جدد الممثل الدائم للجزائر لدى الأممالمتحدة السيد مراد بن مهيدي بنيويورك استعداد الجزائر التام للعمل مع جيرانها من أجل تفعيل مسار التشييد المغاربي على أسس متينة ودائمة، مشيرا في سياق متصل إلى أن التسوية العادلة والدائمة لنزاع الصحراء الغربية حاسمة في تحقيق السلم والاستقرار ووحدة المغرب العربي. وأشار الدبلوماسي الجزائري في مداخلته، أول أمس، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في إطار النقاش العام حول مسائل تصفية الاستعمار إلى أن بناء صرح مغاربي سليم ومتين يستدعي الانضمام إلى الرؤية القيمة الرامية إلى بناء مستقبل في منأى عن التمزقات بين الإخوة، مؤكدا بأن الجزائر التي تجعل من مشروع مغرب عربي موحد ومستقر أولوية وطنية، عازمة على التحرك مع جيرانها من أجل تفعيل مسار التشييد المغاربي على أسس متينة ودائمة. وذكر السيد بن مهيدي أن مسألة الصحراء الغربية تعتبر مسألة تصفية استعمار لم يتم استكمالها، متأسفا لكون هذه المسألة مثال عن الانسداد والفرص الضائعة، وأوضح في هذا الصدد أن الخطوط المديرة لإخراج هذا النزاع من المأزق معروفة وتتطلب مسعى حازما وإراديا في الوقت الراهن، واستشرافيا على المدى البعيد، مؤكدا بأن تسوية مسألة الصحراء الغربية "تمر حتما بممارسة شعب هذه الأرض حقه في تقرير مصيره". وذكر المتدخل بأن الأممالمتحدة والدول الإفريقية المجتمعة في إطار منظمتها الإقليمية تتقاسمان هذا التصور وما فتئت تسعى بثبات منذ بداية النزاع في إطار الانسجام والوضوح والتكامل من أجل استعادة الشعب الصحراوي لكامل حقوقه، مستدلا بتأكيد الجمعية العامة ومجلس الأمن مرارا دعمهما لمبدإ الاستفتاء، ومتأسفا في الوقت نفسه "لأن مماطلات في تناقض مع هذه المواقف الواضحة أخرت مواصلة المفاوضات المباشرة (بين المغرب وجبهة البوليزاريو) خلال أكثر من سنة". ولدى تطرقه إلى اللقاء الذي جمع الطرفين في أوت الفارط في "دورنشتاين" بالنمسا، عبر الدبلوماسي عن ارتياح الجزائر لاستئناف الحوار وإشادتها بجهود المبعوث الشخصي للامين العام لمنظمة الأممالمتحدة السيد كريستوفر روس "الذي ساهم تعيينه في خلق جو تسوده الثقة". كما أكد بأن الجزائر دعمت هذا المسار بصفتها بلدا ملاحظا وجارا طبقا للمبادئ المرجعية التي وضعها الأمين العام الاممي، وشاركت في هذا المسار وهي واعية وعيا تاما بمسؤولياتها إزاء شعوب المنطقة، ومقتنعة بأن عملية السلام في الصحراء الغربية تخدم المنطقة قاطبة. وجدد السيد بن مهيدي في نفس الإطار ثبات موقف الجزائر "التي ستواصل دعمها الكامل للامين العام لمنظمة الأممالمتحدة ومبعوثه الشخصي، في جهودهما الرامية إلى التوصل إلى حل متفق عليه طبقا لمبادئ الأممالمتحدة، في مجال تصفية الاستعمار وتمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير بكل حرية"، معربا في المقابل عن أسفه لبقاء إقليم الصحراء الغربية بعد مرور أكثر من 18 سنة على إنشاء هيئة "المينورسو" مغلقا في وجه الملاحظين الأجانب وآليات التحقيق التابعة لمنظمة الأممالمتحدة في مجال حقوق الإنسان. ودعا السيد بن مهيدي في ختام مداخلته المجموعة الدولية المستمرة في التزامها لصالح احترام الشرعية الدولية، إلى "معالجة هذا الاستثناء" والضغط بكل وزنها من اجل التعجيل بالتوصل إلى حل مقبول من كلا الطرفين، يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، كما أعرب عن أمل الجزائر في أن تشهد سنة 2010 تسوية لكل المسائل المدرجة في أجندة اللجنة الأممية تصفية الإستعمار. وعلى غرار الدبلوماسي الجزائري؛ فقد دعا معظم المتدخلين في اللجنة الرابعة للجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة إلى تسوية عادلة ومستديمة لمسألة الصحراء الغربية، مجددين تأكيدهم على حق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير المصير، كما جددوا خلال النقاش العام حول مسائل تصفية الاستعمار دعمهم لجولة المفاوضات المتعلقة بهذه القضية التي تنظر حلها وفق ما تمليه مبادئ الشرعية الدولية. وبالمناسبة أكد ممثل ناميبيا الذي تدخل باسم مجموعة تنمية إفريقيا الجنوبية أن منظمته تدعم موافقة اللجنة الرابعة على لائحة حول مسألة الصحراء الغربية، مبرزة مبادئ تقرير المصير وتصفية الاستعمار، معربا عن انشغال المجموعة لعدم تسجيل التقرير الأخير للأمين العام حول المسألة أي تقدم خلال الفترة المدروسة. ولم يخف المتدخلون انشغالهم بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان الممارسة من قبل النظام المغربي في حق الشعب الصحراوي، داعين الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة إلى فتح تحقيق وتقديم تقرير بشأنه لمجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أنه في الوقت الذي افتتحت فيه أشغال اللجنة الرابعة لمنظمة الأممالمتحدة حول تصفية الاستعمار مسألة الصحراء الغربية، عمد البوليس المغربي إلى اعتقال 7 نشطاء حقوقيين صحراويين بمطار الدارالبيضاء، وجاء ذلك ليؤكد مجددا تعنت النظام المغربي وإصراره العلني على سياسة القمع ورفض القانون الدولي وعدم احترام حقوق الإنسان، مع الإشارة إلى أن أجهزة القمع المغربية لازالت تتستر عن مصير أكثر من 600 مفقود صحراوي و151 أسير حرب و40 سجينا سياسيا.