كشف محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاسي أمس، ان احتياطات الجزائر من العملة الصعبة بلغت إلى غاية شهر افريل من السنة الجارية 125.95 مليار دولار، وأعلن من جهة أخرى عن قرب الشروع في طبع أوراق نقدية من فئة 200 و500 دينار لتعويض تلك المتداولة حاليا. في خطوة هي الأولى من نوعها، عرض محافظ بنك الجزائر السيد محمد لكصاسي أمس، التقرير السنوي حول الوضعية المالية والنقدية للبلاد على أعضاء مجلس الأمة، تضمن جميع المؤشرات المتعلقة بالتطور المالي في الجزائر خلال السنة الماضية، وركز في مداخلته التي تواصلت لأكثر من ساعة ونصف الساعة حول واقع البنوك الجزائرية والاقتصاد الوطني في ظل التحولات العالمية التي تميزها أزمة العقار الرهني في الولاياتالمتحدة وتراجع سعر صرف الدولار من جهة وارتفاع أسعار النفط من جهة أخرى. وقال محافظ بنك الجزائر أن احتياطي الصرف عرف ارتفاعا متزايدا السنة الجارية بسبب ارتفاع أسعار النفط، حيث انتقل الاحتياطي من 110 مليار دولار نهاية 2007 ليصل إلى 125.95 مليار دولار نهاية شهر افريل من العام الجاري. وحسب السيد لكصاسي، فإن هذا الارتفاع المتزايد في حجم الاحتياطات الرسمية للصرف في السنوات الأخيرة تزامن مع تنويع عملات التوظيف مما ساهم في ضمان تسيير أفضل لخطر الصرف بين العملات الرئيسية أي من تأثر انخفاض سعر الدولار مقارنة بأسعار العملات الأخرى خاصة اليورو والجنيه الإسترليني. ودافع محافظ بنك الجزائر عن الطريقة التي تدار بها هذه الأموال وأكد أنها تخضع للمقاييس والمعايير الدولية المعتمدة في تسيير مثل هذه الصناديق، وأوضح أن هناك ما يعرف في الأوساط المالية ب"محفظة مرجعية" يتم على أساسها تسيير هذه الاحتياطات التي تخضع طريقة تسييرها الى تقييم سنوي للنتائج المتحصل عليها، مضيفا ان تمتع أي بلد باحتياط صرف يكون الضامن لصياغة سياسة صرف خاصة به. ومن جهة أخرى قدّر السيد لكصاسي، حجم الديون الخارجية المستحقة على الجزائر ب4.889 مليار دينار إلى غاية نهاية العام الماضي بنسبة تمثل 3.6 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، موضحا أن سياسية الدفع المسبق للديون الخارجية التي شرع في تنفيذها منذ سنة 2004 بوتيرة سريعة مكنت من خفض من 16.485 مليار دولار نهاية 2005 إلى 5.062 مليار دولار نهاية 2006 ثم الى 4 ملايير سنة 2007، كما سمحت بالرفع من نسبة الادخار العمومي من جهة، ومن جهة أخرى تم تجاوز تداعيات الأزمة الدولية الراهنة خاصة وأن جميع المؤسسات المالية العالمية ومختلف البنوك أصبحت تشدد تدابير وإجراءات منح القروض للدول صاحبة الطلب في هذا الشأن. وقدر المحافظ خدمات الديون ب230 مليون دولار العام الماضي بانخفاض كبير مقارنة بسنة 2006 حيث بلغت قيمة تلك الخدمات ب 760 مليون دولار. وحول الصادرات الجزائرية من المحروقات فقد أشار السيد لكصاسي إلى تراجع حجمها العام الماضي وذلك بسبب تراجع حصة شركاء سوناطراك بفعل الرسم على الأرباح الاستثنائية المطبق على تلك الشركات منذ جويلية 2006 من خلال تطبيق قانون المحروقات الجديد، وبذلك انخفضت حصة هؤلاء الشركاء (المداخيل) من 5.29 مليار دولار إلى 3.90 مليار دولار. ولكن رغم ذلك فإن مبلغ الصادرات الكلي بالنسبة للجزائر لم يعرف تراجعا حيث قدر ب59.61 مليار دولار أي بزيادة تقدر ب11.2 بالمئة مقارنة ب2006 . ولاحظ التقرير المالي والنقدي تراجعا في الصادرات خارج المحروقات حيث وصفها بالضعيفة حيث لم تتعد قيمتها مبلغ 980 مليون دولار، وهي التي قدرت سنة 2006 ب1.13 مليار دولار. ودعا التقرير في هذا السياق إلى ضرورة تدارك الأوضاع من خلال تحسين التنافسية الخارجية واستغلال وضعية انفتاح السوق الوطنية. ومن جهة أخرى ووفقا لمحتوى التقرير فقد بلغ معدل التضخم نسبة 5.63 بالمئة نهاية شهر مارس و6.44 بالمئة نهاية شهر أفريل. وأرجع محافظ بنك الجزائر هذه الزيادة في نسبة التضخم إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية المستوردة، ولمواجهة هذا النوع الجديد من التضخم يواصل بنك الجزائر تثبيت معدل الصرف الفعلي مع إدارة صارمة لتدخلات السياسة النقدية. توجيه 2558 اعذار إلى البنوك وحول واقع تطور الشبكة البنكية في الجزائر، قال السيد لكصاسي أنه مع دخول بنك جديد في النشاط العام الماضي، فإن النظام البنكي الوطني أصبح يتشكل من 25 بنكا ومؤسسة مالية معتمدة، وأشار إلى أن البنوك العمومية تواصل هيمنتها على النظام البنكي الحالي بالنظر الى أهمية شبكة وكالاتها الموزعة عبر كامل التراب الوطني رغم تسجيل سرعة في إقامة وكالات بنوك خاصة. وبلغت شبكة البنوك العمومية خارج بنك الجزائر إلى غاية ديسمبر2007، 1093 وكالة وفرع بينما لم تتجاوز شبكة البنوك والمؤسسات المالية الخاصة 196 وكالة مقابل 152 وكالة سنة 2006 . وقدّر السيد لكصاسي عدد الشبابيك المفتوحة على المستوى الوطني بما في ذلك، تلك التابعة لبنك الجزائر 1338 شباكا، مما يمثل شباك واحد لكل 25700 نسمة. ولاحظ التقرير بأن المؤشرات المرتبطة بمستوى الأداء البنكي يبقى ضعيفا مقارنة بتلك المسجلة في الدول المتوسطية المجاورة. وأشار محافظ بنك الجزائر إلى أن البنوك الجزائرية لا تزال تتعامل بحذر فيما يخص منح القروض رغم وجود تحسن في أدائها وقدر حجم القروض الممنوحة العام الماضي والموجهة للإستثمار خاصة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمحروقات وكذا لتشجيع قطاع السكن ب2206 مليار دينار أي بارتفاع قدر ب11.3 بالمئة مقارنة بسنة 2006، حيث تم إحصاء منح أكثر من 1900 مليار دينار. وفي مجال الرقابة التي يفرضها بنك الجزائر على سير البنوك، تحدث السيد لكصاسي عن رقابة دائمة لكل المؤسسات المصرفية حيث يجري مفتشو بنك الجزائر عملية مراقبة أو أكثر في السنة وأعلن عن توجيه 2558 مراسلة وإعذار الى مختلف البنوك والفروع منها العامة والخاصة تعلم البعض وتحذر البعض الآخر من تأخر إرسال التقارير البنكية السنوية إلى بنك الجزائر كما يشترطه القانون. طبع أوراق نقدية من فئة 200 و500 دينار قريبا وفي سياق آخر استبعد السيد لكصاسي أية مسؤولية لبنك الجزائر في نقص الأوراق والسيولة النقدية التي اشتكى منها بريد الجزائر. وأوضح في رده على انشغالات أعضاء مجلس الأمة التي طرحوها خلال النقاش والتي ركزت على وضعية الأوراق النقدية المهترئة، أن البنك غير مسؤول عن ذلك واستعرض عملية تجديد الأوراق التي شرع في تنفيذها قبل أربع سنوات. وأكد أن عملية تجديد الأوراق النقدية بدأت في سنة 2004 من خلال طبع ورقتي صنف 1000 و500 دينار جزائري قبل أن تنتقل العملية إلى الأوراق من فئة 200 دينار الأكثر تداولا في السوق إضافة إلى وضع قطع نقدية من فئة 100 دينار. وأشار الى ان عملية اضافية سيشرع فيها قريبا تخص طبع ارواق من فئة 200 و500 دينار. وحول مخاوف اعضاء مجلس الامة من مصير احتياطات الصرف الموضوعة في بنوك أمريكية، طمأن السيد لكصاسي أعضاء المجلس وقال في هذا السياق، أن بنك الجزائر حقق عائدات تفوق 4 بالمائة من استثمار احتياطي الصرف في سندات خزينة بمصارف أمريكية.