كشف عبد العال العناني مدير عام نادي الأسير الفلسطيني عن قرب احتضان الجزائر مؤتمرا دوليا حول الأسرى الفلسطينيين يندرج في إطار مساعي وزارة شؤون الأسرى والمحررين في مسعى لإعطاء بعد دولي لقضية الأسرى التي تعد من أهم المسائل الجوهرية في تسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.وأكد المسؤول الفلسطيني في حوار خص به ''المساء'' أن اختيار الجزائر لاحتضان هذا المؤتمر لم يأت من العدم وإنما لأنها ساندت ودعمت كفاح الشعب الفلسطيني عبر التاريخ ومنذ النكبة ومازالت تحافظ على رسالتها العربية والقومية تجاه مناصرة القضية الفلسطينية العادلة حتى تحرير فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. المساء: تتواجدون في الجزائر في زيارة ضمن وفد رسمي فلسطيني بقيادة وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، ما هو هدف هذه الزيارة؟ ؟ عبد العال العناني: الزيارة كان لها برنامج معد مسبقا تضمن لقاءات مع العديد من الوزراء والمسؤولين في الحكومة الجزائرية بمباركة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أكدت عمق العلاقة التاريخية التي تجمع الشعبين الجزائريوالفلسطيني. وقد تم خلال هذه اللقاءات بحث عديد المواضيع التي تخص معاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين القابعين في معتقلات الاحتلال والذين يتعرضون يوميا لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي خاصة وان هذه القضية تحتل الصدارة على مستوى الاهتمام الشعبي والرسمي الفلسطيني وهو ما جعلنا نسعى جاهدين لفضح ممارسات الاحتلال الصهيوني وتعريته أمام الرأي العام الدولي. وفي هذا الإطار عرضنا خلال لقاءاتنا بالمسؤولين الجزائريين العديد من القضايا الهامة والتي نحتاج لتمريرها لدعم الجزائر من اجل لفت انتباه العالم الصامت لمأساة الأسرى الفلسطينيين من ضمنها فكرة عقد مؤتمر دولي حول الأسرى على ارض الجزائر تمت الموافقة عليه وانبثق عن ذلك لجنة تحضيرية لإتمام إجراءات عقد هذا المؤتمر في المستقبل المنظور. كما تم التطرق إلى مسألة تأهيل الأسرى ما بعد مرحلة الاعتقال باعتبار أن هناك أعدادا كبيرة من الأسرى المفرج عنهم بحاجة إلى تأهيل نفسي ومعنوي بعد سنوات طويلة من الاعتقال إضافة إلى التأهيل في مجالات أخرى مثل التدريب المهني وإدارة المشاريع الصغيرة وقد تلقينا وعودا ايجابية من قبل الحكومة الجزائرية. المساء: في إطار مساعيكم لتدويل قضية الأسرى ما هي الإجراءات أو الخطوات المقرر اتخاذها لبلوغ هذا الهدف؟ ؟ عبد العال العناني: تزامنا مع التحضير لعقد مؤتمر دولي حول الأسرى بالجزائر يسعى نادي الأسير إلى عقد مؤتمر مماثل بالمغرب من اجل فضح وتعرية الاحتلال أمام المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية وكشف حقيقة معاناة أسرانا الذين يتعرضون لانتهاكات صارخة تهز الضمير الإنساني الدولي ونعتقد انه عبر هذه المساعي يمكن لجم إسرائيل وإحراجها أمام العالم اجمع. المساء: كم يبلغ عدد الأسرى في معتقلات الاحتلال؟ ؟ عبد العال العناني: يتراوح حاليا عدد الأسرى في معتقلات الاحتلال ما بين 7500 أسير إلى 8000 منهم ما يقارب 400 طفل و38 أسيرة منهن من صدر في حقها السجن بالمؤبد ومنهن أمهات. كما يوجد 150 أسيرا أمضوا أكثر من 20 عاما في المعتقل وهناك أكثر من 15 أسيرا امضوا أكثر من ربع قرن وثلاثة أسرى أكثر من 30 عاما. ونحن نتساءل إلى متى تستمر معاناة هؤلاء الأسرى في ظل التعنت الإسرائيلي واستخدام هذه القضية كورقة استفزاز من قبل إدارة الاحتلال. المساء: هل يمكن نقل ولو صورة بسيطة عن معاناة الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال ؟ ؟ عبد العال العناني: من بين ما يمكن الإشارة إليه حرمان أو فرض حصار شامل على الأسرى وفرض سياسة العقاب الجماعي من خلال حرمان الأسرى من زيارات ذويهم وتعريضهم لعمليات تفتيش مهينة ومذلة من خلال تكبيلهم وخلع ملابسهم والعبث بأغراضهم الشخصية. كما يزج بمئات الأسرى في زنزانات انفرادية في سياق سياسة ممنهجة للتأثير على الحالة النفسية للأسير الذي يجد نفسه في غرفة مظلمة لأيام وأسابيع وشهور معزولا عن العالم الخارجي. إضافة إلى ذلك تجاهل الحالات المرضية المزمنة وعدم تقديم الرعاية الصحية الأولية والتي أدت في عديد المرات إلى الوفاة كان آخرها وفاة الشاب الأسير رائد ابو حمادة قبل أسبوعين فقط جراء تعرضه للضرب المبرح في معتقل بئر سبع، حيث اكد تقرير الطبيب الشرعي أن الشهيد تعرض لعدة ضربات كانت إحداها على مستوى العمود الفقري مما أدى إلى وفاته على الفور. وتنفذ هذه الانتهاكات الخطيرة فرق خاصة معروفة باسم ''نحشن'' و''مدساة'' التي تعد القوة الضاربة والرادعة تابعة لإدارة مصلحة السجون. ناهيك عن اعتقال الأطفال القاصرين دون سن 12 إلى 15 عاما واعتقال كبار السن وعدم التعامل بأخلاق معهم وللأسف فإن هذه الجرائم ترتكب بعيدا عن عدسات الكاميرات ومختلف وسائل الإعلام الدولية. المساء: هل بحوزتكم معلومات حول قضية الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط المحتجز لدى المقاومة الفلسطينية والى أين وصلت المفاوضات بشأنها؟ ؟ عبد العال العناني: بالنسبة لهذه القضية العالم كله على علم بالجندي الإسرائيلي الذي احتجزته المقاومة الفلسطينية بينما الآلاف من الأسرى الفلسطينيين لم يذكرهم احد بالمستوى المطلوب. لكن المؤكد أن قضية شاليط كشفت عن حقيقة وهي انه في ظل الانغلاق السياسي الذي تمارسه حكومة الاحتلال فإن السبيل الأنجع لتحرير اكبر عدد من الأسرى يبقى عن طريق خطف المزيد من الجنود الإسرائيليين لجعلهم ورقة ضغط في يد مقاومة تحمل إدارة الاحتلال على التفاوض وحتى الانصياع لمطالب المقاومة بشان إطلاق سراح الأسرى. والمؤكد أن إسرائيل سترضخ عاجلا أو آجلا لمطلبنا في الإفراج عن أسرانا. المساء: هل لديكم معلومات حول القائمة الاسمية الخاصة بالأسرى الذين تفاوض حركة حماس لإطلاق سراحهم؟ ؟ عبد العال العناني: نحن إذ ندعم المطالب المعلنة من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية بالإفراج عن ذوي المحكوميات العالية وعمداء الأسرى والأطفال والنساء والحالات المرضية المزمنة فإن هذه المطالب تشكل حالة إجماع وطني فلسطيني وهو ما لا يروق لقادة حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة والتي تعتبر نفسها أنها ستدفع ثمنا باهظا عندما ترى هذه الصفقة النور. وأشير إلى أن إسرائيل اتخذت في الآونة الأخيرة عدة إجراءات تصعيدية بحق المعتقلين وسنت قوانين جائرة لتضييق الخناق عليهم بهدف الضغط على لجان المقاومة حتى تستطيع تحقيق مكاسب في المفاوضات الجارية حول قضية شاليط من خلال إنزال سقف المطالب إلى أدنى المستويات. المساء: ألا تعتقدون أن وجود خلافات بين حركتي فتح وحماس أثر سلبا على تقدم المفاوضات في هذه القضية؟ ؟ عبد العال العناني: قضية الأسرى هي قضية إجماع وطني وليست قضية تفريق حتى ولو كانت هناك اختلافات في وجهات النظر بين مختلف فصائل العمل الفلسطينية فإن هذه القضية بالتحديد تبقى قضية إجماع وطني يلتقي حولها جميع الفرقاء. ويجب أن تلعب قضية شاليط دورا في توحيد الصف الفلسطيني خاصة وان الأسرى المزمع الإفراج عنهم ليسوا من أبناء فصيل على حساب فصيل آخر بل من جميع فصائل المقاومة والعمل الوطني الفلسطيني. المساء: هل تشاركون في المفاوضات الخاصة بإبرام صفقات لتحرير الأسرى بصفتكم مؤسسة تابعة لوزارة شؤون الأسرى والمحررين تعنى بشؤون هذه الفئة وتدافع عن حقوقهم؟ ؟ عبد العال العناني: في العادة يتم تشكيل لجنة مختصة لبحث قضايا الأسرى على طاولة المفاوضات مع طرف إسرائيلي بحيث يكون وزير الأسرى عضوا في هذه اللجنة التفاوضية ولكن ما هو القائم الآن أن لجنة الأسرى مشكلة بقرار من الرئيس الفلسطيني غير أن الجانب الإسرائيلي لم يبد أي استعداد للتفاوض مما افشل عمل اللجنة، وأكثر من ذلك فإن هذه القضية يتم تناولها من طرف واحد حيث أن إسرائيل هي التي حددت القائمة الاسمية للمفرج عنهم في الصفقات المبرمة سابقا وكأنه لا يوجد شريك فلسطيني يتعامل معه. لكن بالنسبة لنا تبقى الأولوية هو الإفراج عن الأسرى ذوي المحكوميات العالية والمرضى والنساء والأطفال دون التخلي عن مطلبنا الأساسي وهو تبييض السجون لأنه لا يمكن الحديث عن أي سلام حقيقي وعادل دون إطلاق جميع الأسرى ضمن سقف زمني محدد. المساء: ما هو جديد القرار الإسرائيلي القاضي بترحيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة بحجة التسلل إلى أرض هي أرضهم؟ ؟ عبد العال العناني: إعلان إسرائيل نيتها ترحيل عدد من الفلسطينيين إلى قطاع غزة الهدف منه الضغط على الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية الضاغطة على المستوى الدولي والتي تمكنت من إحراج إسرائيل من خلال تمسكها بمبادرات السلام العربية والدولية وطالبت بتطبيق قرارات الشرعية الدولية من اجل العودة إلى طاولة المفاوضات وتوفير المناخ الملائم لنجاح تلك المساعي من خلال المطلب الفلسطيني القاضي بوقف الاستيطان وتحديدا في القدس الشريف والكف عن الممارسات الهادفة إلى تهويد معالم المدينة المقدسة وترحيل أبناء القدس وهدم البيوت وإطلاق العنان لعربدة المستوطنين وممارساتهم العنصرية بحق الفلسطينيين. وفي أولى نتائج هذا القرار تم ترحيل أسير فلسطيني تم الإفراج عنه الى قطاع غزة رغم انه يقطن في الضفة الغربية والذي اضطر إلى الاعتصام في خيمة أمام احد الحواجز الأمنية الإسرائيلية احتجاجا على طرده. المساء: في الأخير ماذا تنتظرون من العرب ككل؟ ؟ عبد العال العناني: ننتظر أن يكون لهم موقف فاعل وليس مجرد شعارات لأن الشعب الفلسطيني لا يريد مجرد كلمات شجب واستنكار وإنما يريد أن ترتبط الأقوال بالأفعال. فهذا الشعب الذي يعاني الأمرين بسبب الاحتلال هو جزء بسيط من الأمة العربية ويقع على عاتق المسؤولين العرب والشعوب العربية مهمة نصرة الشعب الفلسطيني على كل المستويات الدعم المعنوي والمادي وعبر الدعوات لحركات احتجاجية في العواصم العربية التي سيكون لها تأثير كبير في أسماع صوت قضيته العادلة في جميع أنحاء العالم. المساء: هل يمكن تقديم نبذة عن نادي الأسير ؟ ؟ عبد العال العناني: فكرة إنشاء نادي الأسير انبثقت من رحم معاناة الأسرى وقد أسسه عدد من الأسرى القدامى المحررين وذوي التجربة من اجل توفير مظلة لرعاية الأسرى وذويهم. ويعتبر المؤسسة الأولى التي لديها مكتب رئيسي وفروع في مختلف محافظات الضفة الغربية. ويتركز عمل نادي الأسير في توفير التواصل مع الأسرى من خلال زيارة المحامين والاطلاع على ظروفهم المعيشية ومشاكلهم داخل المعتقلات إضافة إلى تمثيلهم أمام المحاكم العسكرية عبر تخصيص محامين أكفاء للدفاع عنهم. كما تتولى المؤسسة مهمة تنظيم النشاطات التضامنية المتواصلة عبر المهرجانات والمسيرات والتظاهرات لإبقاء هذه القضية حية وتحت الأنظار.