أنهى حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان قبضة حديدية وسجالا سياسيا كاد يقطع علاقة الود بينهما على رأس الدولة السودانية على خلفية قانون انتخابي جديد يحدد مستقبل منطقة جنوب السودان بين البقاء في إطار الدولة المركزية أو الاستقلال.وعدل نواب البرلمان السوداني أمس نص مادة في هذا القانون كانت سببا في إفاضة كأس العلاقة بين شريكي السلطة السودانية وكادت تشعل فتيل قبضة جديدة بينهما بكيفية أرضت الجميع وأعادت حميمية العلاقة إلى سياقها السابق. وأنهى الشماليون والجنوبيون خلافاتهم حول هذا القانون بعد أن توصلوا إلى اتفاق بالتراضي حول السماح للسكان الجنوبيين المقيمين خارج المحافظات الجنوبية والمولودين قبل الفاتح جانفي سنة 1956 تاريخ استقلال السودان بأن يصوتوا في مسقط رأسهم في المحافظات الجنوبية. على نقيض نص المادة الأول الذي نص على تصويتهم في مناطق اقاماتهم. وعارض الجنوبيون نص هذه المادة بعد أن أبدوا مخاوف متزايدة من احتمالات حدوث عمليات تزوير في حالة تصويت هؤلاء في محافظات أخرى والتذرع بتمكينهم من التأكد من وثائق هويتهم حتى يمنع أي تلاعب بأصواتهم. وتضمنت هذه المادة أيضا السماح للسكان الجنوبيين المولودين بعد تاريخ الفاتح جانفي 1956 والمقيمين في مناطق أخرى أو في الخارج أن يصوتوا في أماكن تواجدهم في شمال البلاد أو الخارج إن كانوا من المهاجرين في دول أخرى. وكان البرلمان السوداني الذي يمتلك حزب المؤتمر الوطني الحاكم الأغلبية فيه، صادق الأسبوع الماضي على مشروع قانون الانتخابات والاستفتاء وهو ما عارضه النواب الجنوبيون الذين رأوا فيه قانونا على مقاس السلطة السودانية وجعلهم يقاطعون جلسات البرلمان السوداني احتجاجا على هذا القانون. وأكدت الأحزاب الجنوبية أن منع تمرير المادة محل الخلاف يتعارض مع نص الدستور الانتقالي الذي يكفل حرية التنقل بالنسبة لكل المواطنين السودانيين. وقال إبراهيم الغندور نائب الحزب الحاكم في البرلمان والمسؤول السامي للحزب أن تعديل المادة إنما جاء لتمكين الإخوة الجنوبيين التصويت لصالح الوحدة الوطنية. بينما اكد ياسر عرمان رئيس الكتلة البرلمانية لحركة تحرير جنوب السودان في اول رد فعل على هذا الاتفاق اننا استعدنا ثقتنا لأن شعب الجنوب يستحق حقه في الاستفتاء وأكثر من ذلك. يذكر أنه بمقتضى القانون الجديد الذي استدعت صياغته عدة أشهر من المفاوضات السياسية فإن جنوب السودان سيصبح دولة مستقلة في حال صوت لصالحه 51 بالمئة من الناخبين السودانيين وشريطة أن تبلغ نسبة المشاركة في الاستفتاء 60 بالمئة. للإشارة أيضا أن وصول الأوضاع في السودان إلى هذه الوضعية جاء بعد حرب دامية دامت لأكثر من عشرين عاما ومفاوضات سياسية شاقة بين السلطات السودانية وحركة تحرير جنوب السودان المعارضة المسلحة السابقة وشريكة الحكم الحالية وهو ما سمح سنة 2005 لطرفي السلطة السودانية من التوصل إلى اتفاق نيفاشا الكينية الذي وضع حدا لتلك الحرب وأصبح أعداء الأمس شركاء في الحكم في الخرطوم. وينتظر بمقتضى قانون آخر أن يتم تنظيم استفتاء متزامن لسكان منطقة أبيي الغنية بالنفط وما إذا كانوا يرغبون البقاء في منطقة الشمال او التحول إلى الجنوب. ويسعى الجنوبيون للاحتفاظ بهذه المدينة الغنية بالنفط، بينما يريد حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبقاءها تحت سيادة شمالية في مسعى للابقاء على خيرات البلاد النفطية خاصة تحت سيطرته.