حتى لا يظل دور المرأة الماكثة بالبيت مقتصرا على الطبخ وتنظيف البيت وغسل الثياب والعناية بالأطفال، تعتقد السيدة "سميرة اخلف" المختصة في صناعة الورود والتزيين أن كل هذه الأمور يكفيها وقت قصير، بعدها تواجه المرأة شبح الفراغ الذي قد تصاب من خلاله بالملل والروتين، لا سيما عند انشغال الأطفال بدروسهم أو بلوغهم مرحلة عمرية يقل فيه اعتمادهم على أمهاتهم، لذا تقترح سميرة على كل امرأة اغتنام أية فرصة تتاح لها لتعلم حرفة تملأ فراغها وتحافظ من خلالها على نشاطها وحيويتها حتى لا تزحف إليها الشيخوخة مبكرا. وتستعرض السيدة سميرة التي التقتها "المساء" بمناسبة المعرض الذي نظم مؤخرا بميدياتيك "عسلة حسين" تجربتها قائلة "تعلمت الخياطة كحرفة رغم أني لم أكن أحبها، فكان دافعي اليها وجود صنعة في اليد، وبعد أن تزوجت اقترحت علي شقيقة زوجي تدعيم حرفة الخياطة بحرفة أخرى تلقى رواجا كبيرا، وهي فن صناعة الورود والتزين بها، أعجبتني الفكرة كثيرا خاصة وأن الأعباء المنزلية ليست كثيرة، وبالفعل تعلمت القواعد الأولى لفن صناعة الورود لأكتشف أن بداخلي موهبة كانت مخفية، حيث بدأت أناملي تعد أشكالا وتبتكر أنواعا تحظى بإعجاب كل من يراها، وشيئا فشيئا بدأ الناس يطلبون مني تزيين سلات العرائس، والوسائد، وكل اللواحق المتعلقة بالمناسبات السعيدة كعلب الحنة والشموع وقارورات العطور. وعن الطريقة التي اعتمدتها السيدة سميرة في إنعاش حرفتها والتعريف بها - تضيف - أنها تعتمد كل الاعتماد على رأي الزبونة وتصورها للشيء الذي ترغب في تزيينه، وفي بعض الأحيان تعطى لي حرية التصرف في اختيار الألوان ونوع القماش، لأن أصعب شيء في حرفة فن صناعة الورود والتزين بها هي التزاوج بين الألوان الذي يمثل 90 بالمئة من جمالية الشيء. من جهة أخرى تشرح المتحدثة طريقة عملها التي تتطلب الكثير من الصبر وحب المهنة بالدرجة الأولى قائلة إن مهنتها تبدأ بتصفح الشيء المراد تزيينه. "نأخذ على سبيل المثال السلة، فقد تكون دائرية أو طولية وقد تكون صغيرة أو كبيرة فأخذ نظرة أولية عامل مهم لبناء تصور أولي للشكل الذي يمكن أن تكتسبه السلة، بعدها أختار القماش وهنا نميز بين نوعين من قماش (الساتان) الموجه لتغليف السلة وقماش "الاورغنزا" الموجه للتجميل، بعدها يتم تغليف السلة من الداخل والخارج - ثم تواصل - آخذ الغراء لألصق به القماش، وهنا بالتحديد لا بد أن يكون هنالك مجال واسع للخيال، ودقة في اختيار الأماكن التي ينبغي التكثيف والتقليل من حجم الشرشفة فيها، وكمرحلة أخيرة تأتي الورود التي تلعب دورا كبيرا في إعطاء اللمسة الأخيرة للسلة، حيث اصنعها بعد طول تفكير في لون ونوع القماش الواجب اعتماده وشكل الوردة فإذا كانت السلة كبيرة كسلة الحنة أو طبق العروس ينبغي أن تكون الورود كبيرة حتى تكون ظاهرة للعيان شأنها شأن الوسادة، أما إذا تعلق الأمر بتزيين أطباق توزيع الحلوى فيكفي وضع القليل من الورود على الأطراف". حرفة صنع وتزيين الورود من المهن الراقية - تعلق المتحدثة - إذ نجدها حاضرة في أحلى وأجمل المناسبات التي تقيمها الأسر الجزائرية، وتبقى أيضا شاهدة على المناسبة إن تم الاعتناء بها، كما أنها حرفة لا تزول ما دام هناك من يتولى القيام بها يحبها ويبدع فيها لأنها تحب التجديد. وتختم السيدة سميرة كلامها بنصيحة رغبت في توجيهها لكل سيدة قائلة "لابد على كل امرأة أن تتعلم حرفة ما، ليس بالضرورة للاسترزاق منها وإنما لتحس بذاتها وأهميتها من خلال ما تصنعه وحتى تظل مفعمة بالحياة والنشاط".