يعد حلول عيد عاشوراء بولاية الأغواط مناسبة لاستعادة كثير من العادات المندثرة ورجوعا بالذاكرة الاجتماعية إلى العتيق من العادات والتقاليد ما جعلها همزة وصل بين الأجيال في الحفاظ على الموروث الثقافي والديني. ففي هذه المناسبة وعلاوة عن ما هو متعارف عليه لدى كل الأقطار الإسلامية من إحياء لشعائر السنة النبوية كالصوم والصدقة لازال سكان منطقة الأغواط يحيونها بطريقتهم الخاصة غير أن هذه الطريقة تختلف من سكان البدو إلى المدينة. إن سكان البدو وحسب الحاج الجيلالي وهو شيخ في أواخر السبعينات من عمره يلتقون ليلة عاشوراء على مأدبة عشاء عند كبير العرش أو"الدوار" ليحدد كل واحد نصيب زكاته من الأنعام التي يملك ثم يخاطبون الباقي منها (الغنم) بكلمات معينة ظنا منهم أنها ستكون فأل خير عليهم طيلة السنة اللاحقة. أما النسوة فيقبلن على الزكاة بطريقة مغايرة تتمثل في قص شعورهن وتقليم أظافرهن لاعتقاد راسخ عندهن بوجوب فعل ذلك لتعقب بوضع الحناء عل الأيدي والأرجل وغالبا ما يجتمعن لترديد قصائد مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكاية الأساطير والألغاز للأطفال والحفدة. وتشكل المناسبة أيضا فرصة لاستعادة لذة الطهي القديم وإعداد أطباق "المردود" و"الكسكسي'' تشرف على تحضيرها ربة البيت دون سواها على أن يتبادل الاستمتاع بمذاقها أبناء الدوار الواحد لتكون عربون محبة ومودة وتوطيدا للروابط بينهم. ويضيف المتحدث أن ليلة عاشوراء وقداسة إحيائها والاحتفال بها لدى سكان المنطقة لاسيما البدو منهم أضحت موعدا مواتيا لإقامة الصلح بين المتخاصمين وفك كثير من النزاعات وكذا تجسيد مظاهر التعاون بين الأفراد بغض النظر عن إمكانياتهم المادية وظروفهم الاجتماعية. وبالموازاة مع ذلك تمر ليلة عاشوراء على سكان المدينة بملاحظة جملة من التغيرات تطغى عليها اللمسة العصرية فعلى أضواء الشموع واحتواء الطاولات على أنواع الحلويات وما لذ وطاب من المأكولات يجتمع أفراد الأسرة الواحدة، لكن سرعان ما تنتهي مراسيم هذا الاحتفال. وجدير بالذكر أن ليلة عاشوراء وطريقة إحيائها تبرز وبشكل لافت التطورات السوسيولوجية الحاصلة في مجتمع محافظ كالأغواط يقابله تمسك لا متناهي بالعادات والتقاليد لدى سكان البدو بذات المنطقة وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات عدة ومجالات واسعة للبحث حول طبيعة هذا التباين.