ما ميّز الصالون الدولي الثالث للطفل الذي أسدل ستاره مؤخرا، هو دعوة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى المشاركة، فكان الجناح المخصص لهم مرآة تعكس واقعهم وتبرز قدراتهم الفنية في آن واحد، حيث عرضت بعض أعمالهم الفنية وسط جمهور طبع على وجهه الإعجاب والدهشة! تكشف الأعمال الفنية التي عرضت في الصالون الدولي للطفل الذي تزامنت طبعته الثالثة مع العطلة المدرسية الربيعية أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مثل غيرهم لا يفتقرون إلى المنافذ في إدراك علاقات الأشكال وفهم لغة الألوان، حيث أن تلك المعروضات الصامتة أفصحت عن بعد الجمال المنبعث من الموهبة التي يبدو أنه لا الإعاقة ولا الظروف الصعبة يمكنها أن تقف في طريقها. فكرة إنسانية إن الذي ينظر إلى أشكال قطع الديكور بأحجامها وتصاميمها المختلفة، يدرك أهمية مساهمة هذه الشريحة التي لديها من القدرات والذوق الفني ما قد لا يوجد عند بعض الأطفال العاديين، فالمعرض أكّد باختصار على مهارة ذوي الاحتياجات الخاصة، أما فكرة المعرض فتعدّ في حد ذاتها إنسانية، حيث سلّطت الضوء على الأعمال اليدوية لكل من مدرسة صغار المكفوفين للعاشور، المركز المتخصص في إعادة التربية للأبيار، دار استقبال اليتامى للمحمدية ودار الأطفال المسعفين للأبيار. دمى، قطع الديكور الممزوجة بألوان الحياة والكثير من الأشياء التي تتصل بها اجتمعت في أعمال هذه الفئة من الأطفال إضافة إلى بعض الرسومات واللوحات التي تحاكي معاناتهم. 12 صغيرا من دار الأطفال المسعفين بالأبيار شاركوا في التظاهرة، بعضهم من المعاقين، وتتراوح أعمارهم بين ثلاث وست سنوات، وبمساعدة بعض مربيات دار استقبال اليتامى شارك كذلك أطفال تتراوح أعمارهم بين 8 و14 سنة من خلال عرض لوحات وقطع ديكور مختلفة. كما ساهم أطفال ينتمون إلى نفس الشريحة العمرية من المركز المتخصص لإعادة التربية في الحدث الذي يعنى بالطفولة من خلال بعض الأعمال الفنية المتنوعة. وللبصيرة نور للفن! وكان أروع ما في المعرض إبداعات أطفال مدرسة صغار المكفوفين الذين أبدعوا ببصيرتهم ليصنعوا بحاسة اللمس ما قد لا يصنعه الطفل البصير، وليقولوا بصوت خافت إن فقدان نور العين لا يطفئ نور الفن الكامن في الأعماق، لاسيما وأنهم يستفيدون في مدرستهم التي تعد أول مؤسسة تربوية مختصة في الجزائر من الجانب التنشيطي، إضافة إلى الجانبين الدراسي والتربوي، وذلك من خلال أشغال تنمي حواسهم وتبرز مهاراتهم لتمكينهم من الاستقلالية. ويرى أحد المربين بالمركز المتخصص في إعادة التربية بالأبيار: ''أن الأطفال لديهم خيال واسع، ومن خلال الورشات المختلفة يمكنهم أن يمارسوا ''التفريغ'' الذي يسمح لهم بالإبداع رغم مشاكلهم الاجتماعية والنفسية، فضلا عن دورها في اكتشاف المواهب''. ويتابع: ''مشاركة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في الصالون الدولي للطفل مبادرة حسنة لإبراز قدراتهم وتعبيد طريق الاستقلالية لهم، فالبعض منهم يتمكن من خلال المعارض من بيع بعض القطع الفنية.. والأهم من ذلك هو الشعور الذي ينتابهم عندما يلمسون اهتمام الناس بمعروضاتهم''. و من جهتها، توضح السيدة آسيا بلقاضي، مربية بدار استقبال اليتامى بالمحمدية، أن هذه الالتفاتة سمحت بإظهار قدرات الأطفال الذين يعانون من الإعاقة الذهنية والحركية، فرغم إعاقتهم فهم موجودون على الأرض وبالتالي لديهم أهمية مثل غيرهم، ونحن بدورنا كمربين نسعى إلى تخليصهم من الإحساس بالتهميش الناجم عن نظرة المجتمع السلبية عن طريق رفع معنوياتهم وإحاطتهم بالحنان المفتقد.. وهذه المعروضات باختلافها تنقل رسالة مفادها أن الاهتمام المعنوي وتوفير الدفء العائلي لهذه الفئة من أهم العوامل التي تساعدها على الاستقرار وبالتالي تفجير القدرات الكامنة. وبالنسبة لإحدى المربيات بدار الأطفال المسعفين، فإن عرض بعض المنتجات الفنية للأطفال مبادرة جيّدة تعكس الصورة الإيجابية الحقيقية لشريحة، وقد استقطب الجناح العديد من الزوار الراغبين في الاستفسار عن واقع الأطفال المسعفين وإجراءات التبني، وهذا مؤشر على تراجع النظرة السلبية التي كانت سائدة تجاه هذه الفئة. وعموما، فإن المعرض يروّج لفكرة مفادها أن في وسط الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فنانون كثيرون وموهوبون بحاجة فقط إلى من يساعدهم على اكتشاف فنهم وممارسة موهبتهم في جو من الثقة.