بدأت مؤشرات انتفاضة شعبية ثالثة تلوح في الأفق الفلسطيني بعد أن أوجدت حكومة الاحتلال عوامل اندلاعها على خلفية قرارها بضم آثار إسلامية وعربية إلى قائمة المناطق الأثرية اليهودية في القدسالشرقية. ويبدو أن الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية قرروا هذه المرة لعب دورهم الرافض بعد أن عجزت السلطة الفلسطينية وكل المؤسسات الرسمية العربية الأخرى عن وقف جرافات الاحتلال الماضية في تدمير الأقصى وتهويد القدس ضمن مخطط استيطاني محكم يمهد لإقامة الدولة اليهودية الصرفة على أنقاض فلسطينالمحتلة. وانفجرت أمس مواجهات عنيفة في محيط المسجد الأقصى الشريف بين قوات الاحتلال وفلسطينيين هبوا بالمئات لنصرة الأقصى على خلفية إقدام مجموعات من المتطرفين اليهود باقتحام باحة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لأداء صلواتهم التلمودية وتدنيسه بدعم من شرطة الاحتلال. وتأتي هذه المواجهات في ظرف متوتر تعيشه القدسالمحتلة بسبب الإجراءات الاستفزازية التي أقدمت عليها إدارة الاحتلال اليمينية مؤخرا بضم الحرم الإبراهيمي بالخليل ومسجد بلال بن رباح إلى ما تسميه بقائمة الآثار اليهودية في تعارض صارخ مع مبادئ القانون الدولي. واندلعت هذه المواجهات بعد سماح قوات الشرطة الإسرائيلية لمتطرفين يهود من اقتحام باحة المسجد الأقصى وقامت بتطويقه في حين طالبت الفلسطينيين المعتكفين في داخله بالخروج منه ومنعت آخرين من الوصول إليه بعدما أغلقت جميع بواباته. وتوسع نطاق المواجهات ليشمل عدة أحياء من المدينة المقدسة حيث لم يتوان جيش الاحتلال في استخدام الرصاص المطاطي وقنابل الغاز مما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 13 فلسطينيا. وتوالت موجة الاستنكار من قبل السلطة الفلسطينية ومسؤوليها في حين تعالت نداءات الاستغاثة مجددا من قلب القدس بضرورة حمايته وإنقاذه من مخططات التهويد التي تسعى إدارة الاحتلال من خلالها إلى طمس المعالم الفلسطينية والعربية والإسلامية في كامل الأراضي الفلسطينية. واعتبر نبيل أبو ردينه المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية أن ما تقوم به إسرائيل حاليا في المسجد الأقصى جزء من الحرب التي تخوضها للهروب من الاستحقاقات الملزمة بالإيفاء بها لتحريك عملية السلام المتعثرة منذ سنوات. وحذر من أن "القدس خط أحمر لا يسمح بتجاوزه"، مشيرا إلى سعي إسرائيل بأعمالها الاستفزازية إلى تقويض أسس الأرضية المناسبة لاستئناف المفاوضات. وأمام تزايد المخاطر التي تهدد الأقصى المبارك والقدس الشريف دعا تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين رئيس الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات الفلسطينيين إلى التصدي للجماعات اليهودية المتطرفة التي اقتحمت المسجد الأقصى المبارك. وقال إن "هذه اللحظات هي الأصعب في تاريخ المسجد الأقصى المبارك الذي يتعرض فيها إلى اعتداءات سافرة وهيمنة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين"، وحمل سلطات الاحتلال تبعات اتخاذ أي إجراء قد يعرض المسجد الأقصى المبارك للخطر. ودعا التميمي أبناء الشعب الفلسطيني في عموم فلسطين وأراضي عام 1948 إلى المواظبة على شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك للصلاة والمرابطة فيه للوقوف في وجه مخططات الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى هدمه لإقامة الهيكل المزعوم مكانه. كما طالب جامعة الدول العربية ولجنة القدس ومنظمة المؤتمر الإسلامي والمجتمع الدولي الضغط على حكومة الاحتلال الإسرائيلي لتتوقف عن جرائمها الإرهابية ضد أرض النبوات ومهبط الرسالات ومهد الحضارات. وهي الدعوة نفسها أطلقها الشيخ محمد حسين مفتي الديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى المبارك الذي استنكر بشدة ما أقدمت عليه سلطات الاحتلال الإسرائيلي صباح أمس من اقتحام لباحات المسجد الأقصى وتطويقه.