شرعت وزارة الفلاحة في تعديل دفتر الشروط الخاص باستيراد الأبقار الحلوب ابتداء من السنة الجارية في انتظار تحضير المؤسسات المالية نفسها لمسايرة العملية بعد ترقب استيراد 50 ألف بقرة لرفع عددها في حدود 2013 إلى مليون بقرة حلوب في الجزائر كإجراء للحد من أزمة حليب الغبرة وتحويل فاتورة الدعم إلى تربية الأبقار، علما أن فاتورة استيراد الحليب ارتفعت إلى 850 مليون دولار في السنة، لكن اتحاد الفلاحين يستبعد من جهته بلوغ الهدف ويدعو إلى رفع حصة الأبقار المستوردة إلى 450 ألف مع وجوب تحديد هوية المستوردين ومسايرة العملية بدعم مصانع الجمع والتحويل· في حين يطلب مربو الأبقار من الوزارة تسهيل عمليات الدعم من طرف البنوك التي ترفض تسليم قروض بسبب غياب الضمانات· ميز نقص إنتاج الحليب سنة 2007 بعد غلق عدة مصانع وتسجيل ندرة حادة في أكياس حليب الأكياس بولايات من الوطن خاصة العاصمة، وهو ما خلق جوا من الترقب وتدخلت الحكومة لتعويض خسارة بعض المنتجين ودعم استيراد غبرة الحليب التي ارتفع سعرها في الأسواق الأوربية إلى الضعف، وأمام هذا الوضع دعت وزارة الفلاحة إلى العودة لتدعيم مربي الأبقار الحلوب مع تسطير استراتيجية وطنية تمتد على خمس سنوات تقضي باستيراد 50 ألف بقرة حلوب في السنة· وحسب تصريح وزير الفلاحة والتنمية الريفية السيد سعيد بركات، فإن ابتعاد الوزارة عن استيراد الأبقار الحلوب في السنوات الفارطة يعود لانتشار عدة أمراض منها جنون البقر وهو ما دفع بالحكومة إلى التوجه لدعم إنتاج الحليب عن طريق استيراد الغبرة، لكن بعد انخفاض درجات الخطر في أوروبا حول مخاطر الأمراض المعدية التي تصيب الأبقار قررت الوزارة العودة إلى تدعيم تربية الأبقار الحلوب· كما أن وزارة الفلاحة تحاول دوما التأقلم حسب السيد الوزير مع ظروف السوق الدولية والأزمات التي تمس مختلف المواد الغذائية الأساسية، علما أن الإنتاج الوطني من الحليب الطازج سنة 2007 بلغ 2.6 مليار لتر في الوقت الذي حدد إنتاج حليب الغبرة ب 1.4 مليار لتر، لكن الإشكال الذي يبقى مطروحا ولا يجعل المواطن يستفيد من إنتاج الحليب الطازج هو غياب سياسة وطنية لجمع الحليب الطازج وربط علاقات بين المربين والمصانع· كما أعلن الوزير عن الشروع في عملية إعادة تنظيم سير عمل الديوان الوطني للحليب حيث سيتم تدعيمه من ناحية التجهيزات مع إشراك كل الشركاء الصناعيين والمربين لتسهيل عملية جمع الحليب الطازج وتحويله إلى المصانع مع إنتاج غبرة الحليب بالجزائر لضمان توفير المنتوج في أوقات الأزمات وتوفيره عبر كامل التراب الوطني، على أن يساير الصناعيون مشاريع الوزارة ويهتموا أكثر بانتاج غبرة الحليب بالإضافة إلى تعديل المؤسسات المالية لشروطها في انتظار فتح مصرف خاص بالقطاع الفلاحي وهو الأمل الذي ينتظر أن تحققه الوزارة سنة 2008 تزامنا مع مخطط عصرنة المنظومة المصرفية الذي ينتظر أن يرى النور هذه السنة حسب تصريح ممثل الحكومة · وعن دفتر الشروط التي تحضره مصالح الوزارة أشارت مصادرنا إلى اختيار الميكانيزمات التي تسمح باستيراد الأبقار الحلوب السليمة والتي تضمن إنتاجا جيدا مع تحديد أصناف الأبقار المعنية، في حين تقرر تحديد دول أوربية معينة لاستيراد الأبقار منها على ضوء تحقيق معمق لمصالح الفلاحة لتحديد الدول التي لم تسجل بها حالات مرض جنون البقر أو فيروس معين يؤثر على الثروة الحيوانية، في حين سيتم تحديد قائمة للمخابر البيطرية بهذه الدول لاستصدار التراخيص الصحية للأبقار قبل جلبها إلى الجزائر وما على المستورد إلاّ الامتثال لهذا الدفتر· إلى جانب ذلك فإن تكثيف إنتاج الحليب الطازج يجب أن يقابله إعادة النظر في سياسة الجمع والتحويل كأن تخصص مستثمرات تربية الأبقار قرب مجمعات الحليب التي يديرها الديوان الوطني للحليب الذي يبحث حاليا على صلاحيات أكثر لإدارة الإنتاج، في انتظار ترخيص الوزارة لمستثمرين أجانب خواص للإستثمار في تربية الأبقار حيث تشير مصادر من الوزارة إلى اهتمام العديد منهم بثلاثة أقطاب فلاحية عبر التراب الوطني موزعين بكل من ولاية تيارت وسهل سيدي طويل والجنوب، حيث زار مؤخرًا وفد من المستثمرين الأوروبيين ومن هولندا خاصة وأن عدداً من المستثمرين أبدوا استعدادهم للإستثمار في تربية الأبقار إن وفر لهم المناخ المناسب· اتحاد الفلاحين يطالب بتحديد هوية المستوردين صرّح الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين السيد محمد عليوي ل "المساء"، أن قرار وزارة الفلاحة باستيراد 50 ألف بقرة لرفع عدد أبقار الحلوب في الجزائر بعد خمس سنوات إلى مليون رأس، لن يكفي لتلبية طلبات المستهلك الجزائر لذلك يقترح الاتحاد رفع الحصة إلى 450 ألف بقرة مستوردة، على أن يكون ذلك بشروط واضحة تحدد هوية مستوردي الأبقار الذين يجب أن يكونوا من ضمن قائمة أصحاب الملبنات أو مصانع إنتاج الحليب أو المربين لا غير، كما طالب السيد عليوي بضرورة تنصيب لجنة مراقبة لمتابعة عملية تربية الأبقار لسبع سنوات· ومن مجمل الاقتراحات التي عرضها الأمين العام على الوزارة المعنية هو إشراك الفلاح في استيراد الأبقار من خلال دفع 30 بالمائة من قيمة البقرة على أن يضمن هذا الأخير توفير الإسطبلات والتغذية والمراقبة الصحية عن الطريق التعاقد مع البياطرة، وإذا ما تم تطبيق الاقتراحات يترقب الاتحاد وضع حد لأزمة الحليب في غضون خمس سنوات· وأشار مصدرنا إلى أن تربية الأبقار ستساهم في توفير مناصب شغل لليد العاملة خلافاً لمنتجي حليب من الغبرة لذلك وجب تحويل الدعم من الغبرة الى تربية الأبقار، بالإضافة إلى الإسراع في تنظيم عملية جمع ونقل الحليب مع وضع حد للطفيليين الذين استغلوا غياب الرقابة لاحتكار العملية وتحديد أسعار خيالية تخدم مصالحهم على حساب النظافة والجودة واستفحال الغش من خلال إضافة كمية كبيرة من المياه، علما أن الحليب الطازج يقول السيد عليوي يجب استغلاله بعد خمس ساعات من حلبه لكن ما هو مطبق على أرض الواقع يخالف ذلك بشهادة العديد من المربين الذين عمدوا في السنوات الفارطة إلى إتلاف كميات كبيرة من الحليب بكل من تيارت وخنشلة وسوق أهراس بسبب عجزهم على نقل الحليب إلى المصانع ورفضهم التعامل مع الوسطاء بسبب الأسعار المقترحة عند الشراء والتي تنخفض بكثير عن أسعار البيع· وعن دعم إنتاج الحليب أشار الأمين العام لاتحاد الفلاحين، أنه اقترح على الوزارة توفير الأراضي الفلاحية الكفيلة بتربية الأبقار منها 184 مزرعة نموذجية عبر التراب الوطني وأربع مزارع في الغرب وسبع بالوسط وست مزارع بالشرق تمتد على مساحة 184 ألف هكتار وهي غير مستغلة بما يخدم قطاع الفلاحة، خاصة بعد أن صنفت ضمن أملاك الدولة الموجهة للتصفية في الوقت الذي تتوفر على خيرة الأراضي الفلاحية، واقترح الاتحاد استرجاع هذه المستثمرات واستغلال خمس منها في تربية الأبقار الحلوب وهو ما سيسمح بتخطي أزمة الحليب· المربون يطالبون بتسهيل الإجراءات رفع عدد من المربين انشغالاتهم مؤخرا لمصالح مديرية الفلاحة على مستوى العاصمة يطالبونها بتسهيل الحصول على التراخيص الصحية للشروع في توزيع الحليب، مشيرين إلى العراقيل البيروقراطية الكثيرة بخصوص التراخيص بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المراقبة الطبية وهو ما جعل أسعار الحليب تقفز إلى 120 دج للتر الواحد في بعض الأسواق، علما أن عملية تسويق الحليب تتم على مستوى بعض المحلات التجارية التي تتعاقد مع المربين أو الوسطاء الذين يتعهدون بنقل الحليب· أما بخصوص النظافة والتقيد بالشروط الصحية للنقل فحدث ولا حرج، حيث يقول أحد المربين ببلدية بئر خادم أن الحاويات الصغيرة للحليب ( بسعة 10 لترات فما فوق) تكلف المربي كثيرا، لذلك فإن الوسيط يضمن توفرها، لكنه لا يكلف نفسه عناء تنظيفها فغالبا ما يقوم المربي نفسه بتنظيفها لكنها لا تعقم وهو ما يهدد سلامة الحليب، في الوقت الذي لا يوفر فيه التاجر هو الآخر وسائل التبريد اللازمة للمنتوج الذي يوضع في إناء من الألمنيوم ويتم بيعه في اليوم الموالى بسعر "اللبن" و"الرايب" نظرا للطلبات الكثيرة على هذه المشتقات التي يتراوح سعرها بين 100 و 140 دج للتر الواحد حسب الأحياء· الإشكال المطروح من طرف المربين يستوجب تنصيب خلايا مراقبة على مستوى المزارع التي تضم الأبقار الحلوب، بالإضافة إلى توفير الدعم المالي المطلوب للمربين لتحسين الخدمات وتوفير الإنتاج المطلوب من منطلق أن الجزائر لا تستغل إلاّ 40 بالمائة من الإنتاج الحقيقي للحليب حسب المربين·