أقرت الثلاثية (حكومة - نقابة - أرباب عمل) في ختام اجتماع دورتها ال13 أول أمس، زيادة بنسبة 25 بالمائة في الأجر الوطني الأدنى المضمون، ليرتفع هذا الأجر من 12 ألف دينار إلى 15 ألف دينار مع بداية تطبيق هذه الزيادة ابتداء من الفاتح جانفي القادم، كما تبنت الأطراف الثلاثة جملة من الإجراءات الجديدة التي من شأنها تحسين الوضعية الاجتماعية للطبقة الشغيلة وتعزيز أداء الآلة الإنتاجية وتقوية الوضع الإقتصادي بشكل عام، في ظل حوار وتنسيق منتظم ومتواصل بين الحكومة وشركائها. وصفت كافة الأطراف المشاركة في قمة الثلاثية الدورة ال13 التي اختتمت أشغالها أول أمس بإقامة الميثاق، بأنها أحسن وأنجح دورة من بين كل الدورات التي عقدتها في تاريخها، وذلك بالنظر إلى القررات والإجراءات الملموسة التي خرج بها هذا الاجتماع المتوج ببيان ختامي، أشاد بروح المسؤولية التي تحلت بها النقاشات والتوافق الذي ساد أجواء اللقاء الذي كرس بشكل فعلي روح التواصل المؤسس لها في إطار العقد الوطني الإقتصادي والإجتماعي. ومن بين أبرز القررات التي خرج بها اللقاء إقرار زيادة بنسبة 25 بالمائة في الأجر الوطني الأدنى المضمون الذي ينتقل بموجب هذا القرار من 12 ألف دينار إلى 15 ألف دينار مع الإشارة إلى أنها المرة الأولى التي تقرر فيها زيادة بأكثر من 20 بالمائة في نسبة هذا الأجر الأدنى المضمون الذي ستنعكس أثار ارتفاعه على مختلف الفئات العمالية إلى جانب فئة المتفاعدين، وذلك فور الشروع في تطبيقه بداية من شهر جانفي القادم. كما قررت الثلاثية الاستمرار في تطبيق الزيادات المقررة في أجور عمال الوظيف العمومي، من خلال استكمال الأنظمة التعويضية ودفعها بأثر رجعي اعتبارا من جانفي 2008، بغض النظر عن تاريخ المراسيم المتعلقة بالأسلاك، والتي دعت الثلاثية إلى التعجيل بالمفاوضات المتعلقة بإتمامها. أما فيما يتعلق بالقطاع الاقتصادي، فقد جددت الأطراف الثلاثة في بيانها الختامي تمسكها بمبادئ العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي تم توقيعه سنة 2006، فيما يتعلق بأجور عمال هذا القطاع، ولا سيما منها تلك التي تنص على ضرورة الأخذ في الحسبان التحسن الحقيقي لمستوى الإنتاجية ونتائج الاقتصاد الوطني وتطور نسبة التضخم، وربط إجراءات تحسين القدرة الشرائية بإنتاج الثروة واعتماد نظام محفز للأجور. وفي هذا الصدد اتفق أطراف الثلاثية على تحيين اتفاقيات الفروع في القطاع الاقتصادي العمومي والاتفاقية الجماعية في القطاع الخاص، من خلال المفاوضات التي ستجمع النقابة والأطراف المعنية خلال العام المقبل. الخزينة العمومية تستمر في دفع المنح العائلية قررت الثلاثية الإبقاء على النظام المعمول به حاليا فيما يتعلق بدفع المنح العائلية للعمال، حيث ستستمر عملية تغطية هذه المنح من موارد الخزينة العمومية، مع تمديد العمل الخاص بالجدول الزمني الذي ينظم عملية نقل أعباء هذه المنح إلى المستخدمين، والذي نُصب لأجله فوج عمل يضم الشركاء الثلاثة تحت إشراف وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي على أن يقدم نتائج عمله في غضون سنة 2010. وبررت الحكومة تأجيلها للانتقال إلى النظام المعمول به عالميا في مجال دفع المنح العائلية، بكونها "لا تنوي التسرع في اعتماد المعايير العالمية الخاصة بالمنح العائلية، حتى لا تعيق تطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية والتي تحرص على تدعيمها ولا تنوي عرقلة بعث المؤسسات العمومية التي تستفيد من برامج ترمي إلى تحديثها"، وأشار البيان الختامي للدورة في السياق إلى أن الحكومة ترغب في دراسة الجدول الزمني لتجسيد التحول إلى المعايير العالمية للمنح العائلية. إلغاء التقاعد دون شرط السن من جانب آخر تبنت الثلاثية في دورتها ال13، مقترح إلغاء الإحالة على التقاعد دون شرط السن المنصوص عليها في الأمر المؤرخ في 31 ماي 1997، وذلك لتفادي الانعكاسات السلبية التي تضر بأداة الإنتاج التي يحملها هذا الإجراء الذي تم اعتماده بموجب الأمر المذكور في ظروف استثنائية، وكان الهدف المتوخى منه حينها هو التخفيف من آثار غلق المؤسسات وتقليص تعداد العمال. وقد أشار بيان الثلاثية إلى أنه منذ سنة 1997 استفاد من هذا الترتيب حوالي 400 ألف عامل بكلفة إجمالية تقدر بأكثر من 360 مليار دينار، مقدرا بأن الوقت حان لإلغاء الأمر والعمل من أجل المحافظة على الترتيب الوطني للتقاعد وتعزيزه. ولتنفيذ القرار الجديد الخاص بإلغاء الأمر المذكور كلفت الثلاثية فوج عمل يتكون من ممثلي الأطراف الثلاث بإعداد مشروع نص يتم بموجبه إلغاء الترتيب المذكور، ويقدم نتائج عمله خلال اللقاء الثلاثي الذي سيتم عقده في أواخر الثلاثي الأول للسنة القادمة، طبقا للاتفاق الذي توصلت إليه الدورة بخصوص تعزيز التواصل والحوار من خلال تكثيف اللقاءات وتنظيم اجتماع يجمع الأطراف الثلاثة في نهاية كل ثلاثي من السنة. تمديد العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي اتفقت أطراف الثلاثية مبدئيا على تجديد العمل بالعقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي، وقررت في هذا الإطار استغلال اجتماعاتها التي ستعقد كل ثلاثة أشهر من أجل إثراء العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي وتجديد العمل به بعد انقضاء فترة صلاحيته الأولى في شهر أكتوبر 2010. وخلال عملية تقييم مدى تنفيذ العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي وآفاقه، أشارت الحكومة في وثيقة تتضمن عرضا تقييميا للأشواط التي تحققت في إطار تنفيذ العقد إلى أن النتائج التي تحققت تم بلوغها بمساهمة ميدانية من العمال والمؤسسات المحلية، مبرزة في هذا الإطار الحجم المعتبر لنفقات الاستثمارات العمومية التي بلغت حوالي 11500 مليار دينار في المجموع بين بداية سنة 2004 وشهر جوان من هذه السنة، مع الإشارة إلى أن هذه النفقات التي تتزايد سنويا بصفة مستمرة سترتفع بنسبة 23 بالمائة في سنة 2010، لتصل إلى ما يعادل 45 مليار دولار كحصة أولى من البرنامج الخماسي العمومي للاستثمار 2010 -2014 الذي تتجاوز قيمته 150 مليار دولار. كما تم الاتفاق في إطار تجديد العمل بالعقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي على تشكيل فوج عمل برئاسة ممثل عن مصالح الوزير الأول ومشاركة ممثلي الوزارات المعنية والاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل، للقيام بالتدقيق في الإجراءات الضرورية لتحسين المحيط الاقتصادي أكثر فأكثر، وتعبئة مزيد من مساهمة الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين في محاربة الغش والاقتصاد الموازي، على أن يتم تقديم نتائج الفوج وتوصياته في كل لقاء ثلاثي، علاوة على تعميق التشاور بين الحكومة وشركائها الاقتصاديين والاجتماعيين حول التراتيب الجديدة لتأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفع مستوى مساهمة المؤسسات المحلية في إنجاز البرنامج الخماسي القادم للاستثمارات العمومية. تعزيز أداء التعاضديات الاجتماعية أجمعت أطراف الثلاثية على ضرورة تعزيز أداء التعاضديات الاجتماعية وتكييف دورها مع الإصلاحات الجارية في ميدان الضمان الاجتماعي، ولا سيما في مجال التعاقد على العلاج في المستشفيات وإدخال نظام البطاقة الإلكترونية للمؤمّن الاجتماعي، مبرزة أهمية التعاضدية الاجتماعية كأداة مكملة لنظام الضمان الاجتماعي القاعدي في كل مكوناته وتمكين المؤمّنين الاجتماعيين من الاستفادة من التكفل الكلي بعلاجهم. وتم في الإطار التأكيد على أهمية إدراج دعامة ثانية في مجال التقاعد مدمجة في خدمات التعاضدية الاجتماعية (نظام التقاعد التكميلي) لتحسين مداخيل المتقاعدين، وتم في هذا الشأن أيضا تكليف فوج عمل بالتعمق في دراسة هذا الملف. وفي الأخير أعربت أطراف الثلاثية عن ارتياحها الكبير للنتائج الإيجابية التي توجت بها أشغال الدورة ال13 لاجتماعها، وأرجعت نجاحه إلى الإرادة القوية والدعم الكامل المعبر عنه من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي يولي اهتماما خاصا لتنمية الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن الجزائري، وأوضح الوزير الأول في هذا الإطار أن الثلاثية حرصت على ترقية مصالح البلاد والظروف الاجتماعية للمواطنين وظروف العمال بشكل خاص، معربا عن ارتياحه للإجراءات التي توصلت إليها الثلاثية التي جرت في كنف روح العقد الوطني الاقتصادي ولاجتماعي لفائدة ترقية القدرة الشرائية للعمال وعائلاتهم، في حين نوه الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين بالنتائج التي أسفرت عنها الثلاثية، ولا سيما فيما يتعلق برفع الأجر الوطني الأدنى المضمون، معتبرا بأن نتائج الدورة ال13 للثلاثية تعد انتصارا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وحيا السيد سيدي السعيد بالمناسبة رئيس الجمهورية لوفائه كليا بالتعهدات التي قطعها أمام العمال في 24 فيفري الماضي معتبرا بأن ذلك يشهد على الاهتمام الكبير والقناعة العميقة للقاضي الأول للبلاد بأهمية ترقية عالم الشغل من خلال التحسين المستمر للقدرة الشرائية المواطنين. كما عبّر ممثلو منظمات أرباب العمل من جهتهم عن ارتياحهم لنتائج اللقاء، وأكد رئيس الكنفدرالية العامة للمقاولين الجزائريين السيد حبيب يوسفي أن هذه الثلاثية لا تشبه أبدا باقي الاجتماعات لأنها لم تشمل ارتياح العمال فحسب وإنما استجابت لتطلعات وانشغالات المتعاملين الاقتصاديين.