تحيي الجزائر بمختلف ولايات الوطن سنويا، من جنوبها إلى شمالها ومن غربها إلى شرقها عددا من الحفلات والأعياد المحلية الشعبية، وتأخذ هذه المناسبات الاجتماعية مكانة هامة في حاضر وذاكرة سكان كل منطقة ومنها ما هو حاضر منذ عدة قرون، واتخذت هذه الأعياد بعدا عالميا بعد أن بات العديد من الأشخاص من الجزائريين والأجانب يقطعون آلاف الكيلومترات لحضور هذه الأعياد التي لا تحيد عن كونها مقوما هاما للحياة الاجتماعية الجزائرية. يكتشف الزائر للجزائر، خزائن كبيرة وشامخة من التراث والأصالة والثقافة، ويقف على حقيقة مفادها أن ارتباط الجزائري بالتراث والتقاليد متجذر في ذهنيته الشعبية وحاضر في حياته اليومية ولم تعمل السنون ولا المؤثرات الخارجية على أنواعها منها الاستعمار على محو العادات والتقاليد من الذاكرة الشعبية والحاضر الاجتماعي وتعد الأعياد والحفلات الشعبية جزءا لا يتجزأ من هذا الحاضر الذي يزخم بالتراث المتوارث أبا عن جد منذ مئات السنين. ويتعدى عدد هذه المناسبات التي تعدى صيتها حدود الوطن وتحولت إلى منتوج سياحي يقطع لأجله السياح مئات وآلاف الكيلومترات، 250 عيدا شعبيا تحتضن فعالياته سنويا عدد من ولاياتنا، منها ولاية تمنراست وإليزي وتيميمون وبشار والنعامة وغرداية والأوراس وتيزي وزو وبجاية والقالة. ويرتبط إحياء هذه المناسبات بالأعياد الدينية على غرار ذكرى المولد النبوي الشريف وذكرى عاشوراء وبمواسم الفلاحة وجني المحاصيل والتصدق على الفقراء وإحياء التراث الشعبي التقليدي في جانبه المرتبط الصناعة التقليدية والحرف وقدوم فصل الربيع، وأخرى يتم فيها التبرك بالأولياء الصالحين وأصحاب الطرق الصوفية وأولئك الذين كان لهم دور في نشر العلم والمعرفة وعلوم الدين. أنماط من هذه الأعياد ومثلما تسهر الزوايا المنتشرة في مختلف ربوع الوطن على تنظيم الاحتفالات الخاصة بإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، من خلال الذكر الكريم وتجويد القرآن وتلاوته طوال ليلة المولد، تتخصص بعض المناطق من الوطن في تخليد هذا العيد، منها ولاية تيميمون التي تحيي هذه المناسبة، ويطلق عليها سكان المنطقة تسمية عيد "السبوع" وتدوم الاحتفالات سبعة أيام وسبعة ليال وفي اليوم السابع يلتقي سكان المنطقة حول زاوية الشيخ الحاج بلقاسم ترفع فيها رايات الجمعيات الأخوية على وقع أغاني فرق الاهليل المحلية، كما تسمح هذه المناسبة بالتقاء السكان لتسوية الخلافات التي قد تظهر خلال كامل السنة وتعقد تحالفات جديدة بين المتخاصمين إن وجدوا. نفس الاحتفال يميز منطقة بني العباس الواقعة بولاية بشار، حيث تشهد ساحة المدينة عند حلول ذكرى المولد نشاطا متميزا على وقع أنغام "القارقابو"، والرقصات المحلية كما تستغل المناسبة لختان الأطفال والتقاء جميع سكان منطقة ا لساورة. وبنفس المنطقة، "الساورة"، يحتفل السكان ومنذ ما يقارن التسعة عشرة قرنا بعيد آخر مرتبط بجني المحاصيل هو موسم تاغيت يقام سنويا في آخر عطلة أسبوع من شهر اكتوبر للاحتفال بالتمور والتصدق على الفقراء، وتستغل فرصة التمور للم شمل الجيران والاحتفال معا طيلة ثلاثة أيام. ويقيم سكان بلدية عسلة الواقعة بولاية النعامة نهاية الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر من كل سنة، وعدة سيدي امحمد المجدوب ترحما على هذا الولي الصالح الذي عاش في القرن الخامس عشر للميلاد، ويستعرض خلال هذه المناسبة الفرسان فنون ركوب الخيل وتنظم مسابقات شعرية وتقام معارض تجارية. وبمنطقة الأوراس يقام مهرجان فرسان امدوكال سنويا ويكون ذلك خلال نهاية الأسبوع الأول من شهر ماي، تعيش فيه المنطقة وبالتحديد بساتين وقصور منطقة امدوكال على وقع استعراضات الفرسان بزيهم التقليدي ويدوم الاحتفال ثلاثة أيام تنظم خلالها مسابقة للشعر الملحون. وللحرف والصناعة التقليدية نصيب آخر من الاهتمام بالولايات التي تختص في عدد من المهن والحرف منها منطقة تيزي وزو وغرداية، ففي غرداية يحتفل أهل المنطقة بعيد الزربية ويكون ذلك خلال عطلة الربيع، حيث يلتقي العديد من الحرفيين القادمين من مختلف ربوع الوطن، لعرض وبيع منتوجاتهم من الزرابي، وفي منطقة بني يني بأعالي جرجرة يحتفل أهل المنطقة من السابع والعشرين جويلية وإلى غاية الرابع أوت من كل سنة بعيد الفضة.