عقد أمس، بفندق الهيلتون الاجتماع الختامي الثاني للتقارير الدورية لمواقع التراث العالمي في الدول العربية بحضور خبراء وممثلي مؤسسات دولية، الاجتماع الممتد لثلاثة أيام يعد بمثابة تطوير تنفيذ اتفاقية التراث العالمي في المنطقة العربية. في كلمته ركز السيد فراشيسكو بربارين مدير مركز التراث العالمي على أن هذا الأخير هو بمثابة العمود الفقري لمنظمة اليونسكو فهو يسعى الى تثمين والمحافظة على التراث عبر أصقاع العالم بمساعدة الخبراء ومكاتب الدراسات والحكومات على المستوى الاقليمي والمحلي، وأوضح أن الرهان الحالي هو دخول شريك آخر ممثلا في المجتمع المدني (مؤسسات، جمعيات وأفراد) للتنسيق والتفعيل أكثر، إضافة إلى رهان التكوين في مجال التراث خاصة المعماري منه، ناهيك عن تناول قضايا تهم هذا المجال خاصة التهديدات الجديدة كالتوسع العمراني، والسلوكات الفردية الشاذة والتغيرات التي تضرب هذا الإرث الإنساني. أما وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي فأكدت في كلمتها الافتتاحية على ضرورة التطرق لوضعية حفظ تراثنا وبصفة خاصة مواقعنا التراثية العالمية و"تقديم حصيلة لحالة التراث الثقافي والطبيعي الموجود على أراضينا والذي نشترك فيه مع الآخرين". للإشارة فإن لجنة التراث العالمي اعتمدت على مقاربة منهجية إقليمية من شأنها الأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات والمميزات الاقليمية، وضمن هذا الإطار الجهوي الذي يعني المنطقة العربية ينعقد اجتماع الجزائر. الاجتماع يفرض على العرب ضرورة تعميق التجرية بهدف استخراج العناصر البناءة للقيام بتحليل موضوعي من شأنه الأخذ بعين الاعتبار مؤشرات التقييم الأساسية الجغرافية والتاريخية من أجل التوصل لصيغة موضوعية لمخطط حفظ وتثمين التراث الثقافي. إن نسبة تسجيل المواقع العربية في قائمة التراث العالمي تراجعت بطريقة مثيرة في الدول العربية بالمقارنة مع تلك التي تم إدراجها في الثمانينيات وذلك راجع لكون شروط التسجيل لم تكن صعبة بالكيفية التي أصبحت عليها اليوم. وفيما يخص الجزائر فإن غياب اقتراحات تسجيل الممتلكات في قائمة التراث العالمي يخضع الى استراتيجية وطنية تم اعتمادها سنة 2003 تفرض على الدولة التكفل بتراثها الثقافي الوطني قبل الاندماج في التراث العالمي الذي يعد مرحلة عالية من مراحل التكفل بالتراث. الجزائر لم تتسرع في اقتراح تسجيل ممتلكاتها الثقافية الهامة، معتبرة أنه لابد أولا من القيام بالاصلاحات الضرورية ووضع كل الأدوات القانونية - 30 نصا - المؤسساتية والمالية. للتذكير فإن الجزائر انتهت مؤخرا من وضع مخطط الحماية القانونية وتعزيز التراث الثقافي وتسجيل سياستها التراثية في إطار مخطط التسيير القطاعي (مخطط تسيير للمواقع) والذي يمتد إلى غاية 2025، وهو أ داة للتخطيط والتوجيه (مندمج ضمن مخطط التهيئة الإقليمية) الذي يحدد مختلف برامج الاستثمار المرتبطة بالجرد، الحفظ، الترميم والتثمين والبحث العلمي حسب الأولويات التي تم اعتمادها، وبالتالي يمكن القول أن الجزائر مستعدة للاستجابة إلى الشروط والقيم المحددة للرقي إلى مستوى التراث العالمي، علما أن الجزائر ومنذ 2009 انضمت الى كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية التراث. تجربة الجزائر وانفرادها بتجربتها الخاصة في حفظ تراثها جعلتها رائدة في الدول العربية ومحل تقليد. وأقيم على هامش اللقاء معرض للصور يوضح أهم المواقع الأثرية (خاصة بالجزائر) وكذا تحف التراث الثقافي الجزائري غير المادي.