أقرّ لقاء الثلاثية في طبعته ال13 نهاية الأسبوع المنقضي جملة من القرارات التي تهم عالم الشغل والتي تتجه إليها أنظار ملايين العمال، وفي مقدمة هذه القرارات ومثلما كان مُنتظرا رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون بنسبة 25 بالمائة، أي بثلاثة آلاف دينار، ليرتفع الأجر إلى 15 ألف دينار بدلا من 12 ألف دينار بداية من شهر جانفي المقبل، كما أكّدت أطراف الثلاثية ممثلة في الحكومة، المركزية النقابية ومنظمات أرباب العمل استفادة عمال القطاع الاقتصادي بدورهم من الزيادة في الأجور من خلال تجديد اتفاقيات الفروع في القطاع العمومي واتفاقية الإطار في القطاع الخاص، إلى جانب الاتفاق على إلغاء التقاعد المسبق والتوجه تدريجيا إلى تكفل المُستخدمين بدفع المنح العائلية. وقّعت أطراف الثلاثية في نهاية اللقاء الذي جمعهم يومي الأربعاء والخميس على ببيان مشترك تضمن القرارات المتّفق عليها وفي مقدمتها رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون من 12 ألف إلى 15 ألف دج، وهو القرار الذي سيدخل حيّز التنفيذ شهر جانفي القادم، أما بالنسبة للأنظمة التعويضية التي تخص قطاع الوظيف العمومي فقد تم الاتفاق على إعادة النّظر في رواتب الموظفين باستكمال الأنظمة التعويضية على أن يتم دفع المنح والعلاوات المترتبة عن هذه الأنظمة بأثر رجعي بداية من شهر جانفي 2008، مع ضرورة التعجيل بالمفاوضات المتعلقة بهذا الملف. وثاني ملف كان على طاولة الثلاثية وتم الفصل بشأنه بعد أخذ ورد بين المعنيين هو ملف التقاعد المسبق، من خلال قرار إلغاء الأمر المؤرخ في 31 ماي 1997 المتعلق بالإحالة على التقاعد دون شرط السن، حيث استفاد من هذا الإجراء لغاية الآن حوالي 400 ألف عامل بكلفة إجمالية قدرتها الحكومة ب360 مليار دج، ومن وجهة نظر الحكومة فإنه حان الوقت لإلغاء هذا الإجراء، سيما وأن اجتماعي الثلاثية والثنائية لسنتي 2002 و2003 أوصت بانضمام الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين لهذا المسعى، كونه مُدعّم كذلك من الفدرالية الوطنية للمتقاعدين. كما تقرّر إنشاء فوج عمل يرأسه ممثل الوزارة المكلّفة بالشؤون الاجتماعية ويضم ممثل عن المركزية النقابية وممثلين عن كل منظمة من منظمات أرباب العمل، قصد إعداد مشروع نص يتم بموجبه إلغاء الأمر المتعلق بالإحالة على التقاعد دون شرط السن، على أن تُقدم نتائج فوج العمل في القمة الثلاثية التي تنعقد في أواخر الثلاثي الأول من سنة 2010، قبل أن تُكرّسه بعد ذلك الحكومة في شكل مشروع قانون تمهيدي. وفي مجال تحسين القدرة الشرائية للمواطن تطبيقا لتوصيات رئيس الجمهورية، قرر بيان الثلاثية تجديد اتفاقيات الفروع في القطاع الاقتصادي العمومي والاتفاقية الجماعية "الإطار" في القطاع الاقتصادي الخاص، على أن تجري المفاوضات خلال سنة 2010 وأن يشمل ذلك أجور العمال مع الأخذ بعين الاعتبار واقع كل مؤسسة لا سيما المؤسسات المختلة ماليا، والمحافظة على مناصب الشغل وأداة الإنتاج، ورفع إنتاجية المؤسسات وعدم المساس ببرامج التطهير والعصرنة التي باشرتها الدولة في القطاع الاقتصادي العمومي. وحسب الأرقام التي قدّمها الوزير «أحمد أويحيى» في ندوته الصحفية التي عقبت اللقاء، فإن حوالي 70 بالمائة من العمال داخل الجزائر سيستفيدون من الزيادات في الأجور، مع استثناء، يقول، عمال القطاع الفلاحي باعتباره حُرا، ويقصد بذلك جميع أنواع الزيادات، سواء المترتبة على الأجر الأدنى المضمون أو الأنظمة التعويضية أو في القطاع الاقتصادي العمومي والخاص. وفي سياق ذي صلة قرر المجتمعون في لقاء الثلاثية معالجة ملف المنح العائلية من خلال إنشاء فوج عمل مشترك يرأسه ممثل عن وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، على أن يتم تقديم النتائج والتوصيات في غضون سنة 2010، ويتضح من خلال البيان ومن خلال التصريحات التي جاءت على الهامش من قبل ممثلي الأطراف الثلاثة أنه سيتم التوجه تدريجيا نحو تنازل الحكومة على التكفل بالمنح العائلية، وشددت الحكومة في هذا السياق على أنها لا تنوي اعتماد مسعى زمني متسرّع أو من شأنه أن يُعيق تطور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمحلية ولا تنوي كذلك عرقلة بعث المؤسسات العمومية التي تستفيد من برامج التحديث . من جهتهما أكدا كل من أرباب العمل والاتحاد العام للعمال الجزائريين أنه بالفعل لا يمكن أن تواصل الخزينة العمومية تحمل كلفة المنح العائلية للمؤسسات التي تستفيد منها بشكل معتبر، على رأس ذلك المؤسسات المختلطة أو ذات رؤوس أموال أجنبية، التي تقوم سنويا بتحويل أرباحها. كما انتهى لقاء الثلاثية في جانبه الاقتصادي بإقرار عقد لقاء بين وزير المالية مع منظمات أرباب العمل بمشاركة ممثلي البنوك من أجل دراسة العراقيل التي تحُول دون تمويل المؤسسات وإنشاء لجنة مشتركة يرأسها ممثل عن الوزير الأول لتسهيل لجوء هذه الأخيرة إلى القرض المستندي، كما أعلنت الحكومة أن 2010 ستشهد تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورفع مساهمة المؤسسات المحلية في إنجاز البرامج العمومية للتنمية، وتم الاتفاق مبدئيا على التوجه نحو تجديد العمل بالعقد الاقتصادي والاجتماعي الذي ستنتهي صلاحيته أكتوبر المقبل.