يتخوف الشارع الجزائري، ابتداء من اليوم، من نتائج المباريات التي يلعبها المنتخب الوطني لكرة القدم في تصفيات كأس إفريقيا للأمم لكر ة القدم. ويتساءل المناصرون عما إذا كان سيتكرر مشهد الرقية لشباك الفريق الذي رأيناه في مباراته ضد الفريق المصري يوم 14 نوفمبر، فبالقدر الذي تخوف اللاعبون يومها من وجود عمل سحر يعيقهم عن اللعب، يتخوفون اليوم من أعمال سحر وشعوذة أخرى من تلك التي تشتهر بها بعض القبائل الإفريقية، وهذا من منطلق شيوع ارتباط السحر والشعوذة بالرياضة وتحديداً كرة القدم بشكل كبير، حيث لجأ مسؤولو الأندية للسحرة ليقدموا لهم وصفات سحرية تساعدهم على الفوز أو تعمل على الإضرار بالخصم وتقييده. تكاثرت التساؤلات عما إذا كان سعدان سيستعين هذه المرة بخبرة الراقي أبو مسلم بلحمر حاج، المهندس في الإلكترونيات ورئيس جمعية بشائر الشفاء الجزائرية، الذي كشف في تصريحاته أنه كان يرقي اللاعبين ويستقبلهم فرادى، كما يرقي الفريق كاملا. يشاع عن الأفارقة أنهم يستخدمون السحر لمساعدة لاعبي كرة القدم في إحراز الأهداف في شباك الفريق المنافس، فالممارسات الغريبة لطقوس الشعوذة لبعض الأندية قبل الشروع في المباراة، تبعث الرعب في نفوس الفريق الخصم، الذي يستنجد بدوره بممارسات أخرى لرد الأذى وحماية اللاعبين، والحالات التي تردد حولها الحديث عن استخدام السحر والشعوذة كثيرة على مر السنين وعلى اختلاف أهمية المنافسات الكروية التي استعملت فيها. وبالمقابل تلجا بعض الفرق من الدول المسلمة إلى الاستعانة بالرقية الشرعية لدرء كل شر قد تضمره الفرق المنافسة له ولإحباط كافة أعمال مشعوذيها ودجاليها. دعوات العجائز في الصلاة والتيمن ببركات الحجاج لم يجد مناصرو الفريق الوطني من سبيل لدعم اللاعبين في أولى مبارياتهم في تصفيات كاس إفريقيا للأمم لكرة القدم سوى الدعاء الذي انقسم إلى شقين، الشطر الأول منه يتمثل وبطبيعة الحال في ترجي المولى أن ينصر الفريق ويساعده لتحقيق نتائج جيدة تمكنه من الصمود لجولات متقدمة أخرى، أما الشطر الثاني منه فتمثل في ترجي أن يحميهم الله من كل عمل سحر قد يدبر ضدهم ويقصد منه أذيتهم. وذهب الشباب ممن لم يكتفوا بالدعاء بأنفسهم وحسب، إلى درجة اللجوء إلى العجائز والمسنين عسى تكون دعواتهم مقبولة مستجابة، أما إن كان ذلك الشخص المسن حاجا زاد حجم الاعتقاد بقبول الدعاء. ومن أطرف ما سمعناه من قصص العائدين من البقاع مؤخرا أن من الحجاج من كان يتلقى يوميا في اتصاله بأهله طلبات من الشباب بالدعاء للفريق الوطني للتأهل إلى المونديال الذي تحقق فعلا وبتحقيق الفوز في كأس إفريقيا أو على الأقل قطع أشواط أطول وعدم الإقصاء المبكر. وما مثال الحاجة زوليخة إلا نموذج بسيط عن الوضع، الحاجة التي التقتها ''الحوار'' ببيتها بساحة أول ماي، راحت تسترسل في الدعاء لفريقنا الوطني ما إن عرفت أن موضوع لقائنا بها يتمحور حول رأيها وتكهناتها بنتائج اللعب، فقالت ''ربي ينصرهم ويحفظهم من العين والحسد والسحر، ويكتبلهم الربح''. وأكدت هذه الحاجة أنها وخلال تأديتها مناسك الحج وهي واقفة بجبل عرفاة لم تنس المنتخب الوطني بالدعاء نزولا عند طلب ورغبة وإلحاح أحفادها الشديد على ذلك. وأضافت الحاجة زوليخة عندما توجهنا لها بسؤال يتعلق بتكهنها لنتيجة مباراة اليوم ضد المالاوي قالت ''هدف لصفر لصالح فريقنا الوطني''. الجزائريون: '' عرفنا واش معنتها السحر مع النيجيريين'' أكد لنا بعض من التقتهم ''الحوار'' لرصد آرائهم ومواقفهم من استعمال أعمال السحر كطريقة لكسب المباريات والرقية الشرعية كطريقة مضادة لإحباطه، أن الشارع الجزائري متيقن من أن منافسات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم لن تخلو من مثل هذه الممارسات، وراح البعض منهم يستشهد بقدرة مشعوذي بعض الفرق الإفريقية المعروفة في حسم النتيجة لصالحها، ومن بين الأمثلة التي يمكن الاستدلال بها والتي رواها لنا عمي عبد القادر، ما قام به الفريق النيجيري خلال مباراته مع فريقنا الجزائري في إحدى المباريات مع مطلع التسعينيات، حيث فشل لاعبونا في تسجيل أي هدف بالرغم من براعتهم الفائقة التي أبدوها خلال المباراة، فكانت الكرة تحيد عن مسارها كلما باغت شباك الفريق الخصم وكأن جدارا شفافا كان يحول دون بلوغها وجهتها، ولم تتغير وضعية اللعب حتى تفطن لاعوبنا إلى إمكانية وجود سحر يمنعهم من تحقيق الفوز، فقام أحدهم خلال استراحة الشوطين بالتبول على عارضة الشباك لفك عمل السحر، وفعلا انحسمت النتيجة لصالح فريقنا في الشوط الثاني من المباراة. واستدل أحدهم ليؤكد ذلك قائلا شاعت في سنوات التسعينيات مثل هذه الممارسات الغريبة في الملاعب الإفريقية، حيث اختلفت الوصفات المستعملة من قبل كل بلد، منهم من كان يدخل دجاليه ومشعوذيه معه إلى أرضية الملعب وعلى مرأى من ملايين الجماهير. ''خفنا من المصريين لأنهم مشهورون باللجوء إلى المنجمين في مقابلاتهم'' من جهتهم أكد لنا مجموعة من الطلبة الجامعيين أنهم ومن خلال تتبعهم للأخبار الرياضية، دفعهم فضولهم إلى البحث في تاريخ كرة القدم لبعض الدول التي أجرت الجزائر مقابلاتها ضدها، وهذا من خلال الاطلاع على مواقع الإنترنت الرياضية والمشاركة في منتديات نقاش ودردشة، ''فكان خوفنا كبيرا من أن تنهزم الجزائر في مبارياتها ضد الفريق المصري خاصة أننا علمنا من خلال إحدى المقالات الصادرة بصحيفة إماراتية أن ''محمود الجوهري''، مدرب المنتخب المصري في مطلع التسعينيات، استعان بأستاذ جامعي في الرياضيات لتحقيق الفوز. وكان يطالب أستاذ الرياضيات بتغيير أرقام اللاعبين وفق حالة نجمهم، مستعينا بتواريخ ميلادهم وبأهم التواريخ في حياتهم وعلاقة ذلك بالنجوم. وكان يطالب بمشاركة بعض اللاعبين لأن حظهم أعلى، وستحقق مشاركتهم الفوز، وعدم مشاركة الآخرين لأن مشاركتهم ستؤدي إلى هزيمة الفريق، وكان أحيانًا يطالب بمشاركة غير الجاهز فنيا، وإشراك اللاعب المصاب أيضا. اختلفت الوصفات وكان الهدف واحدا تختلف وصفات الفوز السحرية من بلد لآخر ففيما يلجأ سحرة غرب إفريقيا إلى جعل اللاعبين يشربون حليب لبؤة أو الطواف ليلا بمقبرة أو ركوب حمار بشكل معكوس، يلجأ سحرة وسط وجنوب إفريقيا لمزج دماء وأحشاء ضباع وفيلة وفرس نهر ولبؤة. كلها وصفات وجدناها ونحن نبحث في وصفات الأفارقة السحرية لكسب مبارياتهم الرياضية، وكم كانت دهشتنا كبيرة عندما علمنا أن هناك نوعا خاصا من السحر ينتشر في غانا يستخدم فيه حرز يسمى (الكوتي) تستعمل فيه خيوط وقراءة نصوص لإنهاك الخصم وشل قدرات لاعبيه، فيما تقوم مقاطعات أخرى بدفن خروف حي في حفرة مع وصفة سحرية أخرى تجعل المنافس بعيداً عن مستواه، وتقوي الفريق المستخدم لها حسب زعمهم. كل مثل هذه الأعمال صارت معروفة لدى العام والخاص بعدما كثر الحديث عنها عبر الشبكة الإلكترونية، حيث فضحت المقالات الصادرة على هذا الموقع أو ذاك ما كان مستورا من ممارسات بعض الدول. ولعل وصول منتخب السنغال لنهائي كأس العالم 2002 وتحقيقه نتائج جيدة في البطولة مثل فوزه على فرنسا حاملة اللقب والسويد وتعادله مع الدنمارك والأورغواي وتأهله للدور ربع النهائي للبطولة، إحدى عشرات القصص التي يمكن لمتصفح الإنترنت العثور عليها. بخور .. رقصات.. إطلاق الطيور للمسيحيين والرقية للمسلمين ورغم عدم إيماننا بقدرة السحر والشعوذة على تحقيق أية نتائج جيدة للفرق ايلي يستعين بها إن لم يكن العكس، إلا أن هناك معتقدات أخرى لا تندرج تحت مسمى السحر أو الشعوذة وتنتشر بصورة كبيرة بين الأندية والفرق سواء الأفريقية أو حتى الأوروبية مثل قيام بعض الأندية بذبح الذبائح قبل بدء المباريات لفك النحس أو جلب البركة وكثيرا ما شاهدنا هذه الظاهرة ولا يستطيع أحد إنكارها. أو قيام البعض الآخر بإطلاق البخور في غرف الملابس والطرقات وأماكن الاحتياط وفي المرمى كنوع من التفاؤل ورد الحسد والعين وسوء الحظ، ومنهم من يقوم بإطلاق بعض الطيور والحيوانات الأليفة في الملعب لطرد الأرواح الشريرة، ومنهم من يتفاءل بشخص معين للقيام بالتحكيم أو التعليق على مباريات فريقه. بينما تلجأ الفرق المسلمة إلى الرقية كأن يستعين الفريق براق لرقية اللاعبين أو رش أرضية الملعب بالقليل من الماء المرقي. أما اللاعبون فلهم أيضا بعض الوسائل لجلب الحظ أو البركة وفك النحس وسوء الطالع، فبعضهم يلجأ إلى لبس بعض التمائم في يده أو عنقه مثلا كنوع من التفاؤل أو قيام حراس المرمى بتقبيل قوائم المرمى والتمتمة ببعض الأدعية، واعتقاد عدد من اللاعبين بأن وجود خطيبته أو زوجته بالمدرجات يجلب لهم الفوز، بالنسبة للمسيحيين. أما المسلمين فلا تفرق شفاههم دعواتهم إلى الله والتضرع له، كما يلجأ بعضهم إلى تلاوة بعض آيات وسور الذكر الحكيم المستعملة في الرقية. الأستاذ بلمهدي: ''لا ضرر من الاستعانة بالرقية الشرعية لرد الأذى خلال المباراة'' من جهته، أوضح يوسف بلمهدي مستشار بوزارة الشؤون الدينية، مبديا رأي الدين في القضية قائلا إنه لا شك من أن كل أعمال السحر والشعوذة والطلسمات والاستعانة بالأرواح الشريرة وببعض الأعمال كلها من الأمور المحرمة شرعا. ونص القرآن على تحريمها، وأضاف كل ما بمقتضاه يفرق بين المرء وزوجه ويقاس على ذلك التفريق والإفساد بين الإخوة والدول أيضا، واستدل الأستاذ بلمهدي بالآية القرآنية الكريمة ''لا يفلح الساحر حينما أتى''. كما قال الأستاذ بملهدي إن أعمال السحر والشعوذة هذه تعدت كل نواحي الحياة، حيث إذا ما تعارضت مصالح الناس في التجارة وانتقل الأمر إلى المسابقات لجأ البعض من ضعاف النفوس إلى الاستعانة بالشعوذة للإفساد على الخصم. مثل هذه الوسائل، أكد الأستاذ، محرمة، والأمثلة على اللجوء إلى هذه الطرق غير الشرعية كثيرة في عصرنا الحالي حتى لدى بعض رجال السياسة الأوربيين، وبلغت هذه الممارسة حتى المجال الرياضي في مباريات كرة القدم المصيرية. أما فيما يتعلق بالإجراء الوقائي الذي تلجأ له بعض الفرق الرياضية من الدول المسلمة باللجوء إلى الرقية الشرعية لفك أعمال السحر التي قد تدبر ضدهم، أوضح بلمهدي أنه لا ضرر من اللجوء إليها طالما أن من يلجأ إليها يهدف إلى حماية نفسه دون إيذاء الغير، مصرا على عدم التمادي في الوضع حيث قد تتحول إلى تجارة يستغل فيها الراقي رقيته، والصلح في الرقية عندما تتعلق بالصلاح، أي ينبغي أن تكون العملية مستورة وتتم في حالة خشوع، فلا ينبغي أن يكون الراقي محل شهرة وأضواء وعمل تجاري، وفي الأصل يمكن للاعبين أنفسهم والمدرب أن يرقوا أنفسهم بأنفسهم ، لكن لا حرج، أكد الأستاذ بلمهدي، في استعانة الفريق براق لحمايته من أعمال السحر والشعوذة التي قد تحضر ضده بغية إفشاله وهزيمته.