يكتسي العمل التطوعي مكانة هامة في المجتمع لكونه يضمن التكافل بين فئاته ويعزز روح التضامن في كل الأوقات وليس أيام الكوارث فحسب، ولئن وجدت عدة مؤسسات وجمعيات خيرية تهتم بتقديم العون لفئات معينة، إلا أن مفهوم العمل التطوعي بحاجة إلى مزيد من الدعم من المجتمع عموما، ومن الأسرة والمدرسة وأيضا من المسجد، لأنه لم يصل حتى الآن إلى أن يكون ثقافة مجتمعية عامة كما تؤكده لنا بعض النسوة المتطوعات. تطور العمل التطوعي كثيرا ولم يعد ينحصر على المفهوم التقليدي على أنه موجه إلى فئة محددة من فئات المجتمع، كالأيتام والمعاقين والمشردين والفقراء، بل أضحى يشمل مجالات أوسع، متخذا أشكالا جديدة تتناسق فيها مجهودات هيئات حكومية وأخرى غير حكومية في آن واحد، كما أصبح عملا مهيكلا ومنظما محدد الأهداف يشارك في تحقيقها أشخاص متطوعون من المجتمع المدني، منهم المنزوون تحت لواء الحركة الجمعوية ومنهم من يفضلون العمل بكل حرية، دون انتظار الحصول على مقابل، منهم الكثير من النسوة اللواتي يجدن لأنفسهن متسعا من الوقت لممارسة العمل الخيري بالرغم من انشغالاتهن الكثيرة. منهن الحاجة ''فوزية تركي'' عضو الجمعية الخيرية ''البشاير'' الكائنة بالابيار والمؤسسة منذ خمس سنوات، المتحدثة ترى أن للمرأة دورا عظيما في ممارسة العمل الخيري بمختلف صوره وأشكاله انطلاقا من شخصيتها العاطفية وسرعة استجابتها، فهي الأقدر على التعامل مع الأيتام والأرامل، ولقدرتها على التأثير والإقناع واستثارة عواطف محبي الخير للعمل في هذا المجال الحيوي. وتؤكد أن الكثيرات عندما يفكرن في المشاركة في الأعمال التطوعية فإنهن يشاركن ب''فتات'' أوقاتهن، وكثيرا ما يكون ذلك محصورا في بعض المناسبات، كرمضان والأعياد والدخول المدرسي، وإنما الأصح أن يكون في سائر أيام السنة، وأنه لا بد للمرأة الخيّرة محاولة إيجاد متسع من الوقت على الأقل لزيارة بعض المرضى أو المحتاجين أو المساهمة في جلب أنظار المحسنين لمساعدة المحتاجين، وتؤكد أنها تسعى إلى غرس ثقافة العمل التطوعي في أبنائها وأحفادها من خلال اصطحابهم معها لزيارة بعض المحتاجين وتقديم يد العون إليهم. من جهتها ترى ''زهية بوعبد الله'' متطوعة في جمعية لمساعدة المعاقين بالرويبة أن العمل الخيري لا يقتصر معناه على القيام ببعض الزيارات للملاجئ وللفقراء والمشاركة في أعمال بعينها، وإنما المعنى يشمل كل ذلك ويتعداه إلى محاولة إيصال صوت المحتاج إلى مجتمعه بغرض المساعدة، أما عن مشاركة المرأة في الأعمال الخيرية فهذا لا يعني بأي شكل من الأشكال تخليها عن مسؤوليتها تجاه أسرتها، وإنما هي متواجدة في بيتها وفي عملها وفي محيطها كذلك، أما اللواتي يتحججن بالوقت فإن هذا الأخير من صنع أنفسنا ويمكننا إيجاد بعض منه في سبيل تقديم المساعدة، وهذا في الأخير ما يزيد من أرباحنا الدنيوية أو الأخروية. أما السيدة ''دليلة راحم'' رئيسة جمعية ''البسمة'' للطفولة لمدينة بومرداس فهي تتأسف من جهتها بالنسبة لبعض النسوة اللواتي يعلقن فشلهن في تنمية المجتمع على شماعة العادات والتقاليد، فالعمل الخيري لا يحتاج لدورات تدريبية ولا لمجهودات كبيرة ''ولكني أعتقد أن المشكلة الحقيقية في غياب روح العمل التطوعي لدى المرأة بالدرجة الأولى تكمن في غياب مفهوم النفع العام في مجتمعنا، فكل إنسان يريد أن يكون نافعا لنفسه ولبيته وينسى أنه جزء من المجتمع، وأنه إذا ساهم في تنمية مجتمعه فإن ذلك سيعود بالنفع عليه وعلى أسرته بشكل غير مباشر، كما أننا ننسى أحيانا أن خدمة المجتمع جزء لا يتجزأ من الدين، ولا يدرك معظمنا أنه عندما يشارك في أعمال الخير فإنه سيشارك في إصلاح المجتمع''.