هاهي أوروبا التي صنعت إسرائيل قبل أن تتبناها أمريكا ترفع صوتها باحتشام في وجه هذا الكيان "معلنة" موقفها القاضي باعتبار القدسالشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية الموعودة... وقد يقول قائل بأن الموقف الأوروبي لا يقدم ولا يؤخر في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي وهو محق في ذلك لأنّ كل خيوطه بيد أمريكا التي لا يحرجها أن تعد ولا تفي بوعودها للفلسطينيين الذين انتظروا قيام دولتهم في 1995 التي تبخر عندها الحلم وساروا في مفاوضات لا معالم فيها. ولكن يجب النظر إلى هذا الموقف بأنّه إيجابي بالنظر إلى السلبية التي ميّزت المواقف الغربية من الصراع العربي-الاسرائيلي إلى تحجيمه ليصبح صراعا فلسطينيا-إسرائيليا يعمل فيه الكيان المحتل على افتكاك كل الأرض ويعمل فيه الفلسطيني على تأمين موقع قدم. وأما وقد تفطنت أوربا لاتخاذ هذا الموقف غير الجامع فلا شك أنّه يدعم الكيان الصهيوني أكثر ممّا يحق حق الفلسطينيين، لأنه سيكون مشروطا أوروبيا بالاعتراف بالدولة اليهودية ودعم قيام دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وهي الشروط التي وضعتها إسرائيل لأي مفاوضات على الحل النهائي. ومن ثم فإن الموقف الأوروبي سوف لن يغيّر في واقع الأمور شيئا، بقدر ما يكرّس الطروحات الإسرائيلية للتمكين للدولة العبرية في المنطقة العربية وفرض هيمنتها، كما تم التخطيط لها في المخابر الغربية، وبالتحديد الأمريكية حتى قبل قيام هذا الكيان الغاصب.