نقص المنشآت الرياضية ومشكل الذهنيات وراء هجرة الفتيات للعبة تعيش كرة اليد النسوية بمدينة سيدي بلعباس، أزمة إقبال على ممارسة هذه اللعبة، بدليل أن فريقا واحدا فقط كان يصنع أفراح العباسيين خلال سنوات السبعينيات وبداية الثمانينيات وهو نادي اتحاد بلدية سيدي بلعباس، الذي ظل ينافس أعرق الفرق وتحدى الصعاب رغم قلة الإمكانيات إلى غاية بداية التسعينيات. وهي الفترة التي تزامنت مع انفصاله عن الجمعية الرياضية لاتحاد بلدية سيدي بلعباس وتوقف نشاطه، مما جعل المهتمين بهذه الرياضة يفكرون في إنشاء فريق جديد يضم لاعبات الاتحاد، وهو ما حدث فعلا من خلال تأسيس " نادي باهية سيدي بلعباس" سنة 1994، حيث لعبت فتيات هذا الفريق ضمن المستوى العالي لمدة موسمين متتاليين، وحققن العديد من النتائج الإيجابية التي لا تزال الذاكرة شاهدة عليها قبل أن يندثر هو الآخر إثر تغيير اسم الجمعية إلى ترجي سيدي بلعباس مباشرة بعد سقوطه إلى القسم الثاني آنذاك، لتأتي الانطلاقة الحقيقية لفتيات سيدي بلعباس مع الترجي الذي تمكن من الصعود إلى القسم الوطني الأول موسم 2000/2001، وظل ينشط ضمن المستوى الممتاز إلى جانب أعرق الفرق لمدة 07 مواسم كاملة، صنع خلالها لنفسه هيبة أرعبت جميع النوادي، قبل أن تعجل قلة السيولة المالية بهجرة ألمع لاعباته نحو فرق مولودية سعيدة، النادي البجاوي وغيرهما من النوادي، حيث عجل هذا النزيف بسقوط التشكيلة خلال موسم 2006/2007 إلى القسم الجهوي والذي لا يزال يتواجد فيه إلى غاية يومنا هذا. تقربنا من بعض المسؤولين عن كرة اليد النسوية بمدينة سيدي بلعباس، للاطلاع على واقع هذه الرياضة وعزوف الفتيات عن الممارسة، جعلنا نكتشف جملة من الأسباب التي تحول دون رقي وتطور هذه الرياضة، وفي مقدمتها انعدام الجمعيات الرياضية النسوية، وهي الظاهرة التي ليست بالغريبة عن كرة اليد النسوية بالمدينة كما يثبته التاريخ، ولعل أهم عامل في معادلة انعدام الجمعيات يندرج ضمن ما يصطلح عليه بالذهنيات، حيث لا تزال كرة اليد لا تلقى الصدى الإشهاري الكفيل بدفع الفتيات إلى التفكير في ممارسة هذا النوع من الرياضة، وذلك راجع إلى انعدام النتائج وانتهاج الجمعية الوحيدة بالولاية، ترجي سيدي بلعباس سياسة "البريكولاج"، نظرا للإهمال الموجود لدى المسؤولين من جهة وقلة الإمكانيات المادية التي تساهم في العمل القاعدى من جهة أخرى. ولعل أهم العوامل التي تقف كحاجز في وجه تطور مستوى كرة اليد النسوية وإضفاء أجواء خاصة تسمح للأولياء بإدماج فتياتهم ضمن المدارس الكروية، قلة القاعات المتعددة الرياضات إن لم نقل انعدامها، من منطلق أن المدينة تحوز حاليا قاعتين فقط، الأولى متواجدة على مستوى المركب الرياضي " 24 فبراير 56 " والتي تعرف اكتظاظا في الممارسة، سواء تعلق الأمر بالتدريبات أو المنافسة الرسمية، وذلك بسبب كثرة الجمعيات الرياضية للذكور في كرة اليد وكذا السلة، والثانية قاعة "عدة بوجلال" التي لا تتوفر على الشروط اللازمة المعمول بها في مجال احتضان المباريات الرسمية لكرة اليد، ما جعل الرابطة الجهوية لهذه اللعبة تمنع الفرق المحلية من خوض المنافسة على بساطها، باستثناء كرة السلة، حيث سمحت لفريق أولمبيك المكرة واتحاد بلدية سيدي بلعباس بلعب المباريات الرسمية داخلها بعدما تقدمت إدارتا الناديين بملف إلى الرابطة الجهوية لكرة السلة لالتماس الاستقبال بهذه القاعة مؤقتا إلى حين إيجاد الحلول. وما زاد الطين بلة، التوقيت المخصص لفتيات ترجي سيدي بلعباس أثناء التدريبات، التقسيم المحدد ابتداء من السادسة مساء، حيث دفع هذا التوقيت ببعض اللاعبات إلى اعتزال عالم كرة اليد من منظور خروجهن متأخرات من مقاعد الدراسة والتحاقهن بالقاعة والعودة إلى بيوتهن في ساعة متأخرة من الليل، حتى أصبحن يتعرضن للاعتداءات الجسدية والسرقة من بعض الشباب المنحرف وقطاع الطرق. مشاريع لتدارك ما فات وكشفت مصادر مقربة من مديرية الشباب والرياضة بمدينة سيدي بلعباس، أن هذه الأخيرة وضمن برنامجها لهذه السنة، قررت إعادة الاعتبار لقاعة عدة بوجلال من خلال بعث عملية ترميمها. وحسب نفس المصدر، ستمس هذه العملية أرضية الميدان، وذلك من خلال إعادة إكسائها ببساط معترف به من قبل الفدرالية الجزائرية لكرة اليد، إلى جانب إصلاح اللوح الإلكتروني ووضع الكراسي البلاستيكية على المدرجات المقابلة للمنصة، زيادة على تهيئة المرشات وقنوات صرف المياه القذرة. كما أفادت ذات المصادر بدراسات ميدانية قصد اختيار أرضية ملائمة لإنجاز مشروع قاعة متعددة الرياضات بحجم كبير، حيث يرتقب أن يتم تهيئة الأرضية بالجهة الغربية لمدينة سيدي بلعباس وبالضبط بالطريق المؤدي إلى ولاية تلمسان، وهي القاعة التي من شأنها أن تفك العزلة والخناق عن الجمعيات الرياضية بمختلف أشكالها. الدراسة التقنية لا تزال متواصلة من حيث كيفيات الإنجاز، وكذا الغلاف المالي، على أن يتم وضع حجر الأساس لانطلاق الأشغال تحت تسمية "القاعة المتعددة الرياضات الطيبي العربي".