متحف الامير عبد القادر بمليانة، هو عبارة عن بناية تركية قديمة، كانت في السابق مقرا لقائد تركي، سميت آنذاك ب "دار الباي"، ثم تحولت إلى "دار الأمير"، عندما استولى الأمير عبد القادر على مليانة عام 1835، وقد مر من هذه البناية الإمبراطور نابوليون الثالث في مايو من عام 1865 عندما سقطت المدينة على يد الاحتلال الفرنسي عام 1840 . يتشكل متحف الأمير عبد القادر بمليانة من طابقين وخمس قاعات كبرى، تختصر كلها تاريخ المدينة العريقة الممتد عبر قرون من الزمن، وتوجد قاعة الآثار الرومانية التي تؤرخ لنكبات الملك الامازيغي "يوغرطة" الذي انهزم على يد القائد الروماني "أوكتافيوس" عام 15 ق م الذي أسس مدينة "زكار"، المعروفة حاليا باسم مليانة، في هذه القاعة تنام مجسمات لرؤوس وصور الأمراء والملوك الذين طبعوا المرحلة من الملك يوغرطة إلى اوكتافيوس الروماني وكليوباترا سيليني، بجانب القاعة الرومانية، نجد مباشرة قاعة المقاومة الشعبية، حيث تمثال صغير من البرونز للأمير عبد القادر يتصدر مدخل الباب. كما تضم قاعة المقاومة تراث شيوخ المقاومة الشعبية من الشيخ الحداد وبوبغلة إلى الأمير عبد القادر، بالإضافة إلى مجموعة من النقود، السيوف، المسدسات وبنادق صيد قديمة، وغيرها من الوسائل المتواضعة التي كان الثوار يواجهون بها فرنسا، وحتى القيود التي قيّد بها الشيخ الحداد لا تزال في هذا المتحف شاهدة على وحشية الاستعمار الفرنسي، في نفس القاعة تلبس الجدران تفاصيل المعارك الضارية التي خاضها الأمير ضد المستعمر بكل وقائعها ،اليوم والشهر والسنة وحتى الصور، إضافة إلى التقسيم الإداري والعسكري لدولة الأمير وزمالته. في قلب قاعة المقاومة الشعبية تنفتح الأبواب مباشرة على قاعة أكبر قليلا تتوسطها طاولة كبيرة هي قاعة المخطوطات والاثنوغرافيا، التي تحتوي على مخطوطات قديمة في علوم الدين واللغة والحساب يعود تاريخها إلى القرنين ال 18و19 م، إلى جانب قاعات أخرى تضم الحلي والصناعات التقليدية والكنوز التقليدية التي يعود تاريخها إلى عهد الموحدين في القرن الثاني عشر للميلاد، بنفس المتحف، تم تخصيص قاعة صغيرة لعرض التراث المنجمي لزكار، حيث نجد مجموعة من الوثائق والصور، تفصل في تاريخ استغلال مناجم زكار، أما القاعة الأخيرة ضمت ملخصا بالوثائق والصور واللوحات الزيتية لكفاح ونضال الشعب الجزائري ضد فرنسا إبان الثورة المضفرة، حيث سجلت بالصور أشهر الشهداء والشخصيات التاريخية للمنطقة مثل الخليفة بن علال، محمد بوراس، علي عمار (علي لا بوانت) ومصطفى فروخي وغيرهم... من الطابق العلوي إلى الطابق الأرضي يوجد طريق متكون من أدراج رخامية لا زالت تحتفظ بطريقة بنائها التركية في الطابق الأرضي، حيث يتوسط القاعة صحن به ورود ونافورة الماء كما نجد حمام الأمير على هيئته القديمة منذ العهد التركي وفرن طهي الخبز أو ما يسمى بالكوشة، هنا نجد عرضا مفصلا لأبواب ومداخل المدينة القديمة وخريطة تفصيلية إلى جانب أهم أعلام وأولياء مدينة مليانة التاريخية، أهمهم سيدي احمد بن يوسف الراشدي الولي الصالح الذي نسبت إليه عدة كرامات ونسجت حوله الأساطير، حيث يقال انه دعا على الزيانيين الذين أمروا بقتله خشية أن يؤدي نفوذه المتزايد إلى زحزحة سلطانهم حيث لجأ إلى هليل بين قبائل أردو وأقام زاويته هناك وقال "شوشوا علينا شوش الله عليهم في البر والبحر"، فلم يمض إلا وقت قليل حتى استولى الإسبان على وهران، واخذ الأتراك تلمسان، وهز سيدي احمد بن يوسف كيان الدولة الزيانية، وكان له دور سياسي في عهد الأتراك الذين كثفوا من الاتصالات معه وقربوه من حكامهم خشية أن يقلب السكان ضدهم خاصة بين القرنين ال15 و17.