الملك محمد السادس يعطي الضوء الأخضر لأوسع عملية انتهاك لحقوق الإنسان أعطى ملك المغرب محمد السادس أوامر صارمة لأجهزته الأمنية بقمع كل شخص "معاد للوحدة والسيادة الترابية للمملكة" في إشارة واضحة إلى السكان الصحراويين الذين يطالبون باستقلال بلدهم والخروج عن عصا الطاعة التي فرضتها الأجهزة الأمنية المغربية عليهم بالحديد والنار.وجاء هذا الضوء الأخضر خلال الخطاب التقليدي الذي دأب الملك المغربي الراحل الحسن الثاني ونجله الملك الحالي إلقاءه بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين "للمسيرة الخضراء" التي احتلت بواسطتها أرض شعب مضطهد كان يحلم بالاستقلال عن الاستعمار الاسباني ليجد نفسه في قبضة استعمار جديد ليتبدد حلمه في الحرية خلال تلك المسيرة التي حملت كل ألوان المعاناة إلا صفة الأخضر الذي أطلق عليها. ولم يتوان الملك المغربي بهذه المناسبة المشؤومة بالنسبة لشعب بأكمله في التأكيد بأن "الوقت قد حان لان تضاعف كل السلطات العمومية من يقظتها وتجندها لصد كل مساس بسيادة الأمة والمحافظة بكل الصرامة اللازمة على الأمن والاستقرار العام " بدعوى أنها الرهان لممارسة الحريات. وكما في كل المناسبات برر الملك المغربي دعوته لقهر الحريات العامة الصحراوية وتكميم الأفواه بالملاحقات والمضايقات المستمرة والاعتقال في زنزانات مختلف السجون المغربية السرية منها والمعروفة بفظاعة ممارسات جلاديها بمبرر "وجود مؤامرة تحاك ضد مغربية صحرائنا". وهو المنطق الذي عادة ما يستعمله الملك المغربي لتبرير ما لا يبرر إلى درجة جعلته يتهم المناضلين الصحراويين بالعملاء مع العدو" في إشارة إلى جبهة البوليزاريو وقال "أن ذلك يعتبر خيانة عظمى". والتلميح واضح إلى الحقوقيين الصحراويين السبعة الذين اعتقلوا بداية الشهر الماضي في مطار الدارالبيضاء بمجرد عودتهم من زيارة إلى ذويهم في مخيمات اللاجئين الصحراويين. وكشفت مثل هذه الذرائع أن خطاب السلطات المغربية لم يتغير منذ عهد الحسن الثاني مدبر اكبر عملية استيطان في الصحراء الغربية بعد أن تمسك نجله عشر سنوات بعد رحيله بمنطق المؤامرة والتخابر مع الأجنبي لتبرير ما لا يمكن تغطيته بالغربال في يوم ساطعة شمسه كما هو جار في أراضي الصحراء الغربيةالمحتلة. ويبقى الخطاب غير المقنع للملك المغربي عديم الصدى إلا في أوساط المغربيين الذين مازالوا يعتقدون أن الصحراء الغربية مغربية فعلا أمام واقع الحال فهو غير ذلك تماما لدى الهيئات والمنظمات الحقوقية الدولية التي أولت اهتماما خاصا بالأوضاع الحاصلة في آخر المستعمرات الإفريقية. ويؤكد تضمين الخطاب هذا المنطق التبريري أن الرباط بدأت تحسب فعلا للتململ غير المعتاد للسكان الصحراويين في المدن المحتلة وخاصة وأن هذا الحراك القومي الصحراوي لم يعد مقتصرا على الأسماء المعروفة للحقوقيين الصحراويين المجاهرين بولائهم لجبهة البوليزاريو ولكن مداه وجد طريقه إلى أوساط عامة الصحراويين الذين زادت قناعتهم طيلة سنوات الاحتلال المغربي أنهم لا يمكن أن يعيشوا تحت سلطة مغربية تنظر إليهم على أنهم مجرد كم بشري من الدرجة الثانية أو الثالثة. وهو ما يفسر العبارة التي استعملها الملك المغربي في خطابه للتمويه والقفز على حقيقة ما يجري في المدن المحتلة عندما أراد أن يفرض نظرته المغربية على السكان الصحراويين بقوله أن المواطن في إشارة إلى الصحراويين "مغربي" وإلا فإنه غير ذلك وقد حان الوقت لوضع حد لازدواجية الانتماء،، إما أن تكون وطنيا أو خائنا لأنه لا يمكن أن نبقى في الوسط بين الوطنية والخيانة". ويكون الملك المغربي بذلك قد حكم على وطنية الصحراويين بالخيانة لأنهم جاهروا عاليا بقول كلمة "لا" للاحتلال. ويكشف مثل هذا التصريح عن تناقض صارخ بين خطاب أول أمس والخطابات السابقة التي كانت تحدد دائرة الخيانة في جبهة البوليزاريو وكل من تبنى أطروحاتها الاستقلالية ليشمل هذه المرة أصوات صحراويي الداخل الساعين إلى كسر القيد المغربي حتى وإن كلفهم ذلك السجن والاعتقالات والتعذيب. ولا يمكن إخراج مضمون خطاب الملك المغربي عن السياق الذي تم فيه إحياء ذكرى "المسيرة الحمراء" كما يحلو للصحراويين نعتها والمتميز بحملة نداءات دولية مطالبة بإطلاق سراح الحقوقيين الصحراويين السبعة والذين شكل قرار محاكمتهم أمام محكمة عسكرية زيف الادعاءات المغربية بعودة الحرية إلى مملكة طغى عليها الرصاص والدم منذ ستينيات القرن الماضي. ويبدو من خلال قراءة ما بين سطور خطاب الملك محمد السادس أن حملة واسعة ضد أدنى حقوق الإنسان سيعتمدها المخزن بمختلف أجهزته البوليسية بعد أن تلقى الضوء الأخضر في خطاب اول امس وقد يكون إصدار أحكام قاسية بتهمة "الخيانة" على الحقوقيين السبعة بداية فعلية لتلك الحملة. وهي التوقعات التي جعلت جبهة البوليزاريو تستنكر في بيان لها امس "تعنت المغرب ومواصلة سياسته الاستعمارية وحملات قمع الصحراويين ومساومته للموفد الأممي إلى الصحراء الغربية عندما ربط مواصلته للمفاوضات مع جبهة البوليزاريو بحتمية اعتراف هذه الأخيرة بمخطط الحكم الذاتي الذي يرهن حق تقرير المصير في هذا الجزء من القارة الإفريقية". وهو ما جعلها تطالب المجتمع الدولي وكل هيئاته الفاعلة إلى القيام بتحرك عاجل لوقف هذه الانتهاكات المتواصلة منذ أكثر من ثلاث سنوات.