الذين يجلسون خلف مكاتبهم ينتظرون من مخابرهم تقارير سقوط غزة وموتها وانكسار هامتها أمام الغزاة الصهاينة لكي يتم تشييع جنازة فلسطين رسميا، سينتظرون كثيرا ثم تأكلهم الحسرة ومايعدهم الشيطان الا غرورا..صحيح ان غزة تقف وحيدة ضد التيار العرم .. تيار التعايش مع دوريات المحتلين ومبعوثيهم، ومواددة اعداء الانسان من العنصريين الصهاينة، وتقف ضد ارادة الامريكان والسائرين في ركابهم ..ولكن غزة تنطلق مع حركة التاريخ تسير الى حيث وعد الله بإزالة الافساد الاسرائيلي وتطهير الارض من شر المجرمين. اننا اليوم بلا مواصلات في غزة وبلا سيارات اسعاف وبلا سيارات لنقل القمامة من الشوارع.. نحن الآن بلا وقود وبدون غاز في البيوت..بل نحن اليوم بلا جامعات، وبعد ايام قليلة سنكون بلا ماء وبلا كهرباء ..وبعد قليل من الايام كذلك ستفيض المجاري في المخيمات والمدن والقرى في قطاع غزة.. فيما تواصل اسرائيل حصارها وطلاق صواريخها على البيوت الامنة تقتل وتدمر. الدولة الاعظم في العالم لا تقبل ان تخرج هذه المساحة الجغرافية الصغيرة ومحدودة الامكانيات في العالم الاسلامي والوطن العربي عن طوق ارادة المشروع الاستعماري الامريكي .. والخائفون المرعوبون من الساسة والحكام يرون في تمرد غزة وخروجها عن القانون الامريكي مغامرة موت وكأنهم المساكين احياء، انها حياة اسوأ من الموت.. كما ان صمودها واستمرارها في الاصرار على عودة اللاجئين الى فلسطين وطرد المحتلين من القدس جعل الخائفين في ورطة من أمرهم..فأصبحوا بدافع العجز والخوف والانتقام الغريزي الاناني يتمنون الموت لغزة التي أقامت عليهم الحجة.. يتباكون عليها وتلهج ألسنتهم بالنصائح الكاذبة المدسوسة بسم ناقع يؤلبون على غزة الشارد والطارد..الموضوع ليس حماس ولا غير حماس!! فقد تذهب حماس كما ذهب غيرها ..والناس في غزة ليسوا مغرمين بحماس لعيون حماس ..فحماس حركة بشرية لها اخطاؤها وخطاياها كما كل البشر..لكن الموضوع ان الناس لا يتنازلون عن حق العودة في هذا التجمع الاكبر للاجئين في العالم..هنا يتربص أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ متى يقفزون للعودة الى حيفا ويافا وعكا واللد والرملة والمجدل وبئر السبع وهم يدقعون في سبيل ذلك بأولادهم شهداء يشيعونهم بالزغاريد..وهم لايقبلون بمجرد السكوت عن هذا المطلب مهما بلغت الاغراءات والغوايات والتحديات وهم لهذا كانوا شعلة كفاح كل الفصائل الفلسطينية وكانوا هم رواد مشاريع المقاومة الوطنية والاسلامية سواء..ومن هنا بالضبط يجيء موضوع غزة بكل هذا الزخم الروحي والمعنوي. الامة وحدها .. مفكروها ومثقفوها الاحرار وأبناؤها الطيبون ..الطلبة في المدارس والجامعات..والشيوخ والعجائز في الدور والبيوت ..والعمال في مشاغلهم وحقولهم ..الامة العميقة في مساجدها وحاراتها تعرف ان غزة تنوب عن الأمة كلها للتصدي لجريمة الاشرار وان أمة أنجبت غزة فهي جديرة بالعزة والكرامة.