تجري عبر الواحة القديمة بقرية الشيخ بوعمامة المعروفة ب''مغرار التحتاني'' جنوب مدينة النعامة، عملية ترميم من أجل إعادة الاعتبار للتقنية القديمة التي تخص جذب المياه عن طريق الفقاقير. وقد ساهمت هذه الطريقة منذ قرون في توسيع زراعة النخيل بالواحات والقصور في مناطق الجنوب كما أفادت بذلك أول أمس الإثنين مديرية المصالح الفلاحية. وستمكن هذه العملية التي تشمل ترميم 500,2 متر طولي من شبكة سواقي الفقاقير التي تموّنها ينابيع عين سيدي بحوص التي يصل منسوبها إلى نحو 23 لترا في الثانية بواحة مغرار التحتاني. وتسجل حاليا نسبة تقدم للأشغال ب60 بالمائة في توسيع النشاط الفلاحي داخل الواحة وأراضي الاستصلاح الجديدة المجاورة لها كما أوضح مسؤول مكتب التجهيز والسقي الفلاحي بمديرية القطاع. وللإشارة، تكتسي هذه الواحة قيمة اقتصادية وسياحية بالمنطقة، إلاّ أن جفاف موارد السقي وتراجع منسوب الآبار إضافة إلى مشكل الفيضانات وتدفق سيول الأودية المجاورة لها تسبب في توحل وانجراف التربة، مما أدى إلى تراجع منتوجها من أصناف التمور كالغرس والفقوس إلى مستويات متدنية في المواسم الفلاحية الأخيرة ليصل إلى معدل قدر بأقل من 11 ألف قنطار. وحسب نفس المسؤول، فإن دراسة تقنية في ميدان استغلال المياه الجوفية ستنطلق قريبا لتحديد سلسلة الآبار التي تشكّل فقاقير واحة مغرار القديمة، والتي غمرتها وغطتها الرمال طيلة عقود ماضية بعدما كانت قديما في قنوات أرضية تنساب بدءا من البئر الرئيسية ذات العمق الأكبر والتدفق الأقوى من المناطق المرتفعة في اتجاه المنحدر الأرضي. كما ستمسّ الدراسة محاولة إحياء تقنية »التيغيرة« كأسلوب قديم ونادر لتوزيع عادل ودقيق للماء، وهي قطعة نحاسية تتميز بوجود ثقوب ذات فتحات مختلفة تجسد وحدة المنسوب. وأوعز مسؤول تقني بمديرية الري الموارد المائية بالولاية اندثار نظام السقي بالفوقارة بالواحات الجنوبية لولاية النعامة، إلى عدم تجدد المخزون الباطني لقلة تساقط الأمطار وحفر الآبار العميقة بجانب الفقارات، علاوة على تأثيرات الجفاف الذي يؤدي إلى تشكّل طبقات ذات ملوحة في شكل سبخات وتراكم الرمال، والتي تزحف بسبب تلف وتدهور النخيل والبساتين، بالإضافة إلى عدم صيانة الفوقارة لقلة اليد العاملة المؤهلة. وأضاف ذات المتحدث أن عمليات معاينة شاملة قد تمّ القيام بها رفقة تقنيين من معاهد جامعية للوقوف على الحالة المزرية التي آلت إليها تلك الطرق القديمة للسقي الفلاحي بجنوب الولاية، والتي تعتبر كإرث حضاري وثقافي يعطي طابعا خاصا للمنطقة، علاوة على أبعادها الاجتماعية المتمثلة في تعزيز الروابط الإنسانية بين سكان القصور كالتطوع الجماعي المعروف بالتويزة والعدالة في توزيع المياه. هذا وتبذل جهود حسب مديرية المصالح الفلاحية وذلك بالتنسيق مع قطاع الري والموارد المائية لإيجاد حلول تقنية وإدارية لإحياء وبعث نظام الفقارة من جديد، تراعي خصوصيات المنطقة وهشاشة الوسط، بالإضافة إلى تنظيم برامج التوعية لترشيد استهلاك الماء داخل الواحات وتوجه جديد يراعي عدم تكثيف الاستصلاح الزراعي دون التفكير في تأمين مصادر مياه السقي.