تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلية سياستها التعسفية والاستفزازية من خلال انتهاكها الصارخ للقوانين الدولية ولحقوق الإنسان ضاربة عرض الحائط بكل التنديدات الدولية الرافضة لقرارها بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح لما تدعيه "تراثها الأثري" لتعلن عن مشروع جديد لهدم عشرات منازل الفلسطينيين في القدسالمحتلة. وأكدت مصادر فلسطينية، أمس، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية في القدسالمحتلة تعتزم جرف عشرات المنازل الفلسطينية في حي سلوان العربي في القسم الشرقي من المدينة من اجل إقامة "متنزه اثري" . وأضافت نفس المصادر أن تنفيذ هذا المشروع يتطلب جرف حوالي أربعين منزلا فلسطينيا زعمت إسرائيل أنها بنيت بدون ترخيص من بلدية القدسالمحتلة، وهي الحجة التي ترفعها دائما إدارة الاحتلال عندما تريد تضييق الخناق على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وأثار الإعلان عن هذا المشروع موجة غضب عارمة في أوساط الفلسطينيين الذين يجدون أنفسهم في الملاجئ والشتات بعد أن تهدم بيوتهم ويطردون من أرضهم بالقوة. ويأتي الكشف عن هذا المشروع ليزيد من حدة توتر المشهد في المدينة المقدسة الذي عرف في الفترة الأخيرة انزلاقا امنيا خطيرا قد يؤدي إلى انتفاضة شعبية جديدة بسبب القرار الاستفزازي لحكومة الاحتلال بقيادة اليميني المتطرف بنيامين نتانياهو ضم معالم دينية إسلامية إلى ما تسميه بقائمة الآثار اليهودية من جهة ومحاولات اقتحام المسجد الأقصى المبارك من جهة مقابلة. وكانت قوات الاحتلال عززت من تمركزها ولليوم الثالث على التوالي على بوابات المسجد الأقصى وانتشارها في شوارع وطرقات البلدة القديمة وبواباتها الرئيسية في مدينة القدسالمحتلة. وتواصلت أمس موجة الاستنكار الفلسطينية ضد ما تقوم به إسرائيل من محاولات متعمدة لطمس الهوية الفلسطينية والعربية والإسلامية في الأقصى الشريف وكامل القدسالمحتلة أمام مرأى العالم اجمع الذي لا يتحرك ساكنا لوقف هذه الانتهاكات. وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشرم الشيخ بمصر الدول العربية باتخاذ موقف "محدد وواضح" لحماية القدس قبل فوات الآن. وشدد على انه "إذا لم تبادر وتسارع الأمة العربية من اجل حماية القدس فسوف يكون الوقت متأخرا كثيرا وهو ما لا نريد حدوثه". وقال إن "المطلوب من العرب اتخاذ موقف محدد وواضح بالنسبة للقدس بشكل خاص وأن ينظروا إليها على أنها عاصمة الأمة العربية والإسلامية والمسيحية وأن يهتموا بها ويرعوها ويضعوا كل الإمكانيات الضرورية للحفاظ على الأرض والسكان الذين يتعرضون للطرد وسحب هوياتهم". وأكد أن التفاوض مع إسرائيل "ليس سهلا على الإطلاق" خاصة في ظل استمرار سياسات الاستيطان الإسرائيلية والسيطرة على بعض المواقع الفلسطينية التي يزعمون أنها مواقع إسرائيلية مما يثير حفيظة الجميع". من جانبها طالبت منظمة التحرير الفلسطينية المجتمع الدولي باتخاذ موقف جاد وعاجل يلزم إسرائيل بوقف إجراءاتها المنافية لكافة القوانين والشرائع الدولية والدينية في القدسالمحتلة. وجاء في بيان صادر عن دائرة العلاقات الدولية بالمنظمة أن "انتهاكات سلطات الاحتلال والجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني تدل على خطورة ما آلت إليه الأوضاع في القدسالمحتلة مما يتطلب تدخلا دوليا عاجلا من الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والصين والأمم المتحدة وكافة منظمات حقوق الإنسان واتخاذ قرارات رادعة عقابية تلزم إسرائيل قوة الاحتلال بوقف إجراءاتها في القدسالمحتلة". وحملت المنظمة جزءا كبيرا من مسؤولية حماية القدس من مخططات التهويد على عاتق الدول الأوروبية والولايات المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان فيها التي تتغنى بحرية الفرد والحريات الدينية. كما اعتبر البيان أن بيانات الشجب والاستنكار لم تعد كافية لأن خطورة الوضع تتطلب تحركا دوليا سريعا لعقد قمة عربية طارئة وقمة إسلامية سريعة تفرض على المجتمع الدولي موقفا ملزما لإسرائيل التي تتحدى الإرادة الدولية بقرارات وإجراءات الضم الأخيرة للمقدسات والأماكن التراثية الفلسطينية.