"ينبعث من غزة النور·· من وسط ظلمات المُحتل·· رياح الصمود·· أضواء غزة تختلف عن غيرها·· غزّة الشهداء·· غزّة الأبطال·· غزّة الكبرياء ومصنع الرجال·· في غزّة الليل الحالك يتحوّل إلى ضياء يشعّ القوة والنور للآخرين·· في غزة يتحوّل الليل إلى حكايات الصمود والتحدي تُطرب لها الأسماع وتعشق العيون لذكرها·· الطفل يحكي أقصوصة والشيخ الكبير يبتسم·· يا بني غزّة لن تنكسر··" هو مقطع من مقال "صمود غزة·· شموعٌ تُضيء الطريق" للأستاذ غسان مصطفى الشامي، لم أجد أصدق منه للحديث عن صمود الشعب الفلسطيني والعزّل في غزّة ضدّ الهمجية الإسرائيلية، والذي كان صلب المعرض الذي يحتضنه مركز الأرشيف الوطني بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لاندلاع الثورة الفلسطينية، وحمل عنوان "فلسطين، خطى للتحدي·· وأخرى للأمل"· غزة لن تنكسر·· رغم الصعاب وكثرة الشدائد على أهل غزة، إلاّ أنّ الصمود يحيا في نفوس الصغار والكبار، والتحدي خلخال يزيّن القلوب، وروائح المسك تنبعث من دماء الشهداء لتنشر في العالم عبق الشهادة والانتصار·· هذه غزّة الصامدة لن تنكسر، رغم الآلام ورغم الجراح والمصائب العِظام·· غزة الباسلة جسر العبور والوصول إلى القدس وبيت المقدس·· محطة المقاتلين·· استراحة القادة والمجاهدين·· غزة الصامدة لن تنكسر·· هاهي اليوم تودّع الشهيد تلو الشهيد بزغاريد الفرح وبندقية الثائر·· أرواح الشهداء إلى العلياء تزهو في جنان الخلد تمرح مع الخالدين··· في غزة الصامدة الأمل ليس بعيدا، والنصر قريب، والصمود لحن الزمن العجيب··· "فلسطين الجرح الدامي والأمل الأبدي"، فلسطين القضية والشهداء، أرّخ لها المعرض المنظّم بالتعاون مع السفارة الفلسطينيةبالجزائر، بمناسبة اليوم الفلسطيني الموافق لغرّة يناير من كلّ عام، حيث أشار الدكتور عبد المجيد شيخي، إلى أنّ تدشين المعرض على وقع النشيد الوطني الجزائري يعدّ وقفة إجلال وانحناءة إكرام لفلسطين وللظروف التي تعيشها حاليا· وأضاف قائلا : "فلسطين هي الجرح الذي ينخر الوطن العربي ونتمنّى أن يندمل"· المعرض الذي حضر تدشينه ممثلو السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، ضمّت أركانه لوحات تأريخية لمسار القضية الفلسطينية منذ الفتح الإسلامي عام 640 م، ونصّ العهدة العمرية التي خطّها أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب لأهل القدس، وهي تبيّن سماحة الإسلام والتسامح الديني المبني على الاعتراف بالأديان السماوية الثلاثة· المعرض توقّف أيضا عند بداية الحروب الصليبية كسبب من أسباب التدخّل في المشرق تحت غطاء ديني، إضافة إلى الادّعاء بأنّ قبر المسيح سقط بيد الأتراك، وهو ما يعدّ أكذوبة لأنّ القدس كانت في يد الإسلام منذ القرن 7، لكن الأطماع تطوّرت بتشكيل مجموعات سياسية تهتمّ بفلسطين ومحاولة انتزاعها من أصحابها الشرعيين بداية من عام 1840م لتتبلور الفكرة اليهودية عام 1897 مع المنظّمة الصهيونية العالمية· هجرة اليهود إلى فلسطين، وعد بلفور عام1917م، دخول الجيوش البريطانية إلى فلسطين 1917 -1922 وتقسيم فلسطين إلى ثلاث درجات، صكّ الانتداب البريطاني من طرف عصبة الأمم عام 1922، المقاومة الفلسطينية للانتداب البريطاني، الاعتداءات اليهودية على الشعب الفلسطيني، وكذا على المقدّسات الدينية الإسلامية والمسيحية، تدمير اليهود للأماكن الأثرية والتاريخية في فلسطين إلى جانب المقاومة الفلسطينية للاحتلال اليهودي، الحفريات الإسرائيلية في مدينة القدس القديمة، وطرد الفلسطينيين من أراضيهم، هي من بين القضايا التي استعرضها هذا المعرض، الذي كشف أيضا عن جانب من الموروث الثقافي والحضاري الفلسطيني وعن وقوف الجزائر إلى جانب القضية، فالجزائر كانت وستظل "مع فلسطين ظالمة أو مظلومة"· ومن بين ما يحتويه المعرض صورا فوتوغرافية للمقاومة الفلسطينية ورموزها، يتقدّمهم الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي بقي صامدا صمود أشجار الزيتون، علاوة على عكس القمع الإسرائيلي، صمود أطفال الحجارة والابتسامة لا تفارق محياهم، دموع الأمّهات وإصرار الأبناء على استعادة فلسطين وعاصمتها القدس، حيث "ترحل عيوننا إليها كلّ يوم"·