الرئيس بوتفليقة يشدد على إشراك البلدان النامية في اتخاذ القرارات دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس إلى تعزيز تمثيل البلدان النامية في المؤسسات الدولية وإشراكها إشراكا فعليا في عمليات اتخاذ القرار، مشددا على أن القارة الإفريقية ب53 بلدا ومليارا من السكان لا يمكنها أن تبقى قابعة على هامش مجريات صناعة القرار الدولي وتكتفي بموقف المتفرج الذي يكابد العواقب الوخيمة لهذه القرارات. واعتبر الرئيس بوتفليقة في مداخلة حول مكانة إفريقيا في الحكامة العالمية ألقاها بمناسبة قمة إفريقيا-فرنسا بمدينة نيس الفرنسية أن رشاد الحكم العالمي يفرض تعزيز تمثيل البلدان النامية في المؤسسات الدولية وإشراكها إشراكا فعليا في عمليات اتخاذ القرار، لاسيما في ظل تعددية الأقطاب التي نشهد بروزها اليوم، مؤكدا بأنه يتعين على المؤسسات المالية الدولية أن تعزز عضوية البلدان النامية عامة والإفريقية بوجه أخص. وفي حين أوضح بأن هذا المطلب، يمثل إصلاحا تنشده بلدان الجنوب منذ عقود وعقود خلت، وأن مصداقية الزعامة التي أظهرتها خلال العقد المنصرم تسوغ للقارة طموحات مشروعة بهذا الشأن، أشار الرئيس إلى أن إفريقيا تصبو إلى الخروج من وضعيتها الحالية كقوة كامنة لترتقي إلى وضعية قطب جديد للتنمية، وذلك من أجل الاضطلاع بالدور الذي يؤول لها في الحكامة العالمية. ولدى إبرازه تنامي دور إفريقيا ومكانتها في الساحة الدولية، ذكر السيد بوتفليقة بما قدمته القارة من دليل وبرهان على نضجها وحزمها خلال مفاوضات ''كوبنهاغن'' حول التغيرات المناخية، وموقفها المشترك حول الإصلاحات الأممية، الذي كرسه توافق ''إيزولويني'' والذي يترجم على حد تأكيده، ''إرادة إفريقيا وعزمها على العمل في كنف الوحدة والتضامن وعلى توحيد كلمتها''، مؤكدا في هذا الصدد بأن إفريقيا ''يحذوها اليقين من أن التحديات الشاملة تقتضي الحلول الشاملة التي يدلي فيها كافة الشركاء بدلوهم''. كما أوضح رئيس الجمهورية بالمناسبة بأن الشراكة بين إفريقيا ومجموعة الثمانية أتاحت في إطار الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) إقامة حوار منتظم وصريح ومثمر حول قضايا التنمية والسلم والأمن، بما يخدم المصلحة المشتركة للطرفين. داعيا إلى ضرورة الحرص على تواصل وتعزيز هذه الشراكة أكثر فأكثر. وفي مداخلته في الجلسة الثانية التي خصصت لقضايا السلم والأمن، أكد السيد بوتفليقة أن الاتحاد الإفريقي مستعد لتكثيف المشاورات في سبيل شراكة حقيقية من أجل السلم في إفريقيا، يتم فيها تحديد المسؤوليات بجلاء وتوضيح دور كل طرف بقدر ملموس، وبشكل يجعل من البنية المعدة لخدمة أهداف الوقاية من النزاعات وتسييرها وتسويتها إطارا عمليا وفعالا. واعتبر أن شراكة كهذه ينبغي أن تتدعم بالعمل سويا من أجل تعزيز القدرات القارية والآليات العملياتية الموجهة لتعزيز منظومة الأمن الجماعي، والوقاية من الأزمات الكامنة وتحجيم النزاعات المعلنة وترقية تسويتها المستدامة. مؤكدا بأن قضية السلم والأمن تشكل هاجسا بالنسبة لإفريقيا، كون استمرار النزاعات وبؤر التوتر يحد من قدراتها ويعوق جهودها من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتمتع شعوبها بالرفاه. وأوضح في هذا الصدد بأن إصرار إفريقيا على مواجهة آفة النزاعات ورفع تحدي السلم والأمن يؤكده جليا العقد التأسيسي للاتحاد الإفريقي وبرنامج الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد)، مشيرا إلى أن هذا الإصرار يقوم على اعتماد إفريقيا لمسارات وآليات تسوية النزاعات وإدارتها وتعزيز السلم والأمن. كما ذكر الرئيس بأن الاتحاد الإفريقي وضع منظومة أمن جماعي وهندس بنيته للسلم والأمن وشارك من خلال آلياته المتمثلة في مجلس الأمن والمفوضية في دفع مسارات السلام قدما وفي تحقيق تقدم معتبر على درب إعادة السلم والاستقرار وتعزيزهما، مشيرا إلى أن الأزمات المتولدة عن العمليات الانتخابية والتغييرات الحكومية المنافية للدستور تشكل هي الأخرى مشكلة كبرى انكبت القارة على حلها من أجل تأمين تسيير المسار الديمقراطي. وبالمناسبة أثنى الرئيس بوتفليقة على المساعي التي قام بها الأفارقة لصالح إعادة السلم والأمن، والتي تشكل إسهاما كبيرا في المسعى الشامل المتوخى لتهدئة النزاعات وتسويتها، غير أنه اعتبر في المقابل بأن هذه المساعي والجهود تبقى بحاجة إلى مساندة أكبر من شركائها على المستويات المالية واللوجستية والتكوينية. ودعا في هذا الخصوص جميع الشركاء والأوروبيين منهم على وجه خاص، إلى تحمل قسطهم من المسؤولية لمرافقة البلدان الإفريقية في جهودها من أجل رفع التحديات العديدة. فيما أعرب من جانب آخر عن ارتياحه لاستجابة مجلس أمن الأممالمتحدة لنداء الاتحاد الإفريقي الداعي لتعزيز مكافحة تمويل الإرهاب وإدخاله ضمن لائحته 1904 بنود تجرم دفع الفدية للجماعات الإرهابية، مقدرا بأنه بعد الجهود الكبيرة التي تم بذلها فيما يخص مكافحة الإرهاب، من الضروري تعزيز الترسانة القانونية بتبني مشروع الاتفاقية الشاملة لمكافحة هذه الآفة. ويشارك رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة رفقة حوالي 40 رئيس دولة وحكومة في أشغال القمة ال25 ''فرنسا-افريقيا'' التي انطلقت بعد ظهر أمس بمدينة نيس الفرنسية، حيث استقبل لدى وصوله إلى قصر اكروبوليس بمدينة نيس، من قبل نظيره الفرنسي السيد نيكولا ساركوزي، الذي افتتح أشغال القمة بكلمة أكد فيها استعداد بلاده للعمل من أجل شراكة تعود بالفائدة على البلدان الإفريقية وفرنسا على حد سواء، مشيرا إلى أن فرنسا وأوروبا بحاجة إلى افريقيا قوية ومتضامنة، وأنه ''توجد اليوم بين فرنسا وإفريقيا العديد من المصالح المشتركة وأهداف موضوعية لتعزيز العلاقة الوطيدة فيما بينهما. ودعا السيد ساركوزي إلى تمثيلية أفضل لإفريقيا ضمن الحكامة العالمية والهيئات الدولية مبديا التزامه بالعمل في هذا الاتجاه عندما تترأس فرنسا مجموعة الثمانية ومجموعة ال.20 وتواصلت أشغال القمة بعد الجلسة الافتتاحية بعقد جلسات مغلقة، خصصت أشغالها لدراسة مكانة افريقيا في الحكامة العالمية وتعزيز السلم والأمن وقضايا المناخ والتنمية. ويناقش رؤساء الدول والحكومات الإفريقية وفرنسا السبل والوسائل الكفيلة بتعزيز دور إفريقيا في التصميم الجديد للحكامة العالمية وآليات دعم النظام الأمني الجماعي الذي حدده الاتحاد الإفريقي لرفع تحديات الاستقرار والسلم والأمن في القارة، حيث تبحث إفريقيا في ظل العولمة وبروز قوى اقتصادية جديدة عن مكان لها يكون أكثر تمثيلا ضمن الهيئات الدولية.