تدعمت وحدات التدخل للدرك الوطني منذ مدة بأعوان جدد من شكل خاص تقع على عاتقهم العديد من المهمات التي كان يقال عنها سابقا مستحيلة، أعوان يمكن لهم اكتشاف المخدرات أو المتفجرات في لمح البصر، كما يمكن الاعتماد عليهم في عمليات المهاجمة الفردية على المتهمين، حيث أثبتت كل النتائج أن مساهمة هؤلاء الأعوان الجدد أساسية في العمل اليومي لوحدات الدرك، والدليل على ذلك عدد القضايا التي تمت معالجتها وكميات المخدرات التي تم اكتشافها في حالات عديدة، الأمر الذي جعل المسؤولين يقررون تعميم نشاط هذه الوحدات عبر كامل فرق التدخل سواء عبر الطرقات أو في نقاط المراقبة، وحسب الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى مركز تدريب الفرق سينوتقنية بغابة باينام وقفنا على حجم التدريبات والمهام التي تقع على عاتق هذه الفرق التي نجدها عبر كل نقاط المراقبة. الفرق السينوتقنية أو فرقة الأنياب مثلما يصطلح على تسميتهم، هم رجال من أعوان الدرك الوطني تدربوا على استعمال سلاح جديد لا علاقة له بالبارود أو مادة متفجرة أخرى، سلاح أثبت نجاعته منذ مدة، يمكن استعماله في عدة تخصصات وعبر كامل تدخلات وحدات الدرك الوطني عبر التراب الوطني، له خصائص فريدة لا يمكن إيجادها في التكنولوجيات الحديثة، سهل الاستعمال والتحكم، هي كلاب مدربة تم اختيارها من أحسن الفصائل لها حواس قوية في اقتفاء الأثر وتتبع حاسة الشم، تم تدريبها لاكتشاف المتفجرات والمخدرات ومختلف أنواع الممنوعات في ظرف ثوان فقط بعد إعطاء الأمر. وفي إطار التفتح على المجتمع المدني قمنا بزيارة تفقدية لمركز تدريب الفرق السينوتقنية بأعالي غابة باينام، حيث تم تحويل المركز سنة 2002 من ولاية البليدة إلى الغابة، وهو الذي كان ينشط منذ 1963، في بداية الأمر كان مجهزا لتدريب عدد صغيرة من الكلاب التي كانت تستغل في بعض عمليات التدخل، في حين كان يسمح بتدريب كلاب الحراسة لعدد من الخواص، قبل أن يقع اختيار المسؤولين على غابة باينام ببلدية عين البنيان بالنظر إلى تضاريس المنطقة وطبيعتها الجغرافية التي تسمح بتنويع مساحات التدريب وتربية الكلاب، ويقول المقدم براهمي حنيفي مدير المركز ل"المساء" إنه تم فتح تخصصات جديدة مباشرة بعد تغيير مقر المركز ليتم إدراج تخصصات الكشف عن الأسلحة النارية من خلال تدريب الكلاب على حاسة شم البارود، بالإضافة إلى تخرج أولى الدفعات لمساعدي الأمن المروري وفرق الهجوم، وفي سنة 2003 تخرجت أولى الفرق المتخصصة في الكشف عن المخدرات، وفي 2005 تخرجت أول دفعة في الكشف عن المواد المتفجرة، علما أنه تم في السنة نفسها إرسال أولى الفرق إلى ولاية تمنراست في إطار تعميم نشاط فرق الأنياب عبر كامل التراب الوطني، قبل أن يخرج قرار التعامل مع هذه الفرق من طرف كل وحدات ومجموعات الدرك الوطني عبر التراب الوطني، وعن نشاط هذه الفرق بالجنوب وقابلية التعامل مع الظروف الطبيعية أشار المقدم إلى أنها تعطي نتائج إيجابية خاصة بنقاط المراقبة على الحدود، وبخصوص ارتفاع درجات الحرارة فيتم التعامل مع الكلاب بأسلوب خاص من خلال عدم تعريضها للفحات الشمس الحارقة.
عملية تعميم الفرق السينوتقنية ساهم في حل العديد من القضايا وتشير تقارير وحدات الدرك الوطني إلى أن 70 بالمائة من كميات المخدرات، الأسلحة والمتفجرات المكتشفة تتم عن طريق الكلاب المدربة التي أصبحت تمثل عضوا مهما في مختلف نقاط المراقبة وعمليات المداهمة التي تقوم بها كل وحدات التدخل، لتتحول الكلاب المدربة إلى سلاح سحري يستغله الدركي لإجهاض كل محاولات المساس بالنظام العام، أو بالممتلكات الفردية والجماعية، كما سمحت عملية تعميم نشاط فرق الأنياب عبر نقاط المراقبة المرورية بدحر كل محاولات تهريب الأسلحة أو المتفجرات، وحتى المخدرات حيث تم تدريب هذه الكلاب على استعمال حاسة الشم القوية عندها لتحديد الهدف أينما كان، وهو ما وقفنا عنده خلال زيارتنا إلى مركز التدريب حيث حضرنا جانبا من التدريبات التي قام بها الكلاب الأبطال. "ولتر" وهو من فصيلة الكلاب الألمانية "برجي ألمان" أول ما بادر بإعداد مهمته بنجاح بعد أن تم إخفاء المخدرات بشكل يصعب الوصول إليها بعد أن أخذ الكلب بعيدا، لكنه بمجرد العودة إلى مكان التدريب يأخذ أوامره من مدربه ليشرع مباشرة في البحث ليعثر بعد دقائق فقط على المخدرات، وهنا يشرع الكلب في النباح ليرشد مدربه إلى المكان، وهو المشوار الناجح الذي قام به الكلب "سيتوز" لاقتفاء أثر المتفجرات "تي أن تي" التي تم إخفاؤها بإحكام بين الشاحنات، وذلك في أقل من دقيقة، غير أن الكلب وفي مثل هذه الحالات ينبطح قرب مكان إخفاء المتفجرات حتى لا يلمسها وتنفجر أمامه، هذه الوضعية تدل بالنسبة للمدرب على وجود المتفجرات، وهي من المهام التي أسندت لهذه الفصائل من الكلاب المدربة بعد ارتفاع حدة الاعتداءات الإرهابية خلال السنوات الفارطة، أما الكلب "مالمو" فمهمته هي اكتشاف الأسلحة النارية من خلال اقتفاء رائحة البارود. ويقول المقدم براهمي إن مهمة الكلاب المدربة توسعت في السنوات الأخيرة وسط مختلف وحدات التدخل للدرك الوطني ويمكن الرجوع إليها في كل مرة، فهي بالمركز تحت الطلب، كما يتم إشراك هذه الفرق في عمليات الهجوم والقبض على المتهمين، وهو ما وقفنا عنده خلال عمليات التدريب التي قام بها الكلب "بلازر" بنجاح بعد أن تمكن بطلب من مدربه القبض على أحد المتهمين الذي كان يحاول الفرار، وبقبضة حديدية من أسنانه تمكن "بلازر" من التحكم في حركة المتهم الذي يسقط على الأرض، وخلال عملية القبض عليه يقوم "بلازر" بالسير بين أرجل المتهم حتى لا يلوذ بالفرار وإذا ما سولت له نفسه فسيكون عرضة مرة أخرى لأسنان الكلب الذي حتى وإن هاجم المتهم فهو دائما يحاول المسك باليدين أو الرجلين فقط حتى لا يعرض الهارب لجروح خطيرة، وحسب تصريح مدير المركز فإنه يتم استعمال هذه الكلاب في عمليات مرافقة الشخصيات المهمة والمسجونين خلال عمليات نقلهم، بالإضافة إلى الاستعانة بهذه الفرق في دوريات التفتيش بالنقاط الحدودية البرية والبحرية وحتى الجوية.
تدريب سلالة "الدوبرمان" وتربية جراء كلاب الدرك أما بخصوص عملية تدريب الكلاب فهي تتم ابتداء من السنة الأولى، حيث يتم لغاية اليوم جلبها من الخارج، وهي من فصيلة "البيرجي ألمان" و "البيرجي بالج" نظرا للمواصفات التي تتصف بها مثل هذه الكلاب والحاسة القوية للشم وذاكرتها، بالإضافة إلى سهولة التعامل معها وتدريبها، في حين تم تجهيز المركز بعيادة بيطرية لمتابعة الحالة الصحية للكلاب ومتابعة الجراء الصغيرة التي ولدت مؤخرا بالمركز في إطار عملية توسيع مهام المركز من التدريب إلى التربية، والسهر على تكاثر سلالات معينة من الكلاب يتم حاليا جلبها من الخارج، ويقول مصدرنا إن قيادة الدرك الوطني قررت توقيف التعامل مستقبلا مع الخارج وتوفير ما تتطلبه من الكلاب المدربة من المركز نفسه الذي ساهم إلى غاية اليوم في تخرج 49 دفعة تخص وحدات الدرك الوطني والجيش الوطني الشعبي، بالإضافة إلى عدد من الفرق التابعة للدول الشقيقة والصديقة. وعند زيارتنا لمصلحة البيطرة التي يسهر عليها نقيب من الجيش الوطني الشعبي اطلعنا على حجم الاهتمام الذي توليه قيادة الدرك الوطني لهذا المركز وفرق الأنياب عامة بالنظر إلى مختلف الوسائل والتجهيزات الطبية الموفرة بالمصلحة التي تسهر على سلامة صحة الكلاب المدربة ومتابعة نمو الجراء التي تم وضعها في مساحة كبيرة مسيجة تطل عليها الكلاب الأم لتحرسها من بعيد، كما يقوم الأطباء البياطرة بتوفير الجو المناسب لنمو سليم لهذه الجراء من خلال توفير الغذاء المناسب والمنشطات، وفي سؤال "المساء" عن سبب عدم توسيع الاهتمام لفصائل أخرى خاصة "دوبرمان" المعروف بقوته وشجاعته أشار المقدم براهيمي إلى أنه يتم حاليا التدرب على هذا الصنف للتأكد من درجة التحكم في الكلب عند الهجوم خاصة، علما أن "دوبرمان" هي كلاب شرسة يصعب على مدربها التحكم في غضبها، وعليه يقوم المركز بمتابعة عملية تدريب هذه الفصائل ومحاولة التحكم فيها عن بعد، حيث أن باقي الكلاب المدربة التي يتم الاستعانة بها في تدخلات مختلف وحدات الدرك الوطني لا تتدخل إلا بطلب من المدرب ويمكن التحكم فيها عند بعد عن طريق صفارة أو صوت المدرب، لتعود من جديد له للحصول على لعبتها المفضلة أواللعب مع مدربها كجزاء أومكافأة لها، وهو ما تحبه الكلاب على العموم على حد قول أحد المدربين الذي أكد لنا أن التعامل مع مثل هذه الحيوانات يكون تلقائيا في السنوات الأولى التي تكون للتعرف بين الحيوان والإنسان قبل أن نشرع في تدريبها مع التحكم في كل حركاتها عن بعد، وحتى يتم ربط علاقات متينة معها يجب أن نعود الحيوان على الهدايا والمكافأة بعد إعداد ما نطلبه منها وهو ما يكون عن طريق اختيار اللعبة المفضلة له لنتركه يلعب بها لبرهة أوالتدليك أو اللعب معها مباشرة، وهي العملية التي تدوم لسنة كاملة من التدريب قبل أن نخرج الكلب إلى ساحة العمل، والكل يتذكر حسب المدرب النتائج الإيجابية المحققة خلال فيضانات بلدية باب الوادي وزلزال بومرداس، حيث تم اللجوء إلى هذه الكلاب في عمليات البحث عن المفقودين تحت الأنقاض، بالإضافة إلى اكتشاف كميات من المخدرات في منازل تم تفتيشها بغية البحث عن مواد مسروقة بحر هذه السنة، ناهيك عن قضايا عديدة ساهمت فرق الأنياب في حلها.