دخل لبنان من جديد دوامة الفوضى والشك حول المستقبل السياسي والاجتماعي بعد أن تقاطعت تداعيات الأزمة السياسية مع التدهور الاجتماعي الطارئ الذي شهدت العاصمة بيروت أطواره الأولى بمظاهرات ساخطة بعد انقطاع التيار الكهربائي وكانت المظاهرات الشعبية العارمة ضد انقطاع التيار الكهربائي في العديد من أحياء العاصمة اللبنانية بمثابة الشرارة التي أوقدت لهيب الشارع اللبناني وخاصة بعد أن تحولت بيروت إلى مسرح لإطلاق النار وخلف مصرع سبعة لبنانيين وإصابة العشرات· وبينما كانت السلطات اللبنانية تتوقع إحتواء المظاهرات في بيروت من خلال نشر المزيد من التعزيزات الأمنية إلاّ أن فتيلها توسع ليشمل عدة مناطق أخرى سواء ذات الأغلبية المسيحية أو المسلمة· ووجدت الحكومة اللبنانية نفسها منذ أمس، في حرج كبير حول كيفية التعاطي مع تفاعلات هذه الأزمة الاجتماعية في مظهرها والتي حملت في حقيقتها خلفيات سياسية على صلة بحالة الاحتقان العام الذي يشهده هذا البلد منذ قرابة السنتين· ولم تجد حكومة فؤاد السنيورة من وسيلة لمنع تفاقم هذه الأزمة سوى اللجوء إلى قواتها الأمنية وتعزيز انتشارها في أهم محاور شوارع العاصمة بيروت وتكثيف الحواجز الأمنية لمنع وصول المتظاهرين إلى مناطق جنوب البلاد ذات الأغلبية الشبعية وكذا تلك الواصلة إلى المناطق التي تسكنها أغلبية مسيحية· وأكدت تقارير الصحف اللبنانية الصادرة أمس، أن المواجهات اندلعت عندما قام متظاهرون ساخطون على الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي بغلق الطرقات في العاصمة بيروت وخاصة في حي الشياح الذي تقطنه أغلبية شيعية مؤيدة لحزب الله وحركة أمل قبل تسللهم إلى حي عين الرمانة المسيحي وقاموا بإضرام النار في السيارات المتوقفة ورشق المارة بالحجارة· وإذا كانت الصحف اللبنانية نقلت روايات مختلفة حول مصادر إطلاق الرصاص على المتظاهرين فإنها أجمعت على إبداء مخاوفها من مخاطر تحول هذه المظاهرات إلى بداية لإنزلاق باتجاه حرب أهلية جديدة·واستندت مختلف هذه الصحف إلى الحرب الأهلية اللبنانية الأولى (1975 - 1988) التي اندلعت بسبب حرب شوارع بين سكان حي الشياح وعين الرمانة· وكانت أحداث ما أصبح يُعرف بالأحد الأسود مناسبة لتجدد الاتهامات بين أحزاب المعارضة والحكومة اللبنانية كل طرف يُحمل الآخر مسؤولية ما جرى وضحايا تلك المواجهات التي لم تكشف بعد عن كل ملابسات وخلفيات وقوعها وخاصة حول الجهة التي كانت سباقة لفتح النار على المتظاهرين· ولم يُفوت حزب اللّه هذه الأحداث الدامية ليصب جام غضبه على حكومة فؤاد السنيورة محملا إياها مسؤولية الأحداث الخطيرة التي يشهدها الشارع اللبناني·وطالب أهم أحزاب المعارضة اللبنانية، الجيش اللبناني "بإعطاء توضيحات حول الواقفين وراء سقوط أشخاص أبرياء، وما إذا كانوا سقطوا برصاص الجيش وإذا كان الأمر كذلك من أعطى الأمر بإطلاق النار· ولم تصمت أحزاب الأغلبية المنضوية تحت راية تحالف قوى "14 مارس" وراحت هي الأخرى تتهم أحزاب المعارضة باستغلال المظاهرات لأغراض سياسية· وأكدت هذه الأحزاب أن غريمتها السياسية هددت في العديد من المرات باللجوء إلى الشارع لإسقاط الحكومة في حال عدم حصولها على الثلث المعطل لقرارات الحكومة·واتهم بيان الأحزاب "قوى 14مارس"، أن أحزاب المحور السوري الإيراني سعت من أجل تفجير الوضع الاجتماعي وزرع الفوضى الشاملة· وكان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أعلن نهار أمس، يوم حداد وطني وأمر بإغلاق المدارس والجامعات لتمكين تنظيم مراسيم تشييع جثامين ضحايا مواجهات مساء الأحد·يُذكر أن تعفن الوضع العام في لبنان جاء بعد عملية التفجير التي استهدفت نهاية الأسبوع ضابطا من جهاز الإستعلامات وخلف مقتله رفقة أربعة من حراسه·