تعيش الجالية الجزائرية بمصر بحماس وترقب أجواء التحضيرات الجماهيرية للقاء الكروي الحاسم بين منتخبي مصر والجزائر، برسم الجولة السادسة والأخيرة من تصفيات كأسي العالم وإفريقيا 2010، الذي أضحى حديث الشارع المصري دون منازع. فعلى إيقاع "معاك يا الخضراء" وغيرها من الأغاني، يستقبلك كريم ومحمد وعبد الحميد طلبة بمعهد البحوث في شقتهم المتواضعة بحدائق المعادي (حي شعبي يقطنه الكثير من الطلبة الأجانب).. ويحدثونك بكل اعتزاز عن جو التحضيرات قائلين : " لم ننتظر اقتراب موعد اللقاء في 14 نوفمبر القادم لتهيئة أنفسنا لتشجيع ومؤازرة الفريق الوطني "... فبعد عودة معظم الطلبة عقب العطلة الصيفية بدأنا - يقول عبد الحميد طالب بجامعة القاهرة - في التنسيق والعمل على إعداد اللافتات والقبعات ذات الألوان الوطنية، الى جانب الأعلام الوطنية التي جلبها الطلبة من الجزائر. كما تطوعت سيدة جزائرية مقيمة في القاهرة منذ سنوات بتوفير أعداد أخرى بمساعدة بعض صديقاتها. وأكدت السيدة فتيحة، التي كانت متواجدة بالمكان بهذا الشأن، ل"و.أ.ج" : " أعمل حاليا في سباق ضد الساعة لإنجاز اكبر عدد ممكن من الإعلام ". مؤكدة بالمناسبة انها ستذهب بنفسها لملاقاة الأنصار الجزائريين ومنحهم الإعلام التي أنجزتها بنفسها. و لم تخف سعادتها بهذه المساهمة التي تبقى - كما قالت - من المناسبات القليلة التي تعيشها كجزائرية في الغربة. ويبرز هذا الكلام النابع من الأعماق، مساهمة المرأة الجزائرية بمصر وإصرارها على المشاركة في إحداث الأجواء الحماسية تشجيعا لمنتخب بلدها، حيث لم ينقطع تليفون المكلفة بشؤون الجالية الجزائرية، السيدة دليلة، عن الرنين واستقبال مكالمات السيدات للاستفسار عن كيفية اقتناء التذاكر المخصصة للجزائريين. ومع العد التنازلي لموعد المقابلة يزداد الحديث عنها، ويصبح الموضوع الطاغي في كل المناقشات واللقاءات بين أعضاء الجالية، سواء في الجامعات أو المقاهى أو في المنازل، كيف لا؟ يتساءل وحيد، وهو طالب في السنة الثانية اقتصاد بجامعة القاهرة "ونحن نعيش هذا الجو يوميا، فبمجرد أن يعرف أنك جزائري يلتف حولك الناس سواء أكان ذلك في الحافلة أو في المقهى، ليحدثونك عن المقابلة مرددين دوما كلمة حنكسبكم" . وتبقى مسألة التذاكر إحدى المشاكل بالنسبة لأعضاء الجالية الجزائرية، حيث أكد جمال العامل بإحدى الصحف المصرية الصادرة باللغة الفرنسية، أن التذاكر المخصصة للجزائريين تذهب كلها إلى الجزائر، وتبقى نسبة قليلة منها لدى مصالح السفارة، وهي كمية لا تكفي لكل الراغبين في دخول الملعب والجلوس في المربع المخصص للجزائريين بالنظر إلى لون التذكرة. وقال سليم، جزائري مولود بفرنسا، ويشتغل في مصر منذ 5 سنوات كخبير لإحدى الشركات الفرنسية بالإسكندرية " إني انتظر المقابلة بفارغ الصبر لتشجيع المنتخب الوطني بكل ما في وسعي، فهي المرة الأولى التي تتاح لي فرصة مؤازرة منتخب بلادي.. إنه فريق شاب وجيد يستحق التأهل إلى كأس العالم". مضيفا : "لقد عزمت على الذهاب إلى الملعب رفقة زوجتي الفرنسية الجنسية، وأجري حاليا اتصالات مع معارفي في القاهرة للحصول على التذاكر" إلا ان الجو الذي يحيط بالمقابلة - يستطرد سليم - "يخيفني، خاصة مع الحملة الإعلامية لبعض الاقلام (المتعصبة)، مما يجعلني أتراجع عن فكرة مرافقة زوجتي لي رغم إصرارها على الذهاب معي". ولا يشاطر علي من قالمة والطالب في جامعة الأزهر رأي سليم. موضحا انه لا يخشى شيئا من الجمهور المصري "خلال مكوثي بالقاهرة لأكثر من سنتين عرفت سلوك المصريين، حيث ان القلة القليلة منهم فقط تتأثر بالصحافة المحلية، فالتوتر موجود فقط في الإعلام ". ويسترسل في تحليله: " أكيد ان الجمهور المصري شغوف بكرة القدم ومتعصب لمنتخبه، إلا إنني لا أظن انه سيتجاوز حدود الروح الرياضية"، يؤكد نفس الطالب. وكالعادة في مثل هذه التظاهرات اوغيرها، يقوم الجزائريون في مصر بالاتصالات والتنسيق فيما بينهم، سواء للذهاب إلى الملعب لمشاهدة المباراة وتشجيع الأندية الجزائرية أو الاكتفاء بالذهاب الى منزل أحدهم لمشاهدة المباراة في التلفزيون بصفة جماعية والتعبير عن مشاعرهم. وغالبا ما يتم الاتصال بالسفارة الجزائرية التي تؤجر حافلات خاصة، حتى يتم تأطير الأنصار الجزائريين وتخصيص مربع لهم في الملعب، لتجنب الاحتكاك المباشر الذي قد يؤدي إلى مشاحنات.