كشف البروفسور سليم نافطي رئيس الجمعية الجزائرية للأمراض التنفسية والسل عن "تعبه" الشخصي من الحملات التحسيسية التي قادها بنفسه لما يزيد عن 10 سنوات فيما يخص مكافحة التدخين. وأشار لدى استضافته ل"المساء" نهاية الأسبوع المنصرم ان "الجميع يدرك مخاطر التدخين والتدخين السلبي، لذلك فإننا نطالب اليوم الجهات المعنية الدخول في مرحلة الردع"، وتساءل حول الداعي من سن العديد من القوانين المحفزة لمحاربة الآفة اذا بقيت دون تطبيق ولا حتى مراقبة! واعتبر البروفسور نافطي، رئيس مصلحة أمراض الرئة والسل بالمركز الإستشفائي الجامعي مصطفى باشا، أن انتشار التدخين بلغ على المستوى الوطني درجة مؤلمة للغاية إذ أصبحت الآفة تمس كل فئات المجتمع دون استثناء بما فيها تلاميذ الابتدائيات. فالإحصائيات الرسمية تشير الى أن 44 ? من مجموع الذكور فوق سن 15 يدخنون، كما أن هناك مدخنة واحدة من كل 10 نساء وهو ما يمثل نسبة ?9، نسبة قال أنها انخفضت بعدما كانت في حدود 13 ? في السنوات الماضية، وأرجع ذلك لكون المرأة أكثر استجابة للتأثيرات عن الرجل. من جهة أخرى، وبنبرة تنم عن استنفاذه لكل الطرق اعتبر محدث "المساء" ان تأطيره لحملات التحسيس بمخاطر التبغ وآثاره السلبية اجتماعيا واقتصاديا لما يزيد عن 10 سنوات كافيا تماما للخروج من مرحلة التحسيس نحو مرحلة الردع، وهي السنوات التي قال بشأنها المختص معلقا: "بركات"؛ فأضرار التبغ أصبحت معروفة للجميع ولكل فئات المجتمع وعلى كل المستويات "وحان الوقت لاتخاذ إجراءات أخرى أكثر صرامة، فالقوانين موجودة ولكن المشكل يتفاقم سنة تلو الأخرى. فالإحصائيات تشير الى وفاة 15 ألف جزائري سنويا بسبب التدخين، كما نسجل سنويا 30 ألف حالة جديدة من السرطان الناتج عن استهلاك التبغ، واذا استمر الأمر على شاكلته فان الأرقام ستصبح أكثر رعبا في الخماسي 2010 -2015 بحيث سنسجل 300 ألف حالة سرطان رئة سببه المباشر التبغ، وحوالي 100 ألف حالة سرطان بكافة أنواعه". مشاكل التنفس تهدد 80?من العاصميين وفي انجازه للعديد من الاستطلاعات خلال السنوات العشر الأخيرة، أكد المختص ان التدخين أضحى يمس كل الفئات بما فيها الأطفال المتمدرسون، إذ ان 03 ? من أطفال الطور الابتدائي بمدارس دائرة حسين داي بالعاصمة الجزائر مثلا يدخنون، و12 ? من تلاميذ المتوسط يدخنون كذلك فيما ترتفع نسبة المدخنين وسط تلاميذ الثانويات إلى 27 ? بالنسبة للجنسين. وهو ما يطرح التساؤل حول جدية القرار الوزاري الأخير المشترك بين وزارتي التعليم والصحة والقاضي بمنع بيع التبغ داخل وفي محيط المؤسسات التربوية. وهو ما يقودنا كذلك الى التساؤل حول الترسانة القانونية التي تم سنها في إطار مكافحة التدخين بما في ذلك الاتفاقيات التي أمضتها الجزائر سواء إقليميا، قاريا أوحتى دوليا، والتي تقضي مجملها بمنع استهلاك التبغ في الأماكن العامة، وهو غير المطبق إطلاقا حتى داخل المستشفيات والجامعات والمؤسسات التربوية. يستفهم البروفسور. من ناحية أخرى، فإن الحديث عن التدخين يقودنا بالضرورة للحديث عن مشاكل التنفس في الجزائر التي تهدد 80 بالمائة من سكان العاصمة في السنوات ال10 القادمة، فيما يعاني قرابة 30 بالمائة من الفئة التي تتراوح أعمارها بين 35 و55 سنة حاليا من مشاكل ترتبط مباشرة بالتنفس. وترتفع هذه النسبة إلى حوالي 60 بالمائة للفئة الأكبر سنا، وهي نفس المشاكل التنفسية التي امتدت إلى فئة الأطفال بنسب متفاوتة أيضا. ومن ضمن الإجراءات التي يمكن بفضلها تحقيق نتائج ايجابية تصل إلى حد تخلي من 10 الى 15 ? من المدخنين عن سجائرهم تلك المتخذة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتي اعتبرها المختص إجراءات تحفيزية ولكنها بحاجة الى تفعيل، مثلا سن عقوبات مالية على كل مدخن بالأماكن العامة تتراوح من غرامات مالية الى السجن ل15 يوما مثلما هو معمول به في اليمن على سبيل المثال. وهذا من شأنه ان يخفض كثيرا نسبة تعاطي التدخين على الأقل في الأماكن العامة، حيث تزيد مخاطر التعرض الى التدخين السلبي. ناهيك عن اقتراح قدمه البروفسور شخصيا يقضي برفع الرسم على التبغ بما يجعل المدخنين يخفضون نسبة تعاطيهم للتبغ خاصة وسط الشباب، وقال البروفسور في السياق ان رفع سعر علبة سجائر مثلا الى 300 دينار بإمكانه على الأقل إبعاد الأطفال والشباب عن استهلاكه، وكذلك الحال بالنسبة لبقية الأنواع من السجائر والتبغ. وان كان قانون المالية التكميلي للعام الجاري قد تغاضى عن هذا الأمر فإن الأمل يبقى قائما لسن مثل هذا القانون في سنوات لاحقة. جدير بالإشارة ان الجمعية الجزائرية للأمراض التنفسية والسل ستعقد ملتقى طبيا مطلع العام المقبل بكلية الطب بشير محرزي تجمع أطباء لمناقشة عدة استطلاعات استبيانيه في مواضيع مختلفة.