توج فيلم "عشاق الصرعات" للمخرج الروسي فاليري تودوروفسكي بجائزة أفضل فيلم روائي، ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي بأبو ظبي التي اختتمت فعالياتها اول امس. وحصل "فيلم الجولة الأخيرة" للمخرج غليندين إيفن على جائزة أفضل مخرج روائي جديد وفيلم "الزمن الباقي" للمخرج إيليا سليمان على جائزة أفضل روائي شرق أوسطي. أما المخرجة بيلين أسمر فنالت جائزة أفضل مخرج روائي شرق أوسطي عن فيلمها "10 حتى 11 " وجائزة أفضل ممثل لحامد بهداد عن دوره في فيلم "لا أحد يعرف بأمر القطط الفارسية" . وفي المقابل توج فيلم "في الطريق إلى المدرسة" بجائزة أفضل فيلم وثائقي شرق أوسطي. وعن مسابقة الأفلام القصيرة حصل فيلم "رجل ال6.50 " للمخرجين مارك ألبيستون ولويس سيزرلرلاند على جائزة أحسن فيلم روائي قصير، وفيلم "وضاح" للمخرجين سوبريو سن ونجف بيلغرامي على جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير، في حين نال "طرابلس علهدا" للمخرجة رانيا عطية جائزة أفضل فيلم شرق أوسطي قصير. وتضمن المهرجان عروض أفلام عالمية للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط، من بينها فيلم "الرجال الذين يحدقون بالماعز" للمخرج غرانت هيسلوف، الذي تدور بعض أحداثه في الكويت وعلى الطريق الصحراوي نحو العراق. وشارك في الدورة الحالية للمهرجان مجموعة من الأفلام بلغت 129 من 49 بلدا، منها 72 فيلما طويلا مقابل 57 فيلما قصيرا من 29 دولة. وكان مجموع النقاد والمتابعون صورة تقييمية عامة للمهرجان في دورته المختتمة، وكان إلغاء استعراض الافتتاح أول التغييرات بالدورة التي انطلقت في الثامن من الشهر الجاري، وهي خطوة وصفها الناقد الفني طارق الشناوي بالجيدة. مضيفا أن "سنة" الاستعراضات التي ابتدعتها مصر "مضيعة للوقت والجهد وليست لها علاقة مباشرة بالمهرجان". الأمر الآخر المميز في المهرجان هذا العام - حسب الشناوي- هو التأكيد على "شرق أوسطيته" واستحداث جائزتين لأفضل فيلم ومخرج من الشرق الأوسط، وهو ما يصنع للمهرجان خصوصيته. داعيا إلى تأكيد التوجه الجغرافي للمهرجان مستقبلا. ورغم ذلك، يرى الشناوي أن المهرجان افتقد لأي تطور نوعي عن الدورتين السابقتين. أما عن الأفلام المصرية الثلاثة المشاركة في مسابقة الأفلام الروائية، وهي "المسافر" و"ألوان طبيعية" و"هليوبوليس"، فقد مثلت جميعها حسب الشناوي ما يسمى السينما المستقلة والمتميزة بابتعادها عن سطوة وتأثير النجوم، ووضوح رؤية المخرج باعتباره صانع الفيلم. وهذه السينما التي ظهرت مؤخرا على الساحة المصرية ما تزال تواجه صعوبات من بينها محدودية إمكانيات الإنتاج وعزوف شركات التوزيع عن شرائها لغياب النجوم عنها، حسب الشناوي. السياسة هي الأخرى كانت حاضرة بقوة في الأفلام العربية المشاركة، فكانت الموضوع الرئيسي في كل من الفيلم السوري "الليل الطويل"، والعراقي "ابن بابل"، والفلسطيني "الزمن الباقي"، كما ألقت بظلالها على أحداث بقية الأفلام العربية المشاركة بالمسابقة. وبرر ذلك الكاتب والناقد السوري حكم البابا بما يفرضه واقع العالم العربي على الفن والسينما باعتبارهما مرآته. ورغم ذلك يري البابا أن معظم الأفلام العربية بالمهرجان لم تنجح في توظيفها بشكل فني. موضحا أن السياسة في الفيلم المصري "المسافر" جاءت مفتعلة، وفي العراقي "ابن بابل" كانت نوعا من النواح العراقي ووسيلة للحصول على دعم مادي لإنتاج الفيلم. من ناحية أخرى، عدد البابا أخطاء المهرجان بدءا بالاحتفاء بحضور نجوم التلفزيون واعتبارهم نجوما للسينما، بالإضافة لما أسماها "فوضى تنظيمية" نتيجة لانتقال المهرجان من إدارة إلى أخرى. وعاب على المهرجان استخدام الإنكليزية لغة أساسية، بينما كانت العربية هامشية، حتى أن أحد المخرجين العرب قام بالتعقيب على فيلمه العربي باللغة الإنكليزية. بينما أخذ البابا على معظم الأفلام العربية المشاركة في المسابقة الرسمية "ارتباكها" من ذلك الفيلم الفلسطيني "الزمن الباقي" لإيليا سليمان، الذي وجد فيه خلطا بين أجناس فنية مختلفة، مثل السخرية والتأريخ والرمز، مما يحتاج معه إلى عبقرية خاصة لحبكها "لم تتوفر للفيلم"، حسبه. وتميز برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية بجودة الأفلام العربية المشاركة والبالغة ستة أفلام، وهو ما يؤكد ضرورة إفساح المجال لإنتاج مزيد من تلك الأفلام. وقد دعت إلى ذلك المخرجة المصرية تهاني راشد مخرجة الفيلم الوثائقي "جيران"، الذي نال إعجاب النقاد والجمهور، ويدور حول التحولات التي مر بها حي غاردن سيتي خلال ما يزيد عن نصف قرن. راشد أكدت تفاؤلها بوجود جيل جديد من الشباب في مصر محب لهذا النوع من الأفلام ويريد أن يقدمه بشكل مختلف ومبتكر، إلا أن خروج هذه الأفلام إلى النور بحاجة - كما تقول - إلى الضليعين الآخرين وهما منتج محب للسينما وموزع شجاع.