رئيس الجمهورية يدعو إلى نظام وقائي من مخاطر التغيرات المناخية أبرز رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أول أمس، ضرورة أن تتزود إفريقيا بنظام وقائي للتقليص من مخاطر التغيرات المناخية، مع دمجه كمقوم رئيسي للتنمية المستدامة بغية التخفيف من الترحيل القسري والحد من نزوح السكان. وأكد الرئيس في كلمة قرأها نيابة عنه الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، السيد عبد القادر مساهل، في القمة الخاصة حول "اللاجئين والمرحلين نحو أوطانهم والمبعدين الداخليين في إفريقيا"، أن النزاعات الداخلية وانعدام الأمن يعتبران من الأسباب الرئيسية للترحيل القسري للسكان الأفارقة، مشيرا إلى أن عمليات الترحيل تكون في غالب الأحيان مرفوقة بكوارث إنسانية خطيرة تؤدي إلى تفكك النسيج الاجتماعي بشكل دائم. وتأسف السيد بوتفليقة لكون العديد من المكاسب التي تم تحقيقها على حساب تضحيات جسام، كالتحرر، تناثرت وتلاشت بفعل تفكك آلاف العائلات التي أجبرت على اختيار النفي، للفرار من مناطق النزاعات ومحاولة البحث عن سبل العيش، ملاحظا بأن النساء والأطفال هم الضحايا الأكثر عرضة وهشاشة أمام هذه المآسي، التي تضاف إليها الكوارث الطبيعية كنتيجة للتصحر وإتلاف الغابات باعتبارهما ظاهرتين زادت حدتهما في السنوات الأخيرة بسبب التغيرات المناخية التي تؤثر على القارة. وأشار في نفس السياق إلى أن إفريقيا لا علاقة لها في الحقيقة بهذه التغيرات، وإنما "تدفع الثمن باهظا مع بروز نوع جديد من اللاجئين والمرحلين، وهم المهاجرون جراء التغيرات المناخية"، مقدرا بأن عدد هؤلاء قابل للارتفاع في السنوات المقبلة، بسبب الآثار الكارثية لارتفاع درجة حرارة الأرض على البيئة الهشة. واعتبر السيد بوتفليقة أن الوقاية والحماية والأمن والكرامة، ينبغي أن تشكل الأساس لأية سياسة تسيير لمسألة الترحيل القسري للسكان، مؤكدا في نفس الإطار أن الجهود الرامية إلى تسوية مشكل الترحيل القسري تتطلب التزاما سياسيا قويا، يسعى لمعالجة الأسباب التي تغذي هذه الظاهرة. ولدى تطرقه إلى وضعية اللاجئين الصحراويين، وصف رئيس الجمهورية العقبات التي تحول دون تطبيق مخطط التسوية الأممي ب"الاختراق لحق شعب الصحراء الغربية في اختيار مصيره بكل حرية وديمقراطية"، مؤكدا في هذا الصدد بأن الجزائر تواصل مد يد العون والحماية والمساعدة للاجئين الصحراويين في انتظار أن تجد هذه القضية حلا نهائيا يفتح الطريق أمام عودتهم إلى بلدهم المحتل حاليا. كما أكد أن حل النزاع الصحراوي "يتوقف حتما على ممارسة شعب الصحراء الغربية لحقه الثابت في تقرير المصير، مجددا دعم الجزائر الكامل لجهود الأمين العام الأممي ومبعوثه الشخصي، الهادفة إلى إيجاد حل نهائي ودائم لنزاع الصحراء الغربية. وأبدى رئيس الدولة في سياق متصل رفضه الحلول الجاهزة والتوظيف السياسي للقضايا الإنسانية لتبرير التدخلات الأجنبية أولاستعمالها كغطاء للتدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة. وحيا في المقابل فكرة الاتحاد الإفريقي لإعداد اتفاقية لحماية ومساعدة الأشخاص المبعدين في الداخل، مشيرا إلى أن هذه المبادرة الحميدة التي تنم عن إرادة البلدان الإفريقية في امتلاك حل نزاعاتهم وأزماتهم الخاصة، ستدعم الصرح الإفريقي الهام في مجال ترقية الحقوق وحماية مصالح الأشخاص المبعدين. كما حيا رئيس الجمهورية التقدم المسجل في إفريقيا في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الراشد، والذي مرده "الإرادة السياسية الحقيقية وتطبيق البرامج الوطنية الهادفة إلى ترقية حقوق الانسان"، مشيرا إلى أن الجزائر تعتبر أنه من واجب ومسؤولية المجموعة الدولية دعم جهد إفريقيا ومساعدتها على جمع الموارد الضرورية لمواجهة مشكلة الترحيل القسري مواجهة فعالة. من جانبه، أكد الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية السيد عبد القادر مساهل أول أمس، أن عودة اللاجئين إلى أوطانهم الأصلية يعد تطلعا شرعيا، ودعا في مقدمة الموضوع الفرعي حول اللاجئين وتدفق الهجرة خلال قمة كمبالا إلى ضرورة التعامل بحذر كبير مع فكرة إستقرار اللاجئين في البلدان المستقبلة، "لأنها تحجب في الواقع حق السكان في عودتهم للعيش في بلدانهم الأصلية". وأوضح الوزير الذي ترأس الورشة التي نظمت حول هذه المسألة أن الجزائر تعرف جيدا هذه الإشكالية، كونها عاشت عبر تاريخها ظاهرة الهجرة ونزوح السكان وظاهرة اللاجئين، مذكرا في هذا الصدد بأن الشعب الجزائري الذي عاش تحت نير الاستعمار، خاض تجربة أليمة في النزوح، بحثا عن ملجأ له في البلدان المجاورة أوفي بعض مناطق بلده للهروب من سياسة القمع الجماعي التي مارسها المحتل على نطاق واسع، وأرفقها بسياسة تجريد الشعب الجزائري من أراضيه الخصبة لإجباره على العيش في مناطق فقيرة وجرداء. واعتبر الوزير من جانب آخر أن الجفاف الذي مس بلدان الساحل لسنوات طويلة حمل مئات الآلاف من الأشخاص على اللجوء إلى الجزائر التي أصبحت غداة الاستقلال بلد وجهة وعبور، مؤكدا بأن السلطات الجزائرية عملت بالتشاور مع نظرائها في البلدان المعنية على ضمان عودة كريمة لهؤلاء السكان إلى بلدانهم الأصلية. وأشار السيد مساهل إلى أن الجزائر التي تبقى وفية لتقاليدها في استقبال الشعوب التي تكافح من أجل حريتها واستقلالها والتضامن معها، استضافت ومازالت تستضيف وتقدم كل المساعدة الضرورية للاجئين الصحراويين الذين فروا من بلدهم بعد الاحتلال في 1975. مذكرا بالمناسبة بأن الجزائر التي طالما أدت واجبها التضامني إزاء شعوب المنطقة وغيرها ساهمت بشكل فعال في بلورة الموقف الإفريقي المشترك حول الهجرة والتنمية. كما قدمت الجزائر مساهمة كبيرة في انعقاد الندوة الوزارية إفريقيا-الاتحاد الأوروبي في نوفمبر 2006 بطرابلس، والتي التزم خلالها المشاركون بإقامة شراكة بين البلدان الأصلية وبلدان العبور والبلدان المستقبلة لضمان تسيير أفضل للهجرة حسب مقاربة شاملة ومتوازنة وفي إطار المسؤولية المتبادلة. وتمت الإشارة خلال الندوة إلى أن الجزائر تعد اليوم إحدى البلدان القليلة في حوض المتوسط التي صادقت على معظم الأداوات القانونية الدولية الخاصة بالهجرة. من جانب آخر، اعتبر السيد مساهل أن تشابك القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تضاف إليها الكوارث الطبيعية كالجفاف والفيضانات، نتج عنه نزوح جماعي للسكان، يجعل من الصعب التمييز بين الأشخاص المؤهلين للاستفادة من وضع اللاجئ والمهاجرين غير القانونيين، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة الشاملة تحتاج إلى حل شامل وتشاوري يعالج الأسباب العميقة التي أدت إلى ظهورها. للإشارة فقد صادقت قمة كمبالا أول أمس، على الاتفاقية الإفريقية الجديدة حول اللاجئين والتي تشكل إطارا قانونيا وشرعيا لمعالجة هذه المسألة.