شكل موضوع ''الاستراتيجية العسكرية في ظل عولمة التهديدات'' محور نقاش ندوة ''الشعب'' الفكرية أمس، حيث أكد الباحث الاستراتيجي نور الدين عمراني خلالها أن 23 ألف رأس نووي تملكها القوى العظمى تهدد العالم بالزوال، وأن الحسرة كبيرة على الدول الفقيرة التي لا تستطيع تأمين نفسها نوويا خاصة وأن الأمر يستدعي موارد مالية طائلة وخبرة علمية كبيرة. وأوضح السيد عمراني أن الحديث عن تحقيق عالم خال من السلاح النووي يقتضي توفير شروط سياسية وأمنية أكثر منها عسكرية، وأن الأمر يتعلق بالإرادة السياسية لدى الدول القوية التي تملك أكبر عدد من الرؤوس النووية وأبحاثا لتطوير الأسلحة النووية الحالية، على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية، روسيا، بريطانيا، الصين وفرنسا. وبالرغم من إعلان هذه الدول خوض مساع للحد من انتشار الأسلحة النووية إلا أن ذلك يبقى مجرد خطابات بعيدة عن الواقع، وذكر المتحدث في هذا الصدد برد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على نظيره الأمريكي باراك أوباما حينما دعاه إلى اتفاقية الحد من انتشار النووي قائلا ''نحن نعيش في عالم واقعي، وليس في عالم افتراضي''. في المقابل يضيف السيد عمراني أن الولاياتالمتحدة سخرت مبلغ مليار دولار لآفاق 2011 لتطوير وعصرنة الأسلحة النووية الحالية في المجال السلمي، ولكنها في الوقت نفسه تحاصر إيران لمنعها من تخصيب اليورانيوم حيث تراه الخطر القادم في السنوات المقبلة من خلال سعيه لإقامة رؤوس نووية عسكرية، رغم تأكيد طهران في كل مرة بأن أبحاثها سلمية بدليل أنها تخضع لعملية تفتيش دورية تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية والدليل على ذلك توقيعها على معاهدة حظر الانتشار النووي في العالم، وأن الضجة التي تثيرها الولاياتالمتحدةالأمريكية حول البرنامج النووي الإيراني مفتعلة وتهدف إلى إبقاء إيران تحت رحمة القوى النووية الكبرى في مجال التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، لاسيما وأن الطاقة النووية هي طاقة بديلة للنفط. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف قد وقعا في العاصمة التشيكية براغ شهر أفريل الماضي على معاهدة جديدة لخفض الأسلحة الاستراتيجية باسم (نيو ستارت) خلفا للمعاهدة المنتهية ديسمبر ,2009 وتنص على السماح للولايات المتحدة باستخدام المجال الجوي الروسي لنقل الجنود إلى أفغانستان وتخفيض أعداد الرؤوس النووية الاستراتيجية لدى البلدين بنسبة 30 بالمائة. غير أن أحكام الاتفاقية لا تشمل الأسلحة المخزنة بل المنشورة فقط. وتخلف المعاهدة سابقتها ''ستارت ''1 التي أبرمت عام ,1991 إذ يتم بموجبها تخفيض الرؤوس النووية العاملة إلى 1550 رأسا التي تنشرها روسياوالولاياتالمتحدة، ويملك البلدان 90 بالمائة من أسلحة العالم النووية. وجاء التوقيع بعد ثلاثة أيام من إعلان إدارة أوباما استراتيجية نووية جديدة تقلص دائرة الدول التي يمكن أن تستخدم الأسلحة النووية ضدها. وكان أوباما قد شدد خلالها على سعيه نحو عالم آمن خال من السلاح النووي، وهي السياسة التي أعلنها من قبل رغم أنها لن تتحقق كاملة خلال فترة رئاسته، وأكد أن الاتفاقية خطوة واحدة في رحلة طويلة من أجل الحد من التسلح النووي، وأنها يجب أن تحظى بموافقة الكونغرس الأمريكي والبرلمان الروسي لتدخل حيز التنفيذ. وقال السيد عمراني أن الأسلحة النووية تندرج ضمن الاستراتيجية العامة للبلاد وهي سياسية أكثر منها عسكرية، والتحكم في زمامها يعتبر أمرا شديد الصعوبة والتعقيد والأكثر من ذلك فهو مكلف جدا بالنسبة لدول الجنوب، وتحاول القوى الكبرى البحث عن حل لتأمين حياة مطمئنة وآمنة في ظل هاجس التوتر الذي تعرفه بعض المناطق في العالم.