمه الرأي العام أنني من تقدمت بطلب إلى كرمالي خلال شهر يناير 89 من أجل الحصول على فترة راحة، ووعدته بالانضمام إلى المنتخب مع شهر فبراير أي قبل شهر من انطلاق بطولة إفريقيا التي احتضنتها الجزائر في أفريل 1990، لأن معنوياتي كانت في الحضيض بعد الذي حدث لي في مصر، غير أن كرمالي لم يستدعني مجددا، وقيل لي يومها من بعض الأطراف إن كرمالي لما سئل عن أسباب شطب اسمي قال إن بعض الصحافيين الذين كان لهم تأثير على المنتخب رفضوا عودتي". وعندما حاول الصحفي ربط هذا الغياب بعلاقته الفاترة مع رابح ماجر في تلك الفترة قال المتحدث: "أبدا ليس هناك أية علاقة، لكن نفس تلك المجموعة من الصحافيين الذين تسببوا في إبعادي من المنتخب في عام 1990، وعلى رأسهم الصحافي لحبيب بن علي المتواجد حاليا بالجزيرة الرياضية، عمدت إلى تسريب إشاعات تقول إن بلومي و4 لاعبين آخرين منهم قاسي سعيد، يقفون ضد انضمام ماجر إلى المنتخب بالمغرب، رغم أن بن علي نفسه قال في مأدبة عقب تأهلنا إلى الدور قبل النهائي في دورة أمم إفريقيا بالمغرب إنه رغم أنف ماجر فالجزائر -باللاعبين المحليين- وصلت للمربع الذهبي. وقد روى لي المدرب رواي أن كرمالي قال له إن هؤلاء الصحافيين أنفسهم هم من ضغطوا عليه حتى لا يعيدني إلى المنتخب في بطولة 1990 بالجزائر، وما أؤكده بهذه المناسبة أن علاقتي بماجر كانت وما زالت جيدة جدا، حيث كنا نقتسم الغرفة أثناء المعسكرات، كما أدينا الخدمة العسكرية معا، وكنت أزوره في بيته مرارا وتكرارا، كما أننا الآن في تواصل دائم وعلاقتنا جيدة، فمؤخرا جاءت فرقة من قناة الجزيرة الرياضية لإعداد شريط وثائقي عن ماجر، فزاروني بوهران واتصلت بالحارس دريد وبن صاولة، وتحدثنا عنه بكل ما نعرف، أما الشيء الذي استخلصته بعد مرور كل هذه السنين فهو أن هؤلاء نجحوا في مسعاهم وأبعدوني عن المنتخب لمدة تفوق 3 أشهر، مباشرة بعد بطولة أمم إفريقيا بالمغرب بحجة عدم تفاهمي مع ماجر، أما الشخص الذي نفذ الخطة فكان مدرب المنتخب لموي، الذي عاد واستدعاني مجددا بمناسبة مباراة ودية ضد السويد سنة 1989. غير أنني أصررت على توضيح الموقف، فتقابلنا أنا وماجر في غرفة واحدة على هامش المعسكر تحضيرا لمواجهة السويد، فأظهر لي إصابة عميقة على فخذه، وقال لي إنها السبب في تخلفه عن دورة المغرب، عندها قلت له »كان عليك قول الحقيقة من البداية«، فرد علي بأنه يجب أن لا أعطي أهمية لتلك الإشاعات. وختم بلومي كلامه بخصوص هذه القضية بالقول: "أما ما أخفاه ماجر وكنت على علم به فهو أن بعض المسؤولين يومها في وزارة الرياضة بالجزائر، وعدوه بتسوية أمر ما، وأخلفوا وعدهم له، فقاطع ماجر دورة المغرب ولم يحضر، كما يجب الإشارة بخصوص هذا الملف، هو أنه من أجل غلق قضية ماجر الذي رفض تلبية نداء الوطن والمجيء إلى المغرب، لكونها أصبحت قضية رأي عام، سربوا إشاعة بأن بلومي ضد تواجد ماجر بالمنتخب الوطني، فنجحوا في غلق قضية ماجر وفتحوا قضية بلومي".