تجسيدا لقرارات وتوصيات الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر وزراء الثقافة العرب المنعقدة العام الماضي بالعاصمة العمانية مسقط، تحتضن الجزائر منذ أمس الاثنين وإلى غاية يوم غد الأربعاء أشغال الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، التي تناقش بالأساس راهن التراث الثقافي وسبل تعزيز مواقع التراث الثقافي العربي في قائمة التراث العالمي، مع التركيز على "القدس: المدينة القديمة وأسوارها"، نظرا للحالة الاستثنائية التي يشكّلها هذا الموقع التراثي العالمي ذو الطبيعة الخاصة الملتقى الذي يحتضنه فندق الهيلتون جمع مسؤولي قطاعات الآثار في الدول العربية للحديث عن قضايا التراث الثقافي في هذه الدول وتبادل الخبرات فيما بينها بهدف تحقيق التعاون المشترك، حيث أشار السيد مراد بتروني مدير حفظ التراث وترميمه بوزارة الثقافة لدى افتتاحه الملتقى إلى أنّ أهمية هذا الموعد الذي وصفه ب"الاستثنائي" لتزامنه مع فعاليات "الجزائر عاصمة الثقافة العربية" وكذا الاجتماع الاستثنائي لوزراء الثقافة العرب يومي 25 و26 نوفمبر بالجزائر· وأكّد الرئيس الجديد لمؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي، ضرورة جعل التراث الثقافي وسيلة من وسائل المساعدة على اتّخاذ القرارات لهامة في مسار الأمّة باعتباره من الركائز الأساسية المكوّنة للهوية العربية خاصّة وأنّنا نعيش الانتهاكات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد القدس الشريف مستعملة الآثار كوسيلة لتضليل الرأي العالمي في مختلف المحافل الدولية، موضحا أنّ هذا الواقع يستوجب وضع إستراتيجية للعمل العربي المشترك في مجال التراث والآثار أكثر من أي وقت مضى· من جهتها اعتبرت السيدة ريتا عوض مديرة إدارة الثقافة بالمنظمة العربية للتربية، الثقافة والعلوم، أنّ هذا المؤتمر والدورة الاستثنائية لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربية المخصّصة لموضوع "حماية التراث الثقافي العربي والنهوض به" يعدّ تأكيدا جديدا لما توليه الجزائر من اهتمام بالتراث الثقافي العربي وحرص على تفعيل العمل العربي في هذا المجال الحيوي ترسيخا لهويتنا الثقافية العربية، وذكرت السيدة عوض بالجهود التي بذلتها الألسكو لتثمين التراث الثقافي العربي والحيز الذي خصّصته له ضمن سياستها الثقافية وفي إطار اهتمامها بحضور الثقافة العربية على الصعيد الدولي، خاصة في ضوء التحوّلات فائقة السرعة في الساحات الثقافية، الفكرية والسياسية العالمية· كما أكّدت السيدة عوض أنّ موقع"القدس: المدينة القديمة وأسوارها" سيشكّل صلب هذا المؤتمر، وذلك نظرا للحالة الاستثنائية التي تشكّلها القدس كموقع تراثي ثقافي عالمي ذو طبيعة خاصة، تواجه أخطارا غير اعتيادية كونها أرضا محتلة احتلالا استيطانيا غير عادي، إذ أنّ إسرائيل الدولة المحتلة ما تزال تسعى لتسجيل القدس على أنّها موقع تراثي إسرائيلي وقد أدرجتها في قائمتها التمهيدية وهو ما رفضته الدول العربية رفضا قاطعا، ورفعت بذلك بيانا بهذا الشأن إلى المدير العام لليونسكو عن طريق المجموعة العربية داخل الهيئة الأممية· وللإشارة فإنّ اليوم الأوّل من المؤتمر عرف تقديم العديد من المداخلات أهّمها مداخلة السيدة فيرونيك دوج ممثّلة مركز التراث العالمي والمعنونة ب"توجّهات سائدة حاليا في تطبيق اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972 والمبادئ التوجيهية لتطبيقها، إلى جانب موضوع"، وضع الصيانة لبعض مواقع التراث الثقافي في المنطقة العربية، وهي المواقع الخمسة المسجّلة على قائمة التراث الثقافي المهدّد بالخطر: أبومينا بمصر، آشور وقلعة الشرقاط وكذا مدينة سامراء بالعراق ومدينة زبيد التاريخية باليمن والمدينة القديمة بالقدس، علاوة على موضوع وضع الصيانة لموقعين أزيلا من قائمة التراث الثقافي المهدّد بالخطر هما قلعة بهلى بسلطنة عمان وموقع تيبازة بالجزائر· اليوم الثاني من المؤتمر سيعرف مناقشة عدد من المواضيع على غرار "تحديات إدارة مواقع التراث العالمي"، "التدريب وبناء القدرات في المنطقة العربية"، "مقاييس دولية في مجال حماية التراث الثقافي وإدارته وتعزيزه" "اتفاقيات اليونسكو الخاصة بالتراث الثقافي من منظور الدول العربية" وغيرها من المواضيع التي لها صلة بمحور الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الآثار والتراث الحضاري في الوطن العربي