مع تحسن الوضع المعيشي في الجزائر خلال السنوات الأخيرة شهدت البلاد ارتفاعا في معدلات البدانة التي قاربت نسبة 32، وهو ما زاد الإقبال على مراكز الرشاقة والتجميل و"الصونا" وظهر الهوس بالأعشاب الطبية والحبوب الخاصة بالتخسيس والتخلص من الوزن الزائد رغم ارتفاع أسعار بعض المنتوجات الصيدلانية التي تجاوز البعض منها حدود 5 آلاف دينار إلا أن بعض الملاحظين يجزمون بأن إنقاص الوزن أضحى حاليا هوسا جنونيا بالنسبة للنساء والرجال على السواء.. من الأفضل أن تعيش سمينا على أن تعيش مريضا.. هي مقولة قد لا يدرك معناها الكثير ممن يعانون من الوزن الزائد سواء كانوا رجالا أم نساء إلا أن الملاحظ، بحسب المختصين، أن الكثيرين لا يرضخون لهذه القاعدة ويلجأون للعديد من المنتوجات الصيدلانية أو الطب البديل لفقدان الوزن في سبيل الحصول على الوزن المثالي وإرضاء أعين الغير طبعا!. من بين المنتوجات التي تجلب اهتمام هذه الفئة من الناس نجد بعض الأشربة أو "التيزانات" المحضرة من منقوع بعض الأعشاب التي يقال إنها تساعد على إنقاص الوزن، كما هناك حبوب التخسيس التي عادة ما تكون لها مخاطر بعيدة المدى. فهل اخترع العلم حقا منتوجات التخسيس أم أنها بدعة اختلقها من يريد إن يحقق مآربه بعد أن شاهد الإقبال الشديد عليها انطلاقا من هوس الجسم النحيف؟. فائض الوزن..هاجس الكثيرين لم يعد الاهتمام بالمظهر الخارجي حكرا على النساء بل هناك من الرجال ممن أخذوا يزاحمون النساء في السعي لفقدان الوزن سواء من خلال ممارسة الرياضة في بعض الأندية، أو باتباع "الرجيم" ، وأخيرا دخلوا على خط أقراص و"تيزانات" التخسيس كآخر درجة في سلم البحث عن مقاييس الأناقة، من هؤلاء سميرة موظفة تشير إلى لجوئها لتناول أدوية تساعد على خفض الوزن للوصول إلى الرشاقة التي تأملها. قالت إنها تناولت خلال الشهرين الأخيرين عقارا لخفض الوزن، وهو نوع من أنواع الأقراص الذي يسد الشهية يتم تناوله قبل الظهيرة، ويجعل الشخص أقل رغبة في الأكل، ويستمر فقدان الشهية إلى فترة العشاء، مشيرة إلى أنها تناولت الكثير من أدوية الطب البديل أعشاب لمحاولة تخفيض وزنها دون نتيجة تذكر. وأضافت وهي تطوق خصرها الذي لم يتخلص من الكثير من شحومه السابقة بيدين قويتين لتبرهن أنها خسرت شيئا من وزنها "خسرت أكثر من خمسة كيلوغرامات خلال هذين الشهرين، وهدفي خسارة 15 كيلوغراما، كي استعيد صحتي وأواجه أيام الشيخوخة وأمراضها". وقالت إيمان التى ترى نفسها بدينة بالنظر إلى سنها الذي لم يتجاوز 30 سنة "اتبعت أنظمة غذائية عديدة ومارست الرياضة وعملت كل ما أستطيع دون نتيجة، ربما طبيعة عملي التي تخلو من الحركة الدائمة، وتنقلي إلى أي مكان بالسيارة تكون وراء ذلك.. من أكبر أمنياتي أن أكون خفيفة واستطيع المشي والتجوال في الشوارع دون نظرات الازدراء من الناس". كذلك تقول نبيهة إنها جربت كل الوصفات والأقراص و"التيزانات" التي قيل إنها ذات نتيجة أكيدة لإنقاص الوزن ولسنوات متعاقبة صرفت خلالها الملايين ولكن دون نتيجة مرضية." أعتقد أن كل ما روج لتلك المنتوجات مجرد دعاية كاذبة وجدت بعض الناس يشتكون من وزنهم الزائد أرضية خصبة للربح والحقيقة أن الإرادة الفردية تكفي أحيانا لقهر الشحوم الزائدة". وتتحدث نبيهة عن أقراص التخسيس بذكر زميلة لها أحضرت لها الحبوب التي تسمى "ال" خصيصا من فرنسا مقابل مبلغ 5 آلاف دينار وتناولتها لمدة شهر كامل ولكن وزنها لم ينقص ولو بغرام واحد بل أسرت لها الصديقة بقولها "لم أفقد ولو جزء من وزني وأحمد الله أن العكس لم يحدث". في سياق متصل تحدث إلينا الدكتور جمال الدين عولمان خبير في الصحة مشيرا إلى الصراع حامي الوطيس الذي بدأته بعض المخابر المتخصصة في مختلف البلدان من أجل أن تقدم أفضل ما لديها في هذا المجال. فقد شهدت المملكة المتحدة مؤخرا الكشف عن نوع جديد من العقاقير المساعدة للنظام الغذائي يقال إنها ستزيد من فقدان الوزن بنسبة 50 في المائة والتي أطلق عليها اسم " ...allآل" وهي عبارة عن حبوب تحد من الشهية للأكل يقال إنها "سحرية" كونها تتسبب في فقدان حوالي نصف الوزن في زمن قياسي، بحيث تعمل على سد امتصاص الدهون على مستوى الأمعاء مما يطرح سؤالا حول تأثيرها بعيد المدى على عمل الجهاز الهضمي خاصة إذا علمنا أن نسبة كبيرة من الذين يعانون وزنا إضافيا مصابون بالسكري ما يطرح عدة إشكالات حول تأثير هذه الحبوب السحرية على الصحة العمومية خاصة وأنها تسوق دون وصفات طبية ودون خضوعها للتحاليل والمراقبة كبقية الأدوية التي تسوق ببلادنا. وهو الأمر الذي يجهله كل من يسعى إلى تخسيس وزنه بالنظر إلى سعيه الدائم وراء خفض الوزن. ويؤكد الدكتور أن حبوب "ال" هذه تسوق في أوروبا منذ 4 أشهر ومنذ حوالي شهر بالجزائر، بحيث أدخلها بعض تجار "الكابة" مثلما يسميهم ويروجونها بسعر 6 آلاف دينار في السوق السوداء. هوس مجنون لإنقاص الوزن في جولة قادت "المساء" إلى بعض صيدليات الجزائر الوسطى أكد الصيادلة حقيقة الهوس الذي أصاب الناس بخصوص إنقاص الوزن، وأشاروا إلى أن هذه الحمى بدأت قبيل أربع الى خمس سنوات خلت وتزداد باقتراب موسم الصيف والاستجمام، ولاحظوا أن الناس يفعلون أي شيء في سبيل إنقاص أ وزانهم رغم عدم إصابتهم بالبدانة، مثلما يشير إليه صيدلي بساحة "كلوزال" وسط العاصمة متسائلا بقوله "لم أفهم ما الذي يجعل الناس مهووسين بإنقاص الوزن، إذ لا تكاد تمر بضعة دقائق حتى تدخل إحداهن طالبة الجديد فيما يخص منقوع الأعشاب او الأقراص لتنقص وزنها، ناهيك عن الميزان الذي لا تكاد تتوقف حركة الوزن به طوال اليوم؟" وأضاف: "قد يصل عدد طالبات "تيزانات" وأقراص التخسيس في اليوم حدود الخمسين امرأة يتراوح سنهن ما بين 16 إلى 50 سنة وتبدأ هذه الحمى في التصاعد باقتراب موسم الصيف، ولا يهم سعر المنتوج الذي ننصح به بقدر ما يهم السؤال عن نسبة نجاعته. وتتراوح أسعار المنتوجات الموجهة لتخسيس الوزن ما بين 50 دج إلى 1500 دج. والأكثر طلبا هو منقوع الأعشاب المصنعة أو "تيزانة بيو 3" المطلوبة بكثرة، و أقراص "القهوة الخضراء" و"الرشاقة" والكثير من العلامات التي لا يتسع المجال لذكرها، والأكثر من ذلك أن المقبلين على شرائها من الرجال والنساء يعرفون أسماء العديد من منتجات التخسيس تلك ويطلبون الأنجع منها بحسب حدة الطلب عليها. وأشارت آسيا صيدلية بشارع العربي بن مهيدي أن الإقبال على منتوجات التخسيس في السنوات الأربع الأخيرة لم يعد يقتصر على النساء بل تعداه إلى الرجال كذلك، بحيث لاحظت الصيدلية أن العديد من الشباب يعانون من السمنة على مستوى البطن ولذلك يتقدمون لطلب أقراص "قاطع الشهية" ويكثر هذا بصورة ملحوظة مع حلول فصل الصيف أما بالنسبة للنساء فالأمر يمس كامل أيام السنة. وعن مدى نجاعة تلك المنتوجات والأقراص أكد صيدلي أن الإرادة الفردية للشخص هي الفيصل في كل المساعي لتحسين الوضع وكذلك الحال بالنسبة لفقدان الوزن فالذي يريد تخسيس وزنه ما عليه إلا أن يضع لنفسه نظام حياة معين يتبعه مع ممارسة الرياضة، وهي النقطة التي يشير بشأنها صيدلي آخر تحدثنا إليه في موضوعنا فقال "إن النساء ووفقا لتقاليد المجتمع لا يمكنهن ممارسة رياضة الركض مثلا لإنقاص أوزانهن رغم المنافع الكثيرة للرياضة ولذلك فإنهن يتجهن للمنتوجات الصيدلانية كبديل عن ذلك فيقبلن بشكل كبير على شراء أي منتوج يسمعن عن نجاعته من طرف صديقاتهن أو حتى يرونه عبر الفضائيات المروجة للكثير من علامات أقراص وأعشاب التخسيس". من جهة أخرى فإن ذات الصيدلي يؤكد رواج تلك المنتوجات الصيدلانية بما فيها "التيزانات" في جلب اهتمام شريحة واسعة من الشباب خاصة وأن النظام الغذائي الذي يعتمده الفرد الجزائري مشبع بالدهون مع قلة الحركة ما يجعله معرضا للإفراط في الوزن في أي مرحلة من مراحل حياته..