أكد محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاسي أن عملية إنشاء مكاتب الصرف لا تزال مفتوحة أمام المتعاملين، غير أن الإقبال عليها يبقى شبه منعدم، وأن البنك سيشرع في الأشهر القادمة في إعادة النظر في التشريع الخاص بهذا المجال قصد تفعيله، وأشار من جهة أخرى الى أن ودائع الجزائر في الخارج توجد في مأمن عن الهزات المالية العالمية كونها موضوعة في صناديق سيادية. وذكر السيد لكصاسي في رده مساء أول أمس على تساؤلات نواب المجلس الشعبي الوطني خلال مناقشة التقرير السنوي حول التطورات المالية والنقية للعام الماضي أن النظام المالي الجزائري يوجد في مأمن عن الهزات المالية العالمية بالنظر إلى الإجراءات الاحترازية المتخذة منذ سنة 2006 منها الدفع المسبق للمديونية الخارجية، ورفض إيداع الأموال الجزائرية في الخارج في بنوك وصناديق غير سيادية، وفي هذا السياق؛ أوضح أن ودائع الجزائر في الخارج هي على شكل أصول سيادية، وأن جميع الأموال التي تم إيداعها في الأصول عالية المخاطر تم سحبها وتم تحويلها الى أصول تابعة للحكومة، مقابل الحصول على فائدة سنوية لا تتعدى 3 بالمئة، وأنه في السداسي الأول من السنة الجارية انخفضت النسبة الى 2 بالمئة فقط. وأضاف أن تنويع احتياطات العملات أدى الى التصدي لتقلبات سعر الصرف بين الاورو والدولار. وأوضح المتحدث أن الجزائر اختارت إيداع أموالها في أصول سيادية ذات الفائدة الصغيرة لضمان عدم هدرها بدل اللجوء الى الأصول عالية المخاطر التي تدر فوائد كبيرة جدا لكنها تبقى عرضة للهزات المالية العالمية. واستوقف نواب المجلس الشعبي الوطني الذين ناقشوا التقرير وعددهم 40 من أصل 389 نائبا محافظ البنك حول ظاهرة انتشار التجارة الموازية للعملة الصعبة واعتبروا ذلك وجها من أوجه عمليات تبييض الأموال، فتحدث عن عزوف البنوك عن فتح مكاتب للصرف التي شرع في اعتمادها منذ سنة 1995، وأرجع غياب مثل تلك المكاتب الى قلة الاهتمام من طرف جميع المؤسسات المالية والبنوك سواء العمومية او الخاصة الوطنية والأجنبية، وأعلن عن نية البنك في مراجعة التشريعات الخاصة بهذا الجانب قصد توفير مناخ أكثر ملاءمة يجعل البنوك تهتم أكثر بفتح شبابيك خاصة بصرف العملة. وحول سؤال جاء على لسان أكثر من نائب يخص القضاء على الأوراق النقدية المهترئة خاصة من فئة 200 دينار، اكد السيد لكصاسي أن البنك شرع في تجديد الأوراق النقدية من فئة 1000 و500 دينار، وأن عملية تجديد الأوراق من فئة 200 دينار شرع فيها مباشرة بعد تلك التي مست فئة 100 دينار سواء القطعة الورقية أو القطعة النقدية. وأمام الوضع العالمي الذي تتحكم فيه الأزمة المالية، دعا السيد لكصاسي الحكومة الى تبني منهجية جديدة في مجال الاستثمار، وأوضح أن التحدي الواجب رفعه من طرف الحكومة هو إرساء تنافسية خارج قطاع المحروقات من خلال اتخاذ تدابير اقتصادية تساهم في تنويع الاقتصاد. ومن جهة أخرى، دافع السيد لكصاسي وبإلحاح عن مضمون تقريره الذي كان عرضة لبعض الانتقادات من طرف النواب الذين رأوا فيه "تكرارا" لأرقام قدمت من طرف بعض المسؤولين الحكوميين، إضافة الى كونه أسهب في شرح الأزمة المالية العالمية التي جاءت في فصل كامل في التقرير، وأوضح محافظ بنك الجزائر أن التقرير تم إعداده وفقا للمعايير المعمول بها من طرف جميع البنوك المركزية للدول وأن الفصل الخاص بالأزمة المالية العالمية هو تحليل واقعي يوضح قنوات انتقال الأزمة المالية العالمية الى الاقتصاد الوطني الجزائري. كما دافع المحافظ عن لجوء الدولة الى إنشاء صندوق يتم فيه إجماع احتياطات الصرف، وأوضح أن تلك الاحتياطات التي بلغت 144 مليار دولار الى غاية نهاية السداسي الأول من السنة الجارية "ليس تجميدا للأموال العمومية، بل هو ضمان لاستمرارية مشاريع الاستثمار التي باشرتها الدولة باعتبارها المستثمر المهم"، وأضاف أن الأزمة المالية العالمية بينت أن الإستراتيجية المبنية على الاستثمارات العمومية هي المدعم الوحيد للاقتصاد في هذا الظرف. وذكر محافظ بنك الجزائر بأن السياسة التي اعتمدتها الجزائر لمواجهة الأزمة مكنتها من تسجيل فائض في ميزان المدفوعات بشكل متنام، حيث بلغ في نهاية العام الماضي 1ر43 مليار دولار. ومن جهة أخرى؛ أوضح محافظ بنك الجزائر أن السنتين الأخيرتين شهدتا توازنا في ميزان الرأسمال عكس الدول التي تأثرت جراء الأزمة العالمية حيث شهدت عجزا في ميزان رأسمالها نظرا لانخفاض أسعار المواد التي كانت تصدرها للخارج مما أدى الى لجوئها الى صندوق النقد الدولي. وبخصوص الآليات التي من شأنها تمويل الاقتصاد الوطني أوضح محافظ بنك الجزائر أن "هناك فائضا هيكليا في السيولة وارتفاعا في القروض متوسطة وطويلة الأجل الموجهة من قبل البنوك إلى جانب تمويلات أخرى قدمتها الخزينة". وحول ملف مكافحة تبييض الأموال ومحاربة الإرهاب، أكد أن الدولة ماضية في سياسة مكافحة تبييض الأموال طبقا للقانون المعمول به، من خلال الرقابة الدائمة للبنوك بما في ذلك الرقابة على مدى فعالية الأنظمة المعتمدة من طرف تلك المؤسسات، وأشار إلى أن البنوك تقدم تقريرا سنويا للجنة المصرفية التابعة لبنك الجزائر للنظر في فعالية جهازها المصرفي إلى جانب الرقابة الداخلية التي يمارسها البنك في حد ذاته. وكان السيد لكصاسي في عرضه للتقرير أمام النواب في جلسة ترأسها السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس أكد أن الوضعية المالية الخارجية للجزائر "متينة" على الرغم من اثر الصدمة الخارجية على ميزان المدفوعات الذي سجل عجزا يقدر ب 64ر1 مليار دولار خلال السداسي الأول من سنة 2009 . وقال إن الدين الخارجي انخفض الى الى3.9 مليار دولار في نهاية جوان 2009 مقابل 4.3 مليار دولار نهاية 2008. وحسب إحصائيات البنك؛س فقد عرفت صادرات المحروقات انخفاضا كبيرا، حيث بلغت خلال السداسي الأول من السنة الجارية 19.96 مليار دولار مقابل 41.70 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2008 .