دعا رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس الإثنين بنيس (فرنسا) الى "تعزيز تمثيل" البلدان النامية في المؤسسات الدولية وإشراكها "إشراكا فعليا" في عمليات اتخاذ القرار. وقال رئيس الدولة في كلمة ألقاها حول مكانة إفريقيا في الحكامة العالمية بمناسبة قمة إفريقيا-فرنسا : "من نافلة القول إنه أمام تعددية الأقطاب التي نشهد بروزها اليوم يفرض رشاد الحكم العالمي تعزيز تمثيل البلدان النامية في المؤسسات الدولية وإشراكها إشراكا فعليا في عمليات اتخاذ القرار". وأوضح رئيس الدولة في ذات الشأن "من البديهي أنه يتعين على المؤسسات المالية الدولية كذلك أن تعزز عضوية البلدان النامية عامة والإفريقية بوجه أخص" مضيفا بأن "الأمر يتعلق ههنا بإصلاح تنشده بلدان الجنوب منذ عقود وعقود خلت". هذا واختتمت اشغال الاجتماع الذي عقد في جلسة مغلقة بمناسبة قمة افريقيا-فرنسا ال25 والمكرس لمكانة افريقيا في الحكامة العالمية بعد ظهر أمس الاثنين بمدينة نيس الفرنسية بمشاركة العديد من رؤساء الدول والحكومات من بينهم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة. وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس بوتفليقة فخامة الرئيس السادة أصحاب الفخامة والدولة رؤساء الدول والحكومات أصحاب المعالي والسعادة حضرات السيدات والسادة تطرح الحكامة العالمية على أيامنا إشكالية التكيف مع التطورات التي ما فتئ مسار العولمة يشهدها والتي تعمق أكثر فأكثر الترابط بالتبعية بين الاقتصاديات. ولا بد لنا أن نسجل أن عوامل اللااستقرار والأزمات تحد من فوائد الإنعاش الإقتصادي. إن إفريقيا تصبو إلى الخروج من وضعيتها الحالية كقوة كامنة لترتقي إلى وضعية قطب جديد للتنمية. وهي بهذا تنوي الاضطلاع بالدور الذي يؤول لها في الحكامة العالمية. ذلك أن مصداقية الزعامة التي أظهرتها خلال العقد المنصرم تسوغ لها طموحات مشروعة بهذا الشأن. بإمكاننا أن نحسب لإفريقيا إنجازات قارية كبرى تليق بمقام قارة عقدت العزم على التكفل بمصيرها من مثل تحويل منظمة الوحدة الإفريقية إلى اتحاد إفريقي له هياكل تتساوق ومقتضيات الساعة و اعتماد الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) كاستراتيجية إفريقية للتنمية المستدامة أو الآلية الإفريقية للتقويم من قبل النظراء المنبثقة عنها من أجل تعزيز رشاد الحكم و دولة الحق والقانون في القارة. كما قدمت إفريقيا الدليل والبرهان على نضجها و حزمها خلال مفاوضات كوبنهاغن حول التغيرات المناخية المفاوضات التي ستمضي فيها قدما من منطلق روح الوحدة والانسجام ذاتها إلى موعد مكسيكو القادم. إن الاتحاد الإفريقي قد عكف حال نشر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول إصلاحات منظومة الأممالمتحدة سنة 2004 على صياغة موقف مشترك يأخذ في الحسبان في الآن نفسه تطلعاته المشروعة والمسؤوليات التي يعتبر أنها مسؤولياته في إسهامه في تسيير شؤون العالم. والموقف المشترك هذا حول الإصلاحات الأممية كرسه توافق إيزولويني الذي يترجم إرادة إفريقيا وعزمها على العمل في كنف الوحدة والتضامن وعلى توحيد كلمتها. إن إفريقيا ليحدوها اليقين من أن التحديات الشاملة تقتضي الحلول الشاملة التي يدلي فيها كافة الشركاء بدلوهم. و من نافلة القول إنه أمام تعددية الأقطاب التي نشهد بروزها اليوم يفرض رشاد الحكم العالمي تعزيز تمثيل البلدان النامية في المؤسسات الدولية وإشراكها إشراكا فعليا في عمليات اتخاذ القرار. لقد أتاحت الشراكة بين إفريقيا و مجموعة الثمانية في إطار الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد) إقامة حوار منتظم و صريح ومثمر حول قضايا التنمية و السلم و الأمن بما يخدم المصلحة المشتركة للطرفين. و إنه ليتعين علينا الحرص على أن تتواصل هذه الشراكة و تتعزز أكثر فأكثر. إن مجموعة العشرين قد نجحت أمام الصدمات المتتالية التي هزت الاقتصاد العالمي في فرض نفسها كمنتدى رئيسي لمناقشة و تحديد القواعد المدعوة لتأطير التعاون الدولي و ضبط النشاط الاقتصادي العالمي من أجل استئناف و مضاعفة وتيرة رقي اقتصادي واجتماعي يخدم المجموعة الدولية قاطبة. إن أهمية الرهانات المتواجدة و التحديات الواجب مغالبتها لإنعاش الاقتصاد العالمي انعاشا مستداما و اتقاء أزمات جديدة لتقتضي تعزيز التشاور من خلال توسيع يفضي إلى ضمان تمثيل أكثر إنصافا. فالقارة الإفريقية بثلاث وخمسين بلدا و مليار من السكان لا يمكنها أن تبقى قابعة على هامش مجريات صناعة القرار الدولي وأن تكتفي بموقف المتفرج الذي يكابد مكابدة سلبية العواقب الوخيمة لهذه القرارات. إن إفريقيا ترى أنه من حقها المنافحة من أجل توسيع لمجموعة العشرين يذهب على غرار الحاصل مع مناطق أخرى من العالم أبعد من إدماج بعض من أعضائها و مؤسساتها من مثل الاتحاد الإفريقي ولجنة رؤساء الدول والحكومات لتوجيه الشراكة الجديدة من أجل تنمية إفريقيا (نيباد). من البديهي أنه يتعين على المؤسسات المالية الدولية كذلك أن تعزز عضوية البلدان النامية عامة والإفريقية بوجه أخص. إن الأمر يتعلق ههنا بإصلاح تنشده بلدان الجنوب منذ عقود و عقود خلت. إن أكثر الحلول فعالية من أجل تنمية مستدامة إنما يمكن استقاؤها من معين التشاور الشامل والتشاركي والشفاف. وتشكل الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا الصدد ولا ريب الإطار الأمثل للقيام بهذا الإصلاح لفائدة قاطبة المجموعة الدولية. إن الجهود الكبيرة التي تجشمتها إفريقيا لإيجاد محيط موات لتنميتها لا يمكنها أن تتوافق مع محيط دولي يفتقر إلى التجانس بل يتسم بالعدائية. و من منطلق روح المسؤولية و التشاور ينبغي بداهة أن يعني رشاد الحكم الذي أنزلته إفريقيا منزلة الأولوية ضمن شروط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وطنيا وجهويا و قاريا النسق الدولي هو الآخر. أشكركم على كرم الإصغاء."