أبرزت المؤشرات الاقتصادية الخاصة بالسنة الماضية محافظة الاقتصاد الوطني على استقراره وواصل في تسجيل نتائج مقبولة، وعرفت بعض القطاعات نسبة نمو معتبرة على غرار قطاع الخدمات والأشغال العمومية والفلاحة· الأرقام التي قدمها أول أمس، المحافظ العام للتخطيط والاستشراف السيد إبراهيم غانم حول الوضع الاقتصادي العام في البلاد تؤكد الاستمرار في نفس وتيرة النمو التي عرفتها البلاد منذ سنوات من جهة، ومن جهة أخرى قدرة السلطات المالية على احتواء التأثيرات السلبية للأزمة المالية التي يعرفها العالم منذ أشهر· النمو الاقتصادي لسنة 2007 تميز على وجه الخصوص بارتفاع مداخيل الجزائر من البترول بفعل الارتفاع القياسي لأسعار النفط في الأسواق العالمية حيث قدر متوسط سعر النفط الجزائري المعروف ب "صحارى بلاند" ب75 دولار تزايد الطلب على الطاقة ب1.2 بالمئة وهذا ما سمح للجزائر بتسجيل مداخيل تجاوزت 60 مليار دولار مقابل 27 مليار من الصادرات· وإذا كان النمو الاقتصادي للبلاد في مجال المحروقات يسجل دائما ارتفاعا بالنظر إلى للطلب العالمي على الطاقة، فإن النمو خارج هذا القطاع عرف هو الآخر نموا بزائد 6.5 بالمئة وتحقق ذلك على وجه الخصوص بالنتائج الإيجابية التي حققتها قطاعات الأشغال العمومية والفلاحة والخدمات· وحسب تلك الأرقام المقدمة من طرف المحافظ العام للتخطيط فان النمو في قطاع الخدمات بلغ 6.9 بالمئة، وقدر في قطاع الفلاحة ب 7.8 بالمئة و9 بالمئة في قطاع الأشغال العمومية· والأبرز في هذه المؤشرات هي النسبة المحققة في مجال مكافحة البطالة حيث بلغت نسبة البطالة أدنى مستوى لها منذ الاستقلال وانخفضت من 12.3 بالمئة في 2006 إلى 11.8 بالمئة، وتدل هذه النسبة على نجاعة الحلول المطبقة منذ سنوات خاصة تلك المرتبطة بخلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة رغم إثارة مشكل البيروقراطية وعدم تجاوب البنوك مع السياسية الوطنية، وهذا ما حاولت ندوة الحكومة والولاة المنعقدة في أكتوبر الماضي حول محور الشباب معالجته من خلال إصدار رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، لتوصيات لتذليل الصعاب التي تعترض الشباب في ولوج عالم الشغل· ولكن رغم هذه المؤشرات الإيجابية إلا أن التضخم ورغم عدم تسجيله لنسبة "مقلقة" إلا أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية في السوق العالمية دفع بنسبة التضخم إلى الإرتفاع إلى 3.5 بالمئة، ويعود الفضل في الحفاظ على هذه النسبة وفي هذا المستوى غير البعيدة عن النسبة المحققة العام الماضي إلى المشاركة الفعّالة للقطاع الخاص ودعم الدولة للأسعار· وتؤكد هذه المؤشرات الأهمية الاستراتيجية لاعتماد سياسة ترمي إلى تنويع الاقتصاد من خلال الشروع في إعادة تأهيل وإنعاش القطاعات المنتجة خارج المحروقات وتأهيل وإنعاش القدرات الصناعية، خاصة وأن هذه الأخيرة كانت محور استراتيجية وطنية تم اعتمادها من طرف الحكومة وشرع في تهيئة المحيط العام لتنفيذها وجاء اعتماد العديد من النصوص التشريعية لتعزيز ذلك في الميدان وكان آخرها مشروع القانون الخاص بالأملاك الوطنية· وما يجعل الجزائر في رواق جيد لإنعاش اقتصادها خارج المحروقات هو السياسة المطبقة في مجال الاستثمار والسعي وراء تدارك جميع النقائص سواء ما تعلق بالعقار الصناعي أو تمويل البنوك، حيث هناك مقترحات يتم الإعداد لها في هذا الشأن مثل إنشاء مجمعات بنكية وكذا بنك خاص للإستثمار· وما يبرز ايجابية المناخ الاقتصادي في الجزائر ما ذهبت إليه قبل يومين الشركة الفرنسية لتأمين قروض التصدير "كوفاس" في منتداها الدولي "خطر البلدان"، وأكدت أن المؤسسات في الجزائر تنشط في سياق اقتصادي واعد للغاية وأن آفاق النمو لسنة 2008 مشجعة· وأوضحت "كوفاس" من خلال استنادها إلى الأرقام الخاصة بالمؤشرات الاقتصادية في الجزائر أن "آفاق النمو بالجزائر مواتية خلال السنة الجارية وأن الاقتصاد سيشهد تسارعا في نموه بنسبة 2ر5 بالمائة·