تلجأ إليها العازبات بحثا عن عريس والمتزوجات للحد من سلطة الزوج والرجل للإيقاع بالمرأة أو للتحرر من تأثير سحري يلازمه أو لإبعاد شبح ''العين''، أو لفك '' الربط الجنسي''... إنها ظاهرة الشعوذة التي فرضت نفسها بقوة في مجتمع عين الدفلى وصارت وسيلة الكثير ممن يظنون أن الحظ تصنعه الخرافة والعقاقير. لم يكن من السهل الإلمام بالموضوع الذي تطلب منا تقمص دور الزبائن، حيث زرنا العديد من المشعوذين والسحرة من وادي الشرفاء شرق ولاية عين الدفلى إلى العبادية غربا، ليتبين أن معظمهم يقطنون بجوار المقابر في الأماكن الريفية النائية.. كما سجلنا الحالة الرثة التي يوجد عليها أولئك المشعوذون، ثيابهم وسخة وروائحهم كريهة، بينما تجد آخرين بالمدن على غرار العطاف، جندل وخميس مليانةمتخذين من محلات بيع العقاقير والأعشاب مكانا خلفيا لممارسة طقوس الشعوذة. ويوجد من ضمن الزبائن المترددين شباب لا تتجاوز أعمارهم 30 سنة.. ووسط هذا العالم المليئ بالمعتقدات الخرافية، قمنا بهذا الاستطلاع محاولين تسليط الضوء على الأبعاد... شيخ يسخر الجن لتفرقة الأحباء بدأنا من إحدى المناطق الريفية المجاورة لبلدية وادي الشرفاءحيث يسكن جنب مقبرة نائية أحد المشعوذين، اتخذ غرفة أمامية لاستقبال زبائنه، يتملكك خوف عميق حين تجد نفسك بين القبور.. يستقبلك الشيخ ويسألك عن مشكلتك ثم يقدم لك عددا من حبات البيض ويطلب منك إدارت كل ةبة فوق رأسك سبع مرات ثم تسلمها له ليكسرها أمامك في دلو فارغ، فإن كنت مسحورا يسقط من البيضة الحرز الذي وضع لك ويطلب منك أن تعود إليه مرتين ليخلصك من السحر ثم يكتب لك حرزا آخر تعلقه في رقبتك أو مكان آخر من جسدك. دفعنا للشيخ وخرجنا ولكننا لاحظنا أن كل الحروز التي أخرجها لنا الشيخ من حبات البيض وللناس الذين وجدناهم في الطابور متشابهة، وهي عبارة عن شعر ماعز وزجاج مكسر وتراب.. فأيقنا أنها من صنع الشيخ وبطريقة ما يرميها في الدلو للنصب على زواره. أما خارج العبادية في دوار معزول، فيوجد شيخ طاعن في السن يقولون عنه أنه يسخر الجن في التفرقة بين المحبين، حسب شهادة العارفين، تقصده النساء كثيرا.. ويعمل الشيخ بالنار كما يقولون، يبعد الرجل عن زوجته والمرأة عن زوجها نظير حفنة من المال يدفعها الأشرار لحاجة في أنفسهم.. وعلمنا أن هناك الكثيرين والكثيرات ممن اختلوا عقليا بسبب أعمال هذا الشيخ. وبمدينة عين الدفلى يوجد شيخ يسمونه ''المغربي'' مختص في فك المربوطين جنسيا، يضع في حجرة الاستقبال موقدا ناريا فوقه فأس ويعطي لزبائنه عقاقير وأوراقا للحرق، ويمرر الحالات المستعصية على الفأس لتتخطاه سبع مرات بعدما يحمر لونه وأخيرا يقرأ عليها بعض العبارات! يقول أحد زبائنه أن زوجته كانت عاقرا ولما جاء بها إليه شفيت وهي الآن حامل، ويقول آخر أن الشيخ حين يفتح الكتاب يخبره بكل شيء.. ويضيف أحد الزبائن كذلك أن الشيخ ''المغربي'' دله على من سرقوا هاتفه النقال... أما بمدينة خميس مليانة فيوجد عدد كبير من هؤلاء يتخذون وسط الأحياء الشعبية مواقعا لهم، ومن الزبائن من يقصدونهم من الولايات الأخرى منهم أناس متعلمون وذوو مناصب. كما أن ظاهرة الشباب المشعوذ الذي يختفي في محلات بيع العقاقير والأعشاب، أصبحت تجلب الانتباه، ففي لقاء مع أحدهم أخبرنا أن معظم زبائنه من الإناث وأنهن يطلبن المستحيل ويقول: ''بإمكان أي واحد يزاول عملنا هذا أن يستغل المرأة حتى في جسدها المهم أن تلبي لها طلبها''. سألناه ماذا يطلبن؟ فأجاب : '' منهن من تطلب العمل لزوجها حتى تحد من سلطته.. ومنهن من تريد الزواج.. وهناك اللواتي يردن التفرقة بين بعض الناس.. وفيهن من يردن الإضرار بأناس غيرة وحسدا.. أما الرجال فمشكلتهم الربط الجنسي أو العين وما زلت لم أستقبل ذكرا يريد الإضرار بالآخرين''. وهل يدفعون؟ يقول : ''أكيد.. هناك من يدفع 5 ملايين من أجل حفنة من العقاقير ''. شباب يؤمن بالشعوذة ويقول أحد الشباب أن تردده على أحد الشيوخ جعله يكتشف الشخص الذي سحره، حيث أخبره أن زوجة أخيه سحرته فغادر البيت ومن يومها لم يأكل ما تطبخه.. وآخر يذكر: ''أصبحت لا أثق في زوجتي خاصة عندما تذهب ضيفة إلى بيتهم، فقد نصحني الشيخ الفلاني بالحذر من أهل بيتي''. أما ''كريم'' فيعترف : ''أمي سحرت زوجتي وهي السبب في المشاكل التي أتخبط فيها''. بينما يرى '' أحمد'' أنه خسر أموالا كثيرة لدى السحرة والمشعوذين دون نتيجة.. ويصرح قائلا : ''أنا أشعر بصداع دائم وفي بعض الفترات أشعر بشلل في رجلي وكلما ذهبت إلى أحد الشيوخ الموصوفين بالبراعة يقولون أني مسحور ويصفون لي من سحرني حتى صرت أمشي وحدي، أخاف جميع الناس وأكرههم''. ويقول الشيخ ''علي'' أحد الرقاة : ''ظاهرة السحر والشعوذة موجودة منذ القدم، وجدت مع وجود الشيطان الذي يوحي لأصحابه من السحرة ليشركوا بالله، وهي دليل على إحباط متجذر لدى الناس يدفعهم إلى التعلق ولو بالقيل من الأملفي ظل ضعف الإيمان أو عدم الإيمان بالقدر خير وشره ولا علاج لهذه الظاهرة إلا بالعودة إلى الله وكتابه الكريم''.